عبدالله المديفر

كيف تكسب ثقة الآخرين؟

تعاقدتُ مع إحدى الشركات لتنفيذ عمل صغير في منزلي وطرأ على التنفيذ بعض التعديلات التي تستلزم تعديلاً في الاتفاق الأساس، وعند النقاش مع المندوب قلت له : ( أنا أثق فيك فاعمل ما تراه مناسباً )، فرد علي برد استغربته ولم يكن متوقعاً حينها ، فكان جوابه الفوري : ( أقدر ثقتك في، ولكن اعذرني لا يمكنني فعل ذلك لأنني لا أثق في إدارتي ) ! وكان حجم إكباري له بحجم حزني على الثقة المشروخة بينه وبين قيادته في العمل.هذا الموقف حرك تساؤلا مهما في خلدي يقول : ( كيف تكسب ثقة الآخرين؟ ) ، وهذا المكسب هو مكسب مهم لا يقدر بثمن ، ومهمة صعبة لا يتقنها كل أحد ، والناس في هذا ينقسمون إلى أربعة أقسام :الأول : شخصية عامة قادرة على كسب الناس عن بعد ، ولكنه غير قادر على كسب ثقة المقربين له ، لأنه استطاع أن يحصل على الصيت عبر الانطباع العام الإيجابي.الثاني : شخصية غير قادرة على كسب الناس البعيدين ، ولا يحصل على الثقة إلا من المقربين له لأن جدارته بهذه الثقة تأتي بعد التجربة والاحتكاك، وهو غير قادر على تكوين الانطباع الإيجابي القوي للبعيدين.الثالث : شخصية غير قادرة على كسب الثقة لا من البعيدين ولا من القريبين ، فهو محل شك من الجميع.الرابع : شخصية قادرة على كسب ثقة البعيدين، وكذلك المقربون ، فهو يتمتع بتعامل حسن جدير بالثقة من القريبين ، وقادر على تكوين الانطباع الإيجابي لدى البعيدين ، وأبرز شخصية كانت تحمل هذه الصفة هي شخصية النبي العظيم محمد (صلى الله عليه وسلم ) بل وصلت هذه الثقة حتى لأعدائه الذين كانوا يثقون في مصداقيته عند الوعود ، وكانوا يدركون أن محمد بن عبدالله إذا قال الكلمة التزم بها .“الصدق” هو أهم قيمة لزراعة الثقة في قلوب الآخرين ، ومن يمتطون صهوة الكذب هم يكسرون زجاج الثقة بحوافرهم ، ومن يرد أن يكسب ثقة الناس فعليه أن يعيش الصدق كمنهج حياة وليس كأحد الخيارات المتوافرة .“الالتزام” بالكلمة المأخوذة على محمل الوعد ، فلا تلتزم بما لا تنوي القيام به ، ولا تعد بما لا تقدر عليه ، ومن يتعامل على أن كلمته “شيك مصدق” غير قابل للاسترجاع فهو الرجل القادر على الحفاظ على ثقة الآخرين.“ثقتك في نفسك” تنعكس من حيث لا تشعر على الآخرين، فالذي لا يثق في نفسه غير مهيأ لأن يثق الناس فيه ، وكما يقال في بعض النظريات : إن الفعل يتبع الشعور ، فعندما تشعر بالثقة في نفسك ستأتيك .“النصح الصادق” يجذب الثقة كالمغناطيس خاصة إذا كانت دون مقابل ودون غايات أخرى، فبذل النصيحة بصدق يثبت أقدام الثقة في القلب.“المظهر والشكل” لهما دور غريب في زرع بذور الثقة في نفوس الناس، فمظهر الإنسان وشكله ولغة جسده الإيجابية ترسل رسائل تضع تربة خصبة للثقة في نفوس من يشاهده، ولها أثر كبير في ذلك، وقد تهب الثقة لمن لا يستحقها بسبب تأثير المظهر عليه.الأهم من كسب ثقة الناس هو الحفاظ عليها، ومن يعطيك ثقته هو يحملك أمانة عظيمة، واحذر من خداع من يثق فيك، وتذكر قبل حدوث ذلك قول ذلك العجوز : ( إذا نجحت في خداع شخص فلا تظن أنه غبي، ولكنه كان يثق فيك ).