د. سعود العماري

المنافسة غير المشروعة 2-2

تحدثنا في المقال السابق عن المنافسة غير المشروعة وبيّنا أن المنظم السعودي قد جرَّم المنافسة غير المشروعة في ظل نظام المنافسة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/25) وتاريخ 4/5/1425هــ والمعدل بالمرسوم الملكي رقم (م/24) وتاريخ 11/4/1435هـ، وما زلنا نواصل الحديث حول هذا الموضوع الحيوي والمهم. والحقيقة أن المنظم حرص على المحافظة على المنافسة الحرة والحد من المنافسة غير المشروعة، حيث نص في المادة الخامسة على أنه: «يحظر على المنشأة التي تتمتع بوضع مهيمن أي ممارسة تحد من المنافسة وفقاً لما تحدده اللائحة، ومن ذلك فرض اشتراطات خاصة على عمليات البيع أو الشراء أو على التعامل مع منشأة أخرى على نحو يضعها في مركز تنافسي ضعيف بالنسبة إلى المنشآت المتنافسة. ورفض التعامل مع أي منشأة أخرى بغية الحد من دخولها للأسواق».كما تم إنشاء مجلس المنافسة بموجب المادة الثامنة من هذا النظام، تحت مظلة وزارة التجارة والصناعة، ويرأس مجلس إدارته معالي وزير التجارة والصناعة وأعضاؤه من الكوادر الوطنية المشهود لها بالكفاءة، ويتولى المجلس القيام بالعديد من المهام التي نصت عليها المادة التاسعة، ومنها الموافقة على حالات الاندماج أو التملك أو الجمع بين إدارتين أو أكثر بإدارة مشتركة قد ينتج عنها وضع مهيمن في السوق. ويفهم من هذا أن مجلس المنافسة هو الجهة المختصة بالإشراف والرقابة على عمليات الاندماج أو الاتحاد بين المنشآت التي يمكن أن يترتب عليها الاستحواذ أو السيطرة على آليات السوق، الأمر الذي يمكن أن ينتج عنه تأثير على سعر السلع أو المنتجات أو الخدمات بالزيادة أو النقصان. وفضلاً عن ذلك فقد ألزمت المادة السادسة من هذا النظام المنشآت المشاركة في عملية الاندماج أو المنشآت التي ترغب في تملك أصول أو حقوق انتفاع أو أسهم تجعلها في وضع مهيمن أن تقوم بإبلاغ المجلس كتابة قبل ستين يوماً على الأقل من إتمامها. ليمارس المجلس دوره الرقابي من خلال فحص جميع البيانات الضرورية والمعلومات والمستندات المطلوبة والإجراءات الواجبة الاتباع وفقاً لما ورد في اللائحة التنفيذية، وذلك قبل إصدار قراره بالقبول أو الرفض.وقد أجازت المادة السابعة من النظام لهذه المنشآت استكمال إجراءات الاندماج أو التملك أو الجمع بين إدارتين أو أكثر بإدارة مشتركة في الحالات الآتية: (1) إذا أُبلغت كتابة من المجلس بالموافقة. (2) إذا انقضى ستون يوماً من تاريخ الإبلاغ دون أن يبلغها المجلس كتابة باعتراضه على الصفقة أو إنهاء قيد الدراسة والتحري. (3) إذا انقضى تسعون يوماً من تاريخ الابلاغ، وكانت الصفقة قيد الدراسة والتحري دون أن يبلغها المجلس كتابة بالموافقة أو الرفض.كما تضمنت المادتان الثانية عشرة والثالثة عشرة العقوبات التي تطبق بحق مرتكبي أي مخالفة لأحكام هذا النظام، حيث تتفاوت العقوبة بين السجن أو الغرامة المالية أو بهما معاً، أو بإيقاف نشاط المنشأة مؤقتاً أو إلغاء الترخيص نهائياً، حيث تتحدد العقوبة حسب نوع المخالفة المرتكبة ومدى خطورتها. كما أجازت المادة السادسة عشرة للمجلس القيام بإصدار قرار باتخاذ بعض التدابير التي تتناسب مع أي مخالفة لأحكام هذا النظام، كتكليف المخالف بتعديل أوضاعه وإزالة المخالفة خلال فترة زمنية تحددها اللائحة، إضافة إلى بعض التدابير الأخرى. وفي الجانب الآخر فقد أجازت المادة السابعة عشرة لمن صدر بحقه قرار من مجلس المنافسة أن يتظلم أمام ديوان المظالم وفقاً لأحكام نظام ديوان المظالم ولوائحه.وفي الختام يمكننا القول إن المملكة تعمل جاهدة على حماية المنافسة الحرة بصورة مستمرة، وهذا الجهد الكبير سيترجم على أرض الواقع بصورة أكثر حيوية وفاعلية من خلال تضافر جميع الجهود، والتي تبدأ بالأفراد وتتكامل مع دور الدولة بجميع قطاعاتها ومؤسساتها، فضلاً عن ضرورة التطوير المستمر للأنظمة والسياسات المتعلقة بحماية المنافسة، والحد من الممارسات الاحتكارية.