لا تكاد تخلو مجلة على مستوى الوطن العربي من ناد لهواة التعارف والطريف في هذا الموضوع أن أغلب إن لم أقل كل من ينشرون أسماءهم في هذا النادي يكتبون من ضمن هواياتهم ( القراءة) وحين يقدر لك أن تتحقق من حقيقة أمرهم تجدهم أبعد ما يكونون عن القراءة حيث يمضي اليوم والأسبوع والشهر والسنة دون أن يفتح أحدهم كتاباً بقصد قراءته قراءة جادة تؤكد مصداقية هذه الهواية المزعومة باستثناء الكتب المدرسية ان كان طالباً ويعلم الله حجم الملل والسأم والضجر من قراءتها رغم احتوائها معلومات وموضوعات ومعارف علمية لا يستهان بها في بناء الشخصية الفكرية القويمة إذا فهم الدارس وتدبر ما فيها وقدر قيمتها العلمية وتعامل معها بكل ود ومحبة وتصورها بمثابة الكتب العامة غير الملزم بدراستها وإنما يقرأها من قبيل التثقيف والمعرفة العامة.
الجهل المركب
هناك صنف من الناس مصاب بحساسية ضد نسب الجهل إليه في أي أمر من الأمور فهو في تصوره الأديب والفقيه والمهندس والطبيب وعالم النفس والاجتماع والتربية.. الخ وأبغض وصف تصفه به هو الجهل وكأن هذه الكلمة عار لا يليق بشخصيته الفذة والمعجزة الأتصاف به. فحينما تحدثه في أمر لا يفقه فيه شيئاً لكونه ليس من اختصاصه أو ليست عنده دراية عنه محاولاً بذلك تعليمه وتبصيره وتنويره يشعر بالغظاظة من ذلك فيقاطعك مقاطعة الأحمق عند بداية حديثك باعتراض خارج الموضوع أو بمطالبتك بالعدول عنه إلى موضوع آخر لكي لا ينفضح جهله وإذا ما حاولت إفهامه بأنه لم يفهم معنى كلامك سخط وأنكر واستنكر عليك هذا الاتهام وادعى أنه فاهم كل ما تريد قوله ولكن رأيه هو الأصوب لكونه يكبرك سناً فقط وكأن السن هي الفيصل في المعرفة العامة فرب شاب أعلم وأخبر وأنضج من كهل وتجده في قرارة نفسه عارف بجهله ولكنه يكابر ولا يقر بذلك لكي لا يتضاءل كبرياؤه أمامك واعتداده البالغ بنفسه الذي صنعه الجهل وهل هناك داء أعظم من الجهل؟! وصدق القائل:
لكل داء دواء يستطب به
إلا الحماقة أعيت من يداويها
وكذلك القائل:
قل للذي يدعي في العلم فلسفة
عرفت شيئا وغابت عنك أشياء