صباح الاقتصاد
ماعلق في ذهني مما درسته في مادة التسويق، هو ان التسويق الناجح يعتمد على اربعة عناصر هي: المنتج (السلعة)، والسعر، والدعاية او الترويج، والمكان. وتسمى باللغة الانجليزية اختصارا (4Ps) وقد حاولت انا ان (آتي بما لم تستطعه الأوائل)، باضافة عنصر خامس على نفس النمط، فوجدت ان التغليف (Packing)، قد يكون احد العناصر التي لاتقل اهمية على العناصر السابقة. فنحن كثيرا ما ننشد لشراء سلعة ما بسبب اسلوب تغليفها الانيق، وننفر من سلعة اخرى، قد نحتاجها، لسوء تغليفها. ولهذا فقد حرصت كثير من الشركات التجارية ـ مؤخرا ـ على الاهتمام بهذا الأمر واصبحت تعمد الى تغليف منتجاتها ـ حتى الرائجة منها اصلا ـ بأسلوب عصري يوحي بالتطور والتحديث.ومع ان الغلاف ـ بحد ذاته ـ لايعطي قيمة اضافية للسلعة، الا انه يقدم رسالة للزبون مفادها (اننا نهتم بك ونحرص على ذوقك) وهذه ـ دون شك ـ من الأمور التي تحفز الزبون على الشراء. فالمطعم، الذي يقدم لك الطعام بأوان من القصدير محكمة الاغلاق مثلا، هو غير المطعم، الذي يضع لك الطعام في اكياس من البلاستيك، يظهر فيها الطعام وكأنه شيء من الفضلات.ومما يرتبط بموضوع اسلوب تغليف السلعة، اسلوب عرضها وتقديمها للزبون بطريقة تشعره بارتياح نفسي ومتعة في التسوق والشراء.في المملكة ـ مثلا ـ اصبحنا نرى اتجاها واضحا لهذا الاسلوب، فقد ظهرت ـ في الآونة الاخيرة ـ العديد من الأسواق المركزية، والمحلات التجارية الاخرى، التي تحرص على عرض البضاعة بأسلوب عصري يغري على الشراء، ويدفع الزبون الى تكرار الزيارة لهذه المحلات مرات ومرات. وبالمقابل فان الغالبية العظمى من المحلات التجارية تضع هذا الامر في اسفل قائمة اولوياتها، ظنا منها ان الزبون سيشتري البضاعة على آية حال مادام بحاجة اليها. وأنا هنا اقر بهذا الامر، ولكني أسأل ترى هل سيكرر الزبون الزيارة لهذا المحل مرة ثانية؟ اني أشك في ذلك.مالحظته في الآونة الاخيرة ـ في المنطقة الشرقية على الأقل ـ انتشار البقالات والأسواق المركزية في محطات الوقود، ومع الأسف الشديد ان هذه المحلات هي من الصنف الثاني، الذي لايولي اسلوب العرض اي اهتمام، بل انهم يعمدون الى تكديس البضاعة بأسلوب يبتعد كثيرا عن مراعاة الأمور الصحية. فقد دخلت احد هذه المحلات ـ قبل يومين ـ فوجدت العجب العجاب، كراتين العصير بجوار، علب مساحيق الصابون، والفحم وقناني سوائل الوقود قرب علب معجون الطماطم وأكياس المعكرونة، الى غير ذلك مما تنفر منه النفس، ويبعث على التساؤل: هل صاحب هذا المحل قد مارس هذه التجارة من قبل؟ وهل هو يستهين بذوق الزبائن الى هذا الحد المزري؟ان التطور الحضاري الذي تشهده المملكة الآن بحاجة الى ان يترجم من قبل التجار ورجال الاعمال في ممارساتهم التجارية، فقد ولى الزمن، الذي كان فيه الزبون مرغما على شراء البضاعة لعدم وجود البدائل، وأصبحت ـ بحمد الله ـ الآن البدائل متوفرة وكثيرة، والمنافسة التجارية شعارها (دائما البقاء للاصلح). ومع هذا فانا احمل الجهات الحكومية في البلديات ووزارة التجارة مسؤولية الحد من هذه الظواهر السلبية، التي تعكس صورة غير مرغوبة عن واقع البلد، وخصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار التوجه السياحي للمملكة، الذي سيستقطب ـ دون شك ـ زائرين وسياحا من الدول المجاورة وغيرها. مما يزيد من ضرورة الاهتمام بالمظاهر الحضارية على الصعد كافة.