علي بطيح العمري

الطائفية.. كيف نواجهها؟!

الطائفية تطلق على التعصب والولاء لجماعة معينة يربطها رباط عقدي، ولا أشد على المسلمين من الطائفية التي دمرتهم وفرقت كلمتهم، وما تسلط عليهم الأعداء إلا بسبب هذه الطائفية التي أعمتهم عن أن يتفقوا ويعملوا بينهم وفق المشتركات التي تجمعهم!أجمل ما في حادثة الأحساء التي حدثت الإسبوع الماضي تلك الروح الوطنية التي عمت بلادنا وتعالت أصواتها، وكانت بمثابة الرصاصة التي وجهت لرأس من يريد إذكاء الطائفية وإحداث الفوضى! وحادثة الأحساء كانت بمثابة امتحان ممتاز للمبادئ كشفت من يقف ضد الإرهاب من (كل) الطوائف ومن يقف ضد الإرهاب من (بعض) الطوائف!الإرهاب لا جنسية ولا مذهب له، لذا لا فرق بين إرهاب الأحساء وإرهاب العوامية، كلها عفن في جسم الوطن يجب استئصاله، ففي النهاية الإرهاب ليس قائمة طعام تختار ما يناسبك وما يعجبك!!وحادثة الأحساء قد يكون هدف منفذها جر المجتمع إلى الطائفية، والطائفية ما دخلت بلدا إلا أفسدته وزرعت بين مواطنيه الاحتراب، وشتتت أمنه واستقراره.والسؤال: كيف نقضي على هذه الطائفية وهناك قنوات فضائية تؤججها، ومواعظ تؤكدها، وتصريحات تدعمها، وغياب قوانين تجرمها، وجهات خارجية تشعلها وتبعثها من مرقدها؟ وقبلها هناك عوامل تساعد في اتساعها كالجهل وغياب الحوار.إدراك وجود المشكلة ومعرفة حجمها والآثار السلبية التي تترتب عليها في حد ذاته أول خطوات حل المشكلة، وتعزيز قيم الوحدة الوطنية، وتنشيط مؤسسات المجتمع المدني كلها حلول ممكنة لتخفيف حدة التوتر. هناك دول استطاعت النجاح رغم تعدد الطوائف والأديان والأقليات على أرضها ورغم الاختلافات الكبيرة بينها، فكيف لا تنجح دولنا رغم المشتركات الكثيرة التي تجمع هذه الطوائف.وفي رأيي أهم خطوات محاربة الطائفية تبدأ من الإعلام وعلى وجه أخص الفضائيات، لا يكفي أن يُطالب بإغلاق قناة واحدة بزعم أنها تذكي الطائفية ونترك عشرات القنوات التي تقابلها والعرب يمتلكون أقمار عرب سات ونايل سات!!في السيرة النبوية كانت بين الأوس والخزرج حروب طاحنة في الجاهلية فجاء الإسلام وأصبحوا إخواناً، مرّ عليهم أحد اليهود يوماً وهم في أحسن حال من التواد والتقارب فغاظه ذلك، فصمم على أن يفسد الأمر بينهم وبعث إليهم من يندس في وسطهم ويذكرهم بأيام الجاهلية وحروبها، وماذا قال الأوس وماذا قال الخزرج حتى غضب كل واحد لقومه، وقال الأوسيون يا للأوس، وقال الخزرجيون يا للخزرج، حتى سمع النبي عنهم وجاء إليهم وقال: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، دعوها؛ فإنها منتنة»، فأدركوا أن الفتنة منتنة فبكوا وألقوا السلاح واحتضن كل منهم الآخر.والذكي من يدرك قول النبي «وأنا بين أظهركم» يعلم أن من علاج الفتن الرجوع إلى سنة النبي عليه الصلاة والسلام والنظر فيها.