عزيزي رئيس التحرير
اهتمام (اليوم) بالاحساء كواحة من واحات الوطن.. أملنا ان تنقل هذه الرسالة عبرها الى معالي وزير الزراعة والمياه... منطقة الاحساء تضررت كثيرا في السنوات الاخيرة كغيرها من مناطق المملكة من قلة وشح المياه وانعدام الامطار، إلا ان الفاجعة في منطقة الاحساء واضحة اكبر واكثر لجفاف انهارها وينابيعها وعيونها.والحالة بدأت منذ عقدين من الزمن، الا انها في العقد الاخير اضحت تشكل خطورة كبيرة على الناس والزراعة مع الاستمرار في زيادة معدلات جفاف العيون وشح الماء للدرجة التي اصبحت فيها شكوى الميسورين والقادرين على الري بالوايت رغم ما يكلفه من اموال، والتنقيط لمزارعهم اصبحوا يتخلون عن املاكهم الكبيرة والثمينة وبتراب الفلوس، لانهم لاطاقة لهم عليها ذلك يشكل خسارة كبرى لا يستطيعون الاستمرار فيها، واصبح البعض منها مهجورا سوى من لوحات (للبيع) التي تزين ابوابها تنعي ماضيها التليد.
اما اصحاب الحيازات الصغيرة وذوو الموارد المادية اليسيرة، التي تشكل هذه المزارع موارد رزق لهم ولاسرهم فقد اصبحوا يصارعون من اجل البقاء ويتكبدون في سبيل ذلك الخسارة تلو الاخرى في جلب بعض المياه بالوايت ايضا لابقاء مزارعهم على قيد الحياة، ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل تعميق ابارهم باموال كبيرة ليست متوافرة حتى انتظار الفرج والغوث من الله ثم منكم.
ناهيك عن الذين يعملون كأجراء بالزراعة، وهم اعداد لايستهان بها بالاحساء، فقد تقطعت بهم الاسباب في مسالك بحث لايعرف الكلل عن عمل يسد رمق اسرهم تضيف جحافل لسوق العمل غير المؤهلين اساسا لها والتي هي فوق التشبع ولاتزداد.
معالي الوزير
ونحن في هذه المسغبة نقدر بالامتنان ولاننكر دور مشروع الري والصرف والوزارة الجليلة في خوض مارثون هذا التحدي الذي لاسمح الله قد يحول هذه الواحة الى التصحر رغم ما قدم من حلول كحفر ابار قرب القنوات لتغذيتها بالماء ولكن الطبيعة الطبوغرافية للمنطقة عامة فيها شح كثير للماء، وكما سمعنا فمعدلات انخفاض الماء بالاحساء تقارب خمسة امتار سنويا كما ذكرت احدى الدراسات، وبفعل عدم وجود الامطار مما دفع الى تنقية مياه المصارف والصرف الصحي.
وبما ان المصارف اوشكت على الجفاف، فلم يبق الا مياه الصرف الصحي، فان هذا يحتاج الى تنقية عالية وكبيرة ومعالجة معقدة خشية من تفشي بعض الامراض، ولكنه مصدر معقول برغم عدم قدرته على حل كامل الازمة المعاشة ولا المستقبلية لمياه الري.
ومن هنا فالبعض يطرح ومنذ زمن ليس بالقليل امكانية تنقية مياه البحر سواء للشرب او للزراعة، ولكن لا مجيب وميناء العقير لا يبعد عن هذه الواحة الزراعية سوى عشرين كيلو مترا تقريبا، ومعروف ان تنقية مياه البحر للزراعة اقل كلفة من مياه الصرف الصحي، حيث يحتاج لازالة الملوحة فقط، اما الاخر فتنقيته معقدة اكثر.ومن هنا الا يمكن عمل استراتيجية طويلة المدى تبدأ على مراحل، فالمنطقة الزراعية الشمالية الشرقية اولى، ثم التي يليها، وهكذا..
معالي الوزير:
المغادرون عبر الاحساء لدول الخليج او القادمون اليها يشاهدون بام العين غور مياهها، وما غشى نخيلها واشجارها من شحوب مشوب بالصفرة والجفاف الذي تعدى كل حد، وانقطعت ثمارها وخضرواتها من السوق المحلية بعد ان كانت رافدا وسلة غذاء للمملكة والخليج تساهم في الامن الغذائي للوطن
وكأن نخيلها واشجارها واطيارها تنوح بهمس مستنجدة بمعاليكم بعد الله مرددة قول المعنى:
اهذه بلدة كانت جداولها
وفيرة قد غدت بالصهد تلتهب
كيف السبيل وشح الماء شتتنا
الى الحواضر اذ تسعى وتغترب
هنا نخيل تلظى حرقة واسى
هناك صاد تمنى القطر ينسكب
فكيف جفت عيون ما لها عدد
وكيف تبخل ارض جوفها ذهب..؟
وختاما حفظ الله بلادنا من وعن كل جدب وتصحر ووفق معاليكم لما يحبه ويرضاه واعانكم بفضله لتحمل جسامة المسئولية وكبر الامانة وثقة ولاة الامر حفظهم الله، والله المستعان.
تنيه: الابيات من قصيدة (عطش الايام) ديوان (قال المعنى) للاستاذ/ خليل ابراهيم الفزيع.
عبدالله عبدالله الماجد