نمو القطاع غير النفطي.. مسؤولية تستدعي الانتباه!
كثر الجدل في الآونة الأخيرة عن مصير اقتصادات الدول التي تعتمد على إنتاج البترول كمصدر دخل رئيسي لميزانياتها، وتشعب الجدل هنا وهناك، وجاء ذلك عقب دخول الذهب الأسود سلسلة من التعثرات والتذبذب في الأسعار من جهة وفي الإنتاج من جهة أخرى، بحكم الظروف المعقدة التي تنتظم العالم والتي أوجدتها المهددات التي تواجه ضمان سلامة الإنتاج وسلامة وصوله وبيعه، وكانت نتيجتها هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوى له لم يشهد له مثيل على امتداد تاريخ أهميته.بالطبع الظروف والتحديات والمهددات التي تواجه إنتاج البترول وسلامة إيصاله إلى المستفيد الأخير لا تزال قائمة ومحفوفة بالمخاطر، إذ برزت ظاهرة الإرهاب تتفشى في أكثر من منطقة وأكثر من بلد، وبدأت الجماعات الإرهابية تستغل النزاعات والصراعات التي يشهدها عدد من دول منطقة الشرق الأوسط وما جاورها في سبيل إحكام على سيطرتها على بئر أو آبار لضمان مصدر يدعمها أو إملاء شروطها، فضلا عن الظروف الأخرى منها تعثر عدد من اقتصادات الدول المهمة والمتقدمة نتيجة للآثار المتبقية للأزمة المالية العالمية، سواء في منطقة اليورو أو أمريكا أو غيرها من الدول ذات الارتباط بها بشكل أو بآخر.وفي ظل هذا الواقع، لم يجزم صندوق النقد الدولي أن أسعار البترول ستتحسن كثيرا ويميل إلى عبارة أنه سيشهد نموا طفيفا حتى على مدى خمسة أعوام مقبلة، إذ يتوقع أن يرتفع سعر البترول في العام 2016 إلى 62 دولارا للبرميل وبالأقصى سيرتفع إلى 72 دولارا للبرميل في العام 2019، في ظروف لا تزال ضبابية، وهذه الصورة القاتمة لا تقلل من أهمية البترول في دعم الاقتصاد ولكنها في نفس الوقت بمثابة دعوة صريحة وواضحة للتوجه نحو ابتداع سياسات اقتصادية أكثر نجاعة ولها القدرة على استيعاب مستجدات إنتاج وتسعير البترول.نحن في المملكة -ولله الحمد- نتمتع بما لا تتمتع به دول أخرى منتجة للبترول وتعتمد عليه بنسبة كبيرة في حصة ميزانياتها من حيث الأمن والحكمة والتعقل في اتخاذا القرار الاقتصادي الصائب، وهذا ما تعمل عليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- في ظل ميلاد مجلس الشؤون الاقتصادية، والذي نتطلع لأن يتبع مثل هذه السياسة ويعمل لمستقبل زاهر لاقتصادنا وزيادة نموه وليس فقط للحفاظ على قوته التي يتمتع بها حاليا، ولكن يبقى التحدي في كيفية استغلال مواردنا الذاتية الأخرى غير البترولية، من خلال تعزيز تنمية القطاع غير البترولي والذي يشكل دعامة رئيسية في تنويع الاقتصاد وتعدد مصادر الدخل .. إنها مسؤولية تستدعي الانتباه!.