الهيئة الشرعية تدين 512 طبيباً!
يبدو أن أمامنا طريقا طويلا للتعامل المهني مع الأخطاء الطبية التي تتراوح أضرارها بين الأذى الجسيم والموت، ما يعزز المبدأ بوجود اختراق في كفاءة الأطباء وعموم الممارسين سببه قصور وتقصير في معايير هيئة التخصصات الطبية، إذ لا يمكن تبرير المعدلات المرتفعة في تلك الأخطاء دون وجود خلل حقيقي لا يتم التعامل معه في أهلية وقدرة أولئك العاملين في الحقل الطبي والعلاجي رغم خطورته وحساسيته المهنية.في تقرير إحصائي حديث صادر عن الهيئات الصحية الشرعية في المملكة أظهر أن الممارسين الصحيين في مجال أمراض النساء والولادة هم الأكثر عرضة للإدانة فى قضايا التسبب في حدوث الأخطاء الطبية خلال السنوات الأربع الأخيرة، يليهم العاملون في الجراحة العامة، وفي مجال أمراض الباطنة.وأوضح التقرير أن 512 طبيبا يعملون في مستشفيات وزارة الصحة مدانون ومتهمون بقضايا الأخطاء الطبية في مختلف المناطق، ويتصدر الأطباء من جنسية عربية القائمة بـ219 قضية، بما يعادل 42.8% من إجمالي المدانين، وهذه في تقديري نسبة كبيرة جداً سواء من الجنسيات الأجنبية أو السعودية، إن مثل تلك الإحصائيات إذا لم يتم التعامل معها في سياق حاسم ومعالجة مهنية من المؤكد أننا سوف نحصد المزيد من هذه الأخطاء. التخصصات الطبية لا تقوم بما يكفي لتأهيل وتدريب الأطباء السعوديين الذين يجدون مفارقات تكاد تكون جوهرية بين النظريات العلاجية والطبية التي يدرسونها والواقع التطبيقي الذي يعملون به، ولتقليص الفجوة بين النظري والعملي يتم التدريب على نطاق واسع الى أن ترجح كفة العملي على النظري ويصبح الطبيب أو الممارس مؤهلا لمباشرة الحالات الطبية، ولكن هل أحصى ذلك التقرير عدد الساعات التدريبية التي يتلقاها الأطباء لنبرر تلك الأخطاء؟ ليس هناك تدريب في الواقع على النحو المتبع في أغلب دول العالم التي تطورت في مجال الطب، ولذلك نرتفع بإحصاءاتنا الى أعلى المستويات على المستوى العالمي.أعرف كما يعرف الكثيرون أن الأطباء الذين يحصلون على البورد الكندي وهو أفضل الشهادات للممارسة الطبية الناجحة يستغرق ثلاث سنوات ودون اختبارات ويصبح الطبيب مؤهلا تماما، فيما لدينا يستغرق في بعض التخصصات ست وسبع سنوات وأيضا اختبارات معقدة كل سنة الهدف منها هو تحطيم نفسية هذا الطبيب وجعله غير قادر على اتخاذ القرار، ولا أعلم مدى أهلّية الطبيب عقبها ولكن في كل الأحوال لا اتوقع قياسه على الكندي، لماذا؟ لأن التخصصات الطبية لدينا تفتخر بالرسوب إذ تعلن أن من بين الدارسين رسب 40% وأتذكر أن هناك تخصصا في احدى السنوات لم ينجح أحد، الواقع أن بهذه العقلية تدار الأمور في هيئة التخصصات الطبية ومن الطبيعي أن نحصد مثل هذه النتائج، لأن هدف الهيئة هو أن يقول «نحن لا نؤهل أي أحد» فيما لا يوجد تأهيل حقيقي من واقع فشل المنظومة التدريبية وحصولنا في خاتمة المطاف على هذا العدد الكبير من الأخطاء.في دول العالم الأخرى لا يوجد راسبون لأنه ليست هناك اختبارات وإنما مزيد من الممارسة التدريبية حتى يتحقق المشرفون من أهلّية الطبيب ويمنحونه الإذن بالممارسة، أي لا يفخرون براسبين وإنما يؤهلون بصورة علمية وعملية حاسمة، ثم لماذا يخطئ الأطباء غير السعوديين والذين يفترض أن يحملوا شهادات رفيعة وتأهيلا عاليا بحيث يمثلون إضافة لنا وليس خصما علينا؟ ذلك خطأ آخر في التوظيف وعدم المعايرة المهنية الدقيقية التي ينبغي أن نعيد النظر فيها، وذلك ينتهي بي الى موضوع آخر في قضية التوظيف العشوائية والأقارب والتي كان آخر ضحاياها هو رفض 700 مواطنة تنافسن على أربعين وظيفة في إحدى الإدارات الحكومية معلنة دون مسوغات حقيقية للرفض.. استعرضها الأسبوع القادم بإذن الله.