الرواد
هو باسم المحيا دائما، لكن عينيه بهما شيء كبير طالما حيرني، شعاع يطل من الحدقتين فتحتار فيما وراء هذا العمق؟ من أين يأتي هذا البريق؟ ثم لمـّا تتأمل في ملامحه المريحة تجد دوما أن هذا الظل يتأرجح نتيجة سراج يجتمع بين عمق الحدقتين وهدوء الابتسامة، التي لا تكتمل ولا تخفو. وكأنه اجتماع بين اليأس والرجاء الذي يهزم اليأس، وكأن الظل يتأرجح بين الواقع الضيق والطموح الذي بلا تخوم.لما شرفني الدكتور عماد الجريفاني (أبو أحمد) لأكتب له مقدمة كتابه عن التطوع الذي ذاع وانتشر، كان ذلك السراج - الذي يرسل ظله بعيدا - موجودا بفرض القوة البهية، فهو لم يكلمني عنه، ولم يحضره لي بنفسه، وإنما طلب من ابنه أنس أن يقوم بكل ذلك، وهنا لمسة اشراقة الحدقة "ذكاء النباهة"، واقتطاف الفرصة بأناقة نبيلي العصور الماضية.يعرف جيدا د. عماد أن أنس صديقي وقريب إلى قلبي بصورة يشاهدها ويدركها كل من عرف أنس وعرفني "وعرف د عماد أيضا أنه ليس من جيلي، وان ابنه أنس هو الذي بعمري .. أو يكبرني قليلا!!" وطبعا تعرفون أن هذه مزحة واضحة وأنا من قالها لأبي أحمد. النباهة الذكية هنا هي لمسة الأناقة العاطفية ببعث الطلب مع ابنه الذي كلانا هو وأنا نحبه كثيرا. تبدو أن هذه الالتفاتة من الدكتور عماد سهلة، لكنها كمعظم الأفكار الكبيرة التي متى تبلورت بإهابها النهائي بدتْ لنا سهلة.. كسهولة الضوء وهو لغز فيزيائي عميق التركيب والحدوث والسرعة، ونقول: أهو ذرات أم موجات وتكبر التفاسير؟ إنما ما يهمنا ويلهج كياننا هو الأثر .. أثر الضوء الذي يبهج الحياة.الدكتور عماد تقدمه خبراته وجهوده بغض النظر أكانت مهنية أم محض تطوعية فكلاهما في النتيجة من تركيب ذاك الضوء كفارس المقدمة وحامل العلم في الهندسة الاجتماعية التطوعية في المنطقة. ودائما في كل مكان اجتمع به، ولا نجتمع إلا في مجلس عمل تطوعي، يكون ظل ذاك السراج، الذي يطل مِن حدقتيه ويتعلق بابتسامةٍ تتوسط البدء والبقاء، يشوح بضوئه وظله متأرجحا على الحاضرين.ربما حان لك أن تتأمل ملامح د. عماد الجريفاني .. وتطل في حدقتَيْه!