د.عبدالرحمن الربيعة

التطـــور المجتمعــي

النهضة التي عاشتها بلادنا العزيزة خلال الخمسين سنة الأخيرة كبيرة جداً في كافة المقاييس سواءً في الجانب الصناعي أو العمراني أو الاقتصادي أو التعليمي أو الصحي وغيرها، حيث بدأت الدولة مشكورة ببرامج التنمية من نقطة الصفر تقريباً لكي تواكب متطلبات الدولة الحديثة بخطى سريعة وبرنامج تنفيذي قصير مما أوجد ولله الحمد بنية تحتية وخدمات جيدة في وطننا المبارك.ولكن جانب التطوير المجتمعي في المملكة العربية السعودية قد أغفل بصورة كبيره جداً ولم يؤخذ بالاعتبار كجزء من برنامج التنمية الوطنية لأنه تم التركيز على المنشآت بشتى أنواعها من مبان وطرق ومصانع وغيرها وأغفل التطوير الثقافي والتربوي والفكري للشعب خصوصاً الشباب (ذكوراً وإناثاً ) مما أوجد لدينا مع الأسف أجيالا وليس جيلا من أبنائنا لا يعلم ولا يهتم أصلاً بتراث وثقافة المجتمع السعــودي الطيب والتي تأصلت من خلال سنوات طويلة من الترابط والالتزام الأخلاقي والأسري الجميل.. بل ذهب الأمر لأكثر من ذلك لبعض شبابنا بأن يعتبر الانفكاك والابتعاد عن الموروث الاجتماعي والفكري السابق أمرا يُعبّر عن التحضر والمدنية لدى الشخص والذي يحاول إظهارها علناً من خلال مختلف الظواهر الدخيلة على مجتمعنا المبارك سواءً كان ذلك بالتطرف الديني مما أوجد الإرهاب والتعصب أو الانحلال والتفكك الاجتماعي مما أوجد المخدرات والأطفال اللقطاء مع شديد الأسف.ولاشك أن كلا الأمرين غير مقبولين ويشكلان خطرا على كيان الأسرة والمجتمع وبالتالي الدولة، خصوصاً أن ديننا الحنيف أوصانا بالاعتدال والوسطية في كافة الأمور وهو ما سار عليه آباؤنا وأجدادنا من قبل في مجتمعنا السعودي الفاضل.إن الاهتمام بالتطوير المجتمعي بمختلف عناصره أمر هام جداً ويجب على الحكومة مشكورة التركيز عليه بقوة من خلال برامج تربوية وثقافية وعلمية تساعد على تأصيل مبادئ وأخلاق المجتمع السعودي الكريم الذي يتحلى بأفضل الأعراف والأخلاق الدينية والثقافية التي عاشت بيننا مئات السنين بكل لطف وخير يشمل الجميع. ويأتي هذا الاهتمام مترابطاً مع الأخذ بزمام العلم والنهضة الحضارية التي تساهم في تطوير شبابنا وتنمية وطننا العزيز.. وإلى الأمام يا بلادي.