الابتعاث ومحاربة الإرهاب
لا شيء أكثر من العلم والمعرفة جلبا للأمن والاستقرار والتطور الاقتصادي والاجتماعي، ولا شيء مثل العلم محاربة للجهل والتخلف والارهاب، ولا شيء مثل العلم احتراما للدولة والقوانين والأنظمة والتطلع لبناء المستقبل، وحجز مكانة لائقة بنا تحت الشمس.بالأمس كانت كلمة ولي العهد الأمير سلمان أمام أبنائه المبتعثين في فرنسا، وتأكيداته لهم على أهمية العلم في تعزيز معالم الوحدة والأمن والاستقرار، كلمات كانت تؤكد أن هناك استراتيجية وطنية عليا تضرب بالعلم هامة الإرهاب والجهل والتخلف.حرص ولي العهد حفظه الله على اللقاء بالطلبة المبتعثين وزيارة اليونسكو وتأكيد الحضور الثقافي والحضاري لما تمثله المملكة من مرجعية عربية إسلامية مهمة، لها مكانتها العالمية، ولها قصب السبق في محاربة الإرهاب، ومواجهته، وتجفيف منابعه، والتعاون والجهود الدولية الرامية لمحاصرته، لهو تأكيد على أن المملكة تحمل منارة العلم والمعرفة لتضيء الطريق أمام من حاولوا اختطاف الدين، وممن أعطوا صورة سالبة ومسطحة عن الإسلام والمسلمين.اللقاءات الثقافية في زيارة ولي العهد إلى عاصمة الثقافة والحضارة في باريس، هي جهود حثيثة لفريق من الشباب السعودي المبدع والمتميز في اليونسكو والدائرة الثقافية والإعلامية في سفارة خادم الحرمين الشريفين في باريس، والتي قامت بجهود مكثفة للدفاع عن الإسلام وصورة المملكة لدرجة أن عددا كبيرا من المثقفين والمفكرين الفرنسيين قدموا للمملكة للاطلاع على واقع المجتمع السعودي وحراكه الأدبي والثقافي والأكاديمي، ولمسوا عن قرب التطور الحاصل في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.من حق ولي العهد حفظه الله أن يفخر بأبنائه المبتعثين في مختلف التخصصات، أن يفخر بالدور الكبير الذي تقوم به سفارة خادم الحرمين الشريفين التي استطاعت بجهود تفاهمية مع الجانب الفرنسي للحصول على مقاعد تعليمية متخصصة في العلوم والطب والهندسة، وبخاصة في جوانبها العملية والتطبيقية.ولي العهد حفظه الله حرص على تذكير المبتعثين بأنهم يمثلون بلدهم المملكة العربية السعودية، ويمثلون الإسلام الحضاري والإنساني، وأن المملكة ترتكز منطلقاتها على الإسلام والعروبة، وهي مكانة عالية تتطلب أن نكون بحجمها دائما وأبدا، وكما هي عز لشعب المملكة، فإنها أيضا تمثل مسؤولية كبرى أمام العالم، وجزء من هذه المسؤولية هي عودة المبتعثين لخدمة وطنهم ومواطنيهم وقيادتهم.إن ابتعاث الطلبة السعوديين للخارج رغم كلفتها الكبيرة، إلا أنها توضح أننا بلد يستثمر في مواطنيه، يستثمر في المستقبل، في الأمن والاستقرار، بدلا من الاستثمار في الفوضى والحروب والاقتتال التي كلفت دولا مجاورة مئات المليارات، وأعادت هذه الدول الى عهود تاريخية سابقة، من الفوضى والحروب الأهلية الدامية، وتدمير المنشآت الحيوية، وكسر قوانين التسامح الوطني والاجتماعي، وتحطيم السلم الأهلي.بلدنا ولله الحمد يستثمر في الأجيال السعودية القادمة التي سيكون لها الدور الأكبر في تطوير الدولة والمجتمع، وتعزيز الأمن والاستقرار الوطني، وفي محاربة الجهل والتخلف، وفي الوقت ذاته يحارب الإرهاب والتطرف والفكر الضال والمنحرف، لتبقى بلدنا مشعل نور وهداية ورعاية للإسلام وخدمة لبيوت الله وزائريها من كل حدب وصوب.