صندوق الثروة الليبي يرفع قضية على «جولدمان» مطالبًا بتعويضات مالية
وفقًا للأدلة المقدمة في جلسة المحاكمة في لندن قبل يومين، انفعل مسؤول في سلطة الاستثمار الليبية، أثناء اجتماع مع مصرفيين من بنك جولدمان ساكس في عام 2008 في طرابلس، وقال إن البنك «ألحق الأذى والخراب» في صندوق الثروة السيادية الليبي. مصطفى زارتي، المسؤول السابق في سلطة الاستثمار الليبية، بلغ منه الغضب مبلغاً حول الاستثمارات التي منيت بخسائر كبيرة، إلى درجة أنه قام بسب اثنين من المصرفيين، وهما يوسف كباج ونيك بينتريث، باللغتين الإنجليزية والعربية، بعد أن شكك في بعض التداولات والتعاملات التي دخل فيها الصندوق مع بنك جولدمان ساكس في عام 2008، وفقاً لما قالته كاثرين ماكدوجال، وهي محامية في إحدى شركات المحاماة في لندن تم تعيينها بصفة مؤقتة إلى سلطة الاستثمار الليبية في ذلك الحين. وقالت ماكدوجال، التي كانت تدلي بشهادتها في بيان تم إعداده للشهادة في قضية رفعتها سلطة الاستثمار الليبية ضد جولدمان ساكس، حيث طالبت بتعويض قدره مليار دولار، إن زارتي انفعل وقال «اخرجوا من بلادي». وبعد ذلك جمع المصرفيان أشياءهما وغادرا بسرعة. ورفع صندوق الثروة السيادية الليبية قضية على جولدمان ساكس مطالباً بتعويض حول الاستثمارات الخاسرة التي تمت في عام 2008، حيث قال إن البنك استغل عدم خبرة سلطة الاستثمار الليبية وقام ببيع مشتقات خطرة. وتعتبر القضية الحالية أكبر قضية من عشرات الدعاوى التي أقيمت في المحاكم البريطانية ضد عدد من البنوك، حيث رفع عدد من المدعين، من مختلف الخلفيات، مثل شركات تقديم المياه في ألمانيا، إلى مسؤولي المناطق الإدارية في إيطاليا، قضايا يقولون فيها إن البنوك باعتهم منتجات مالية رديئة وغير صالحة. وقالت ماكدوجال في بيانها إن زارتي اندفع في وابل من السباب والشتائم، حيث إنه لديه جانب طيب وجانب سيئ في شخصيته وأن بإمكانه أن يلاحق عائلاتهم». صندوق بقيمة 60 مليار دولارصندوق الثروة السيادية الليبية، الذي بلغت قيمته 60 مليار دولار وتم إنشاؤه في عهد الرئيس السابق معمر القذافي، توسع ليصبح ثاني أكبر صندوق للثروات السيادية في إفريقيا، حين أطيح بالقذافي، الذي قتل في عام 2011. وتبين أن بعض استثمارات الصندوق كانت كارثية، ما أدى إلى محاولات لعقد صفقات بهدف إعادة الهيكلة، وتحقيقات من قبل الأجهزة التنظيمية، وقضايا في المحاكم تطالب بتعويضات تصل إلى مليارات الدولارات. وقد حاولنا الاتصال، عن طريق البريد الإلكتروني، بكباج، الذي ترك العمل لدى جولدمان ساكس، والمتحدث باسم زارتي، لكننا لم نتلق أي جواب. وقد امتنعت ماكدوجال عن التعليق من خلال متحدث باسم سلطة الاستثمار الليبية. استدعيت ماكدوجال من ليبيا في أغسطس 2008 بعد أن قالت لها شركتها، ألين أند أوفري للمحاماة، إن السلطة تقدمت بشكوى ضدها. وقد استقالت في الشهر نفسه من عملها دون أن يُتَّخذ بحقها أي إجراء تأديبي، وقالت في شهادتها في المحكمة: «شعرت بألم كبير من هذه التجربة». ولم نستطع الاتصال مع بينتريث، الذي ترك العمل لدى جولدمان في عام 2009 وفقاً لسجلات سلطة السلوك المالي في بريطانيا. وقد امتنعت جو كارس، وهي متحدثة باسم جولدمان ساكس، عن الرد في البريد الإلكتروني. وقالت ماكدوجال إن المصرفيين حاولا تهدئة زارتي قبل أن يخرجا من الغرفة. «نحن في هذا معاً»وأضافت قائلة: «قال كباج إن جولدمان ساكس أراد علاقة طويلة الأمد مع سلطة الاستثمار الليبية، وأن البنك لن يجني أي أموال زيادة على ما تجنيه سلطة الاستثمار الليبية من التداولات المتنازع عليها، وأن جولدمان والصندوق الليبي «في هذا معاً». يشار إلى أن القضية التي كانت جلستها قبل يومين هي الجلسة الأولى في القضية التي أقيمت في يناير. وطلبت سلطة الاستثمار الليبية أن تُنظَر القضية خلال محاكمة تستمر 30 يوماً في يناير 2016.وأثناء الجلسة ظهرت تفاصيل حول تعاملات جولدمان مع سلطة الاستثمار الليبية، وهي تفاصيل كانت موجودة لدى هيئة الأوراق المالية والبورصات في الولايات المتحدة. إدوارد الان، وهو محام بريطاني يتولى تمثيل سلطة الاستثمار الليبية في هذه القضية، قال إن هيئة الأوراق المالية والبورصات أخبرته أن التحقيق الذي تجريه يركز على «ما إذا كانت هناك دفعات نتيجة الفساد تم تقديمها إلى أطراف ثالثة من قبل جولدمان ساكس فيما يتعلق باستثمارات قامت بها سلطة الاستثمار الليبية»، وفقاً لشهادته التي ألقاها في المحكمة. وقال إن هيئة البورصات الأمريكية حصلت على «عدد لا يستهان به من الوثائق» من البنك. وفقاً لما جاء في شهادتها فإن ماكدوجال، المحامية التي تم إلحاقها بسلطة الاستثمار في عام 2008، «صُعِقت» بعد أن شاهدت العلاقة غير السليمة بين السلطة وبنك جولدمان ساكس. وقالت ماكدوجال: «إن الخط الفاصل بين الصداقة وبين المعاملة اللازمة على أساس التحفظ في العلاقة، هذا الخط كان من الواضح أنه كان مطموساً وغير واضح المعالم». رحلة باذخةوقالت إن موظفي سلطة الاستثمار أخبروها عن رحلة «باذخة» إلى المغرب وأنه «كانت هناك مشروبات كثيرة وفتيات أثناء الرحلة، التي قام بتسديد نفقاتها مصرفي من جولدمان ساكس عن طريق بطاقة الائتمان التي صرفها له البنك. وقالت ماكدوجال في شهادتها أمام المحكمة: «صُعِقْتُ بكل هذه المعلومات وعدد التساؤلات التي ثارت في ذهني بخصوص الفساد المرتبط بذلك». وقال روجر ميسفيلد، وهو محام يمثل سلطة الاستثمار الليبية، أمام قاضي المحكمة، إن الصندوق لم يفهم أنه كان يستثمر في مشتقات وليس في أسهم الشركات، وأنه لم يكن مدركاً أنه كان بمقدوره التفاوض على أحكام أفضل لصالحه بخصوص هذه التداولات. وقال: «إن ثقة سلطة الاستثمار (في البنك) كانت في غير محلها». وأثناء الجلسة قال روبرت ميلز، وهو محام يمثل جولدمان ساكس، إن ادعاءات سلطة الاستثمار حول «كرم الضيافة» من البنك هي نوع من الثرثرة وأنها «تتمتع بأساس واهن للغاية. وقال جولدمان في مستنداته المقدمة إلى المحكمة إن ماكدوجال وصلت إلى سلطة الاستثمار الليبية بعد أن تم الاتفاق على التداولات التي هي موضوع النزاع. وقال بنك جولدمان، ومقره نيويورك، في المستندات التي قدمها إلى المحكمة، إن القضية هي «من أبرز الأمثلة على ما يعرف باسم ندم المشتري». صفقات تجاريةوقال جولدمان إن سلطة الاستثمار الليبية «دخلت بملء إرادتها في صفقات تجارية ثم كانت نتيجتها سيئة بالنسبة للصندوق.» وقال البنك إن «الادعاءات الغامضة وذات الطبيعة العامة حول علاقة الثقة بين البنك والعملاء هي «غير مقنعة على الإطلاق». وقال البنك إنه حتى لو تم قبول تلك الادعاءات، فإن مزاعم سلطة الاستثمار «تقصِّر بمسافة بعيدة عن إثبات أن البنك قصَّر وأخل في أداء واجبه».وقالت سلطة الاستثمار الليبية إن البنك حاول إنشاء علاقات شخصية مع مسؤولي الصندوق. وقد عرض البنك أن يقدم تدريباً (يعرف باسم فترة الامتياز) لأحد إخوة زارتي في عام 2008، وفقاً لمستندات السلطة. وقال الان، المحامي الذي يدافع عن سلطة الاستثمار، في بيان شهادته أمام المحكمة، إن هيئة الأوراق المالية والبورصات في نيويورك أبلغته أن بنك جولدمان ربما خالف القواعد الخاصة به من حيث الالتزام، من خلال عرض فترة التدريب. وفقاً لما قاله فيرنر بينينجر، المتحدث الشخصي باسم زارتي، فقد استمرت فترة تدريب الامتياز لمدة سنة. وقال بينينجر في بيان إلى المحكمة: «لم يكن لهذا علاقة بسلطة الاستثمار الليبية وتعاملاتها مع البنك».