استوقفتني كثيراً ظاهرة زيادة عدد المطربين التي استفحلت رغم كثرة مناقشتها ..وهي بالفعل ظاهرة خطيرة تستحق الوقوف أمامها لمعرفة بواطن الخلل فيما يقدمه مطربو هذا العصر من أعمال .. والغريب في الأمر انه لم ينل أحد من هؤلاء الفنانين رضاء واستحسان المستمع لرداءة أعمالهم التي تفتقد أهم المقومات للأغنية المكتملة بالمعنى الحقيقي سواء من الناحية اللحنية أو اختيار الكلمة أو الأداء .. ومع ذلك نجد إنتاجهم يتزايد في محلات الكاسيت ولهم حضور بصفة مستمرة في مختلف وسائل الإعلام .
ولعل هذا الإعلام يأتي على رأس القائمة التي تضم أسماء المتورطين في أحداث انتكاسة الأغنية العربية .. طالما أن جميع الأعمال المقدمة إليه تجد أصداء إعلامية واسعة وانتشارا سريعا عبر الفضائيات رغم عدم جودتها فبالتأكيد هو السبب الرئيسي وراء ما حدث للفن من خدوش أجبرته على التواجد ( في الإنعاش ) والبقاء حتى إشعار آخر .
ومن اطرف المواقف وأكثرها إثارة هجوم هؤلاء المطربين على بعضهم البعض وكثرة انتقاداتهم الموجهة ضد من سبقوهم في هذا المجال وتقييم أعمالهم ومنحها وسام الأفضلية رغم أن التقييم من المفترض أن يأتي عن طريق الجماهير وليس من الفنان نفسه . المشكلة ما زالت قائمة وكل السبب ( من تحت رأس الإعلام) كما أسلفت .. لأنه أعطى هؤلاء المطربين اكبر من حجمهم من خلال عرض أعمالهم المتواضعة بصفة دائمة دون مبالاة بحالة الغثيان التي يصاب بها المتلقي .. واللافت للنظر حالات التشابه في أصواتهم إلى حد كبير أيضا تفتقد ألحانهم إلى عامل التميز أما الكلمة فحدث ولا حرج .. أضف إلى جانب الإعلام المادة وحب الظهور وتقديم أعمال بالكم وليس بالكيف ويمكننا القول باختصار شديد بين أعمالهم وبين الإبداع ( يفتح الله ) .
كلمة لابد منها
تجاوباً مع رغبة المحرر واحتراماً لوجهة نظره أترفع عن الرد من خلال هذه الأسطر على من سمى نفسه العبيدي المالكي لأن المقارنة بين العملاق طلال مداح وغيره من سائر الفنانين ولى زمنها وانتهى وأصبحت قديمة ومستهلكة .. والاستمرار في طرح مثل هذه المواضيع يؤكد مجدداً إننا مازلنا بحاجة إلى تثقيف وتطوير وتغيير ماضي النفوس قبل أي وقت مضى فلم اكن اعلم أن الإشادة بفنان تعني التقليل من حجم الآخر على طريقة ( إياك اعني ) ولم أجد سبباً مقنعا يفرض على الكاتب أن يشيد بمن يعجبه من الفنانين ومن لا يعجبه .. ثم إلى متى ونحن نعاني هذه المشكلة الأزلية التي تجعلنا نتصور أن فناننا المفضل لابد ان يطرب له الجميع ولابد وان تنهال عليه عبارات المديح والثناء من كل صوب وحدب وبالشكل الذي يروق لنا؟.
لن أسهب كثيراً ففي هذا الموضوع واكتفي بالإشارة بأنه من باب أولى الاعتراف بأذواق الآخرين واحترام وجهات النظر المطروحة .. فهناك مطربون كبار لم يجدوا قبولا من كافة المستمعين كالعندليب عبدالحليم حافظ وكوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب .. هذه الأسماء اللامعة في عالم الغناء هناك من يستمع لاعمالهم وهناك من لا يطرب عند الاستماع إليهم فالمسألة إذن يحكمها الذوق وما أدراك ما الذوق .. كما إننا لابد أن نشير إلى سلبيات الوسط الفني دون أن نستثني فنانا بعينه مهما كان حجمه ويكفينا مجاملات ليس لها آخر ... فالذي يتوجب علينا أن نضعه في الحسبان الا يوجد أحد أعلى من مستوى النقد ليس في المجال الفني فحسب بل في مختلف المجالات .
ـ رعشـــة قلــــم : 1-2.. الفــن راح فين !!
فهد ابراهيم القروني