د- ماهر مقبول شريف

آفاق علمية

يوجد فارق كبير في درجات الحرارة بين الطبقة العليا والطبقة التي تليها إلى الأسفل في مياه بحار خط الإستواء و ما دون خط الإستواء. حيث تصل الحرارة إلى 20 درجة مئوية عند سطح البحر, وتنخفض إلى ما يقارب درجة التجمد على عمق 1000 إلى 2000 متر تحت سطحه. يمكن بهذا الفارق في درجات الحرارة تشغيل توربينات ضخمة قادرة على توليد طاقة كهربائية بقوة مقداراها 1 ميغاوات للتوربين الواحد على مدار الساعة, وبتأثير لا يكاد يذكر على البيئة المحيطة بها. يُعرف هذا الأسلوب لتحويل طاقة المحيطات الحرارية إلى طاقة كهربائية بـ .Ocean Thermal Energy Conversion (OTEC)بمقدور محطات الطاقة هذه تحلية مياه البحر وضخها إلى المدن والمناطق المحيطة بها, بناء ورعاية مزارع بحرية تجارية لتربية الأسماك, بالإضافة إلى إمكانية إستغلال مياه الأعماق الباردة في عمليات تبريد وحدات تكييف تابعة لمنشئات واقعة على خط ساحلي قريب منها. توجد الآن فكرة لإنشاء محطة من هذا النوع على جزيرة أواهو Oahu إحدى جزر الهاواي Hawaii الأمريكية بتكلفة قدرها 80 مليون دولار. بإمكان هذه المحطة يومياً تحلية وضخ خمسة ملايين جالون من الماء الصالح للشرب, وتوليد طاقة كهربائية تتراوح ما بين 8 إلى10 ميغاوات, بالإضافة إلى 20 ميغاوات من الطاقة التي سوف تستخدم لتبريد المنشئات الساحلية للمدينة. تعمل هذه المحطات بنظام دائرة الكالينا Kalina Cycle والتي يدور بداخلها مزيج من الأمونيا والماء Ammonia-Water كمحلول تبريد Working Fluid. تقوم الطبقة الدافئة من مياه البحر بنقل الحرارة المخزنة فيها إلى المزيج عندها يتبخر فيقوم بدفع التوربين للدوران والذي بدوره يولد الطاقة الكهربائية. بعدها ينقسم الخليط إلى ما يسمى بغاز الأمونيا الغني Ammonia-Rich وغاز الأمونيا الضعيف Ammonia-Poor, ليعود ويتكثف أثناء مروره عبر أنابيب تبريد تستمد برودتها من طبقة مياه البحر الباردة. هناك من يعتقد بأن هذا المشروع لن ينجح وأنه أفكوهة, وهناك أيضاً من يعتبره قمة في الإبداع ويقترح إنشاء محطات من هذا النوع بطاقة توليد تصل إلى 100 ميغاوات من الطاقة الكهربائية. من المتوقع أن يرى العالم المزيد من هذه الأفكار المبدعة في البحث عن مصادر للطاقة أقل تكلفة و أنظف للبيئة من المصادر المعروفة حالياً. فالطريق إلى الهدف المنشود قد يكون دائماً مكللاً بالمتاعب والعراقيل, ولكن عند تحقيق الحلم المرتجى تهون معه تلك الصعاب فيفرح بنجاحه الذي طالما تاق إليه.