نجيب الزامل

هل أغار من خالد؟

كان جيدا أن ألتقي بالطائرة بالصدفة المحضة بقريب لي قبل ليلتين، وليست القرابة التي تجمعنا فقط بل صداقة متجذرة، وهو خالد المحمد الزامل ذائع الصيت في مجالات مهمة، برأيي أن أهمها مشاريعه الخاصة بالحاضنات، وعفوا يا أبا عبدالله إن قلت عنك: إنك تكاد أن تكون "الحاضن الأول" في البلاد للمشاريع الصغيرة.. التي تحققت. برأيي- ولن يجد ضدي نقدا من يجد أن الشهادة هذه مربوطة بالقرابة- فإن عبقريته في رؤية المشاريع بعينه وقلبه وإيمانه لم أجدها في أحد غيره.. وهنا إن قلت لك: إن له يدا مباشرة بعد الله سبحانه في آلاف المشاريع الشبابية، فلك أن تحار، أو لا تصدق. ولكنها الحقيقة.نسيت أن أقول إنني لم ألتق معه بالطائرة بالمعنى الصريح أي بالجلوس معا، لما توقفت الطائرة في أرض المطار، وقمت لأتناول حقيبتي سمعت من يناديني، فإذا هو بضحكته الأليفة، وعينيه اللتين تلمعان بالذكاء والدهاء الطيب.سبب التقائنا، أننا دُعينا لملتقى المسئولية الاجتماعية الذي أقامته غرفة المدينة المنورة، لأترأّس جلسة به، وخالد الزامل ليكون من المشاركين في إحدى الجلسات. وكانت ورقته في اليوم الثاني ولها الصبغة الاقتصادية التي يتخصص بها، على أن وجود ارتباط مهم له في نفس اليوم، طلب تقديم ورقته في الجلسة الأولى، وكانت هذه الجلسة تحمل صفة القيم الإسلامية المرتبطة بالمسئولية الاجتماعية، وكان يجب أن يختار قيمة من هذه القيم التي لم يعدّ نفسه لأجلها، ولكن انتظر ماذا حدث.. وهنا ستجد ما أقصده بالدهاء الطيب.أُوقِعَ بيد خالد، فهو قد حضّر موضوعاً هاماً جدا، وكما قلت لكم، فهو لا يقدّم ورقة نظرية فقط، فلابد أن يشفعها بعملٍ ناجح قائم وعامل ومُدر. وكان مشروعه الذي عزم على تقديمه، هو عن مشروع "راز" المذهل حقا في أن شابا واحدا صاحب الفكرة برأس مال لا يتعدى خمسين ألف ريال، ثم يترك مبلغا من الأرباح لمشروع راز، ومبلغا يرفد فيه شخص آخر يحمل فكرة ناجحة، مع نسبة 20 % مفتوحة لو احتاجوا شريكا بقيمةٍ مضافة، تماما كحجر الدينامو المصفوف. تتابع الأشخاص من الشباب والفتيات بأفكار رفدت مشاريعهم بهذه الآلية حتى أصبحت "راز" مجموعة قابضة بحوالى 39 شخصا، لكل مشروع، وتبلغ الدخولات مئات الملايين.دهاء خالد في إيمانه هذه المرة كمسلم يؤمن أن الإسلام دين حياة ونماء، فتكلم عن التكافل أولا بالصورة النمطية ثم درَج حتى أوصلنا- رغماً عنا- ونحن في غاية الانبساط، إلى تقديم المشروع "راز" وقدمه بطريقته التي لا يتقنها سواه في إشاعة روح الحماسة والمرح مما جعل الحضور يبدون إعجابهم به بشكل خاص، وبالمشروع والعزم على استنساخه في مناطقهم.هل خالد محمد الزامل ثري؟ نعم هو ثري بهذه النوايا الصالحة التي أدت لأعمال مثمرة ومنتجة ومتجددة بكل ركن بالبلاد.. أما المال، فلا هو من أصحابه الكبار، ولا هو يهتم.. وهنا ثراؤه الذي سيلاقي به ربه في اليوم المشهود.- هل غرتُ من خالد؟- إيه!