مجتمعنا «الأصم»
«محرم» شاب تركي أصم، يعيش في أسطنبول، ولغته الإشارة، وهي وسيلة التواصل بينه وبين ذويه وبعض أبناء حيه الذي يقطنه. محرم كان شابا خجولا ومهذبا، ويجد أحياناً حرجاً كبيراً في توصيل معلومة أو طلب يريده، أحس جيرانه وأصدقاؤه بما يعيشه من انعزال واعتذار عن المناسبات، فقرر الحي بكامله تعلم لغة الإشارة، وتبنت إحدى الشركات الفكرة، وخضع الجميع لدورة مكثفة مدتها شهر كامل، وبشكل سري، حتى يفاجئوا الشاب بلغتهم الجديدة والتحدث إليه وفيما بينهم بلغته.الشركة زرعت العديد من الكاميرات في الشوارع والميادين والأماكن التي يرتادها محرم بشكل يومي؛ لتسجل ردة فعل الشاب، الذي بدوره اندهش بأن الحي بكامله يتحدث بلغته، وانه استمع لأول مرة إلى ما يدور بينهم، ولم يجبهم إلا بالدموع.محرم هو أنموذج لمئات «محرم» بيننا نراهم في أسواقنا ومساجدنا وشوارعنا، فئه غالية على المجتمع، وطاقة كبيرة مهدرة، يبحثون عن ذواتهم فلا دائرة حكومية أو أهلية خصصت موظفا إن لم يكُن قسما؛ لمتابعة طلباتهم بلغتهم "الإشارة"، ولا مستشفى حدد أشخاصا معينين لاستقبالهم، ولم نر "كاونتر" في مطاراتنا يرشدهم بلغتهم.ولا حتى سائق تاكسي كتب فى مؤخرة سيارته "أنا أتحدث لغة الإشارة"، نتمنى أن نحس بهم ونتذكرهم في كل محفل ومحاضرة ومنشأة حكومية وغير حكومية، ولا نغفل جلوسهم بيننا في خطبة الجُمعة، فإن قدر الله ولم يسمعونا يجب أن نشكر نعمة الله علينا بسماعهم أصواتنا بالطريقة التي يعرفونها. في دراسة للباحث محمد الأسمري على عينة تكونت من 76 من طلبة ذوي الإعاقة السمعية بالمرحلة الثانوية في مدينة الدمام، وجدت الدراسة أن هناك ارتباطا بين قلق المستقبل لدى الإعاقة السمعية وبين تقدير الذات لديهم.وأوصت الدراسة بتنظيم برامج إرشادية لهم؛ لتقليل القلق لديهم، وحثت الأسرة والمجتمع على مساعدتهم في التحرر من القلق.. والله المستعان.