العين المتألقة
كثيراً مانسمع عمن تراجعت صحته , وخسر وظيفته, ومن ساءت حياته مع زوجه, وفشل في تربية أبنائه, فإذا بحثنا عن سبب ذلك كله, وجدناه في النظرة السلبية للأمور ومتعلقاتها؛ وأقصد بمتعلقاتها هنا: كل إجراء كان أو سيكون له الأثر الكبير في تغيير مجرى حياة الإنسان إلى الأسوأ .فكل منا في حياته صادف أن وفق للحياة مع صاحب ( العين المتألقة ) المفكر الإيجابي, وتمنى أن يحمل بعضاً من صفاته, بل كان يصنفه في قائمة النوادر, ويقتفي شيئاً من أثره وهو لا يدري, إذ إن الاقتفاء أحياناً يصدر منّا بشكل عفوي غير مقصود , لسبب واحدٍ وهو أننا نُكبِر هذا الأداء الأخلاقي والنفسي الرفيع المستوى, فنتعلم منه؛ لأن الإنسان بطبيعته مجبول على الأمل وحسن الظن في الله ؛ وما هو إلا صورة جميلة من صور الفطرة الربانية .لذا جاء النهي عن قول : هلك الناس فيما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : (إذا قال الرجل هلك الناس فهوا أهلكهم «برفع الكاف أو فتحها» والرفع أشهر مع جواز الاثنين ؛ فالأولى معناها أشدهم هلاكاً، والأخرى جعلهم هالكين رواه مسلم.وهذا يؤكد أن النفس البشرية جُبلت على حب الخير والعمل به، والدعوة إليه وتتبع أثره والاهتداء بأهله، لكن ما يؤلم أن نجد صاحب النظرة السلبية المثبطة من السواد الأعظم ومن العينة السائدة في مجتمعنا على وجه العموم وعلى المستوى المهني على الخصوص، إذ إن هذا النوع من الأفراد ذو تأثيرٍ محبطٍ على الأداء، وبالتالي على حجم الإنتاجية . فمازالت الذاكرة تمر بي، حيثُ وقفت استئذانًا يوماً ما على أعضاء إحدى اللجان التي كلفت بقيادتها لاختيار المرشحات لبعض المهام الإشرافية القيادية, بأني سأتقمص شخصية المتمرد, الناقم على النظم والتشريعات المؤسسية وحامل لواء التشويه, فما فعلت ذلك إلا للاستبعاد من المنافسة ؛ مَن كان فكرها موافقاً لهذا المنهج من التفكير . وبالفعل كان تأييد العضوات لهذا الإجراء , إذ إن هذا المحك كان جديراً بأن يكون محكاً استراتيجياً في استمارة المقابلة الشخصية, لذا تألق الكثير من الشركات عندما استخدمت هذا المحك كأحد أهم المحكات الاستراتيجية في انتقاء الموظفين .فما أكثر الأزمات التي يعيشها أكبر المؤسسات التي يجب ألا تؤثر سلباً على أداء فرق العمل , ولا تحدث شقًا في الصف ؛ إذا تم اختيار العاملين على محك صناعة النجاح من محطات الأزمات .فلقد آن الأوان لأن نحتفي بالفشل والأخطاء إن كانت ستصنع منَّا رواداً للنجاح،وأخيراً : تحياتي لكل نفسٍ عرفت أن المِنَح في المِحن، وأن الأمل وحسن الظن في الله مفتاحٌ للتميز والنجاح .