دعت الولايات المتحدة العراق مجددا إلى الالتزام بقرارات الأمم المتحدة، وذلك في أول رد على تصريحات عراقية أفادت بأن مفتشي الأسلحة أنهوا مهمتهم قبل أن يغادروا بغداد عام 1998.واتهمت واشنطن الرئيس العراقي صدام حسين بأنه يمنع دخول مفتشي الأمم المتحدة للأسلحة منذ ديسمبر 1998 لأن لديه شيئا ما يريد أن يخفيه، وقال فيليب ريكر نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في رده على تصريحات وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف يجب أن نتأكد من أن العراق ليس لديه أي أسلحة للدمار الشامل أو صواريخ ذاتية الدفع بعيدة المدى، ذلك هو ما تطالب به قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وذلك هو ما نتوقع أن نراه منفذا.
ولم تعلق الأمم المتحدة على تصريح الصحاف بعد إلا أن المتحدث باسم المنظمة الدولية فريد إيكهارد أعلن أن الأشياء الأخيرة التي أبلغتها الأمم المتحدة رسميا للعراق مدرجة في رسالة الأمين العام إلى وزير الخارجية العراقي، وأضاف قائلا : ما زلنا ننتظر ردا رسميا على هذه الرسالة.
في هذه الأثناء قال سماسرة شحن بحري الاثنين إن البحرية الأمريكية تسعى إلى استئجار سفينة ضخمة لنقل طائرات مروحية حربية وذخائر من الولايات المتحدة إلى ميناءين مطلين على البحر الأحمر، يجئ ذلك في أعقاب تعاقد وزارة الدفاع الأمريكية في الآونة الأخيرة مع سفينة لنقل معدات حربية من أوروبا مما أثار التكهنات بأن الولايات المتحدة تعد لضربة محتملة ضد العراق، وقال محللون إن هناك دلائل على بدء الولايات المتحدة في نقل معدات حربية إلى منطقة الخليج.
من جهته ، اعتبر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر أن تدخلا عسكريا وقائيا للولايات المتحدة في العراق ضرورة لقيام نظام عالمي جديد في مواجهة انتشار الأسلحة النووية والجرثومية والكيميائية . وكتب كيسنجر في مقال افتتاحي لصحيفة "واشنطن بوست" أن انتشار أسلحة الدمار الشامل الوشيك مع ما يمثله من مخاطر جمة مع رفض منظومة تفتيش مجدية، وعدائية صدام حسين الواضحة تستدعي كلها وجود ضرورة لعمل وقائي.
إلا انه اعتبر أن التدخل العسكري لا ينبغي أن يبدأ الا اذا كنا مصممين على مواصلة الجهود المدعومة الوقت الذي يقتضيه إعادة بناء عراق مستقر وموحد بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين.
وقال كيسنجر ان الهجوم يجب ان يكون كثيفا باقناع الحلفاء انهم سيخسرون الكثير اذا لم يدعموا امريكا كما يمكن ان يسبق ايجاد تسوية لازمة الشرق الاوسط معتبرا ان الطريق الى القدس تمر بلا شك عبر بغداد.
الا ان وزير خارجية ريتشارد نيكسون اوضح انه ليس من مصلحة اميركا جعل العمل الوقائي مبدأ تحت تصرف اي دولة.
وخلص الى ان الولايات المتحدة ستسهم بقوة في نظام عالمي جديد اذا دعت باقي العالم ولا سيما القوى النووية الرئيسية الى التعاون لاقامة منظومة لمعالجة مثل هذا التهديد للبشرية على اساس مؤسساتي اكثر.
من ناحية اخري ، ابرمت وزارة الدفاع الامريكية اتفاقا مع شركة مارسك-سيلند التابعة لمجموعة اي.بي. مولر الدنماركية يتعلق بصيانة واستثمار ثماني سفن لنقل العتاد الحربي، كما اعلنت متحدثة باسم المجموعة . واكدت جيتي كلاوسن المتحدثة باسم اي.بي. مولر هذا الاتفاق الذي كشف عنه الاثنين في صحيفة بوليتيكن (وسط-يسار) واوضحت انه وقع مؤخرا لحساب مارسك لاين ليميتد، شركة اميركية في الولايات المتحدة، ولا ينطوي على اي شيء مثير بل هو مجرد تمديد لاتفاق سابق مع البنتاغون حتى 2007. وقد اثار هذا الاتفاق المقدرة قيمته ب220 مليون دولار بحسب البنتاغون، بلبلة على الساحة السياسية في الدنمارك كما اثار ردود فعل من جانب الحزب الراديكالي والحزب الاشتراكي الشعبي (معارضة).
وسيطلب وزير الخارجية السابق نيلز هلفيغ بيترسن (راديكالي) من وزير الخارجية الحالي بير ستيغ مولر توضيح هذه القضية.
وقال لبوليتيكن للوهلة الاولى يبدو عقدا تجاريا بحتا وهذا ليس فيه اي شيء غير اعتيادي. لكن لا بد من تفسيره كاشارة الى ان الامريكيين يحضرون في الواقع هجوما (على العراق) ونحن من جهتنا نحذر بشدة من مغبة مثل هذا الاحتمال. وابدى المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الشعبي فيلي سوفندال بدوره قلقه من وضع يثير اشكالا حيث ان اكبر شركة في البلاد (اي.بي. مولر) تصرفت بشكل معاكس للسياسة الخارجية الرسمية التي تعتمدها الدنمارك. من جهته اعتبر وزير الدفاع سفند ايجي جنسبي (ليبرالي) انه لا يوجد اي داع لدرس هذه القضية عن كثب.
فهذه السفن التي تعمل لحساب البحرية الاميركية ستستخدم لنقل مصفحات وذخيرة وآليات متنوعة للنقل وسيارات اسعاف وستكون قاعدتها في دييغو غارسيا في المحيط الهندي، وهي القاعدة نفسها التي استخدمتها الولايات المتحدة في 1991 لطائراتها القاذفة بي-52 في حرب الخليج ضد العراق. وكان البنتاغون اكد في بيان ان هذه السفن الثماني ستعمل في البداية في المياه حول دييغو غارسيا ثم يمكن نشرها في العالم اجمع. ويتوقع المحللون العسكريون ان تستخدم هذه السفن لنقل العتاد الحربي في اطار هجوم امريكي مقبل ضد بغداد لقلب نظام الرئيس صدام حسين. ولم تخف المجموعة الدنماركية اي.بي. مولر ابدا تعاطفها مع الولايات المتحدة ومن الخطوات التي اقدمت عليها في هذا الاطار وضع سفنها حاملة الحاويات في العام 1991 مجانا بتصرف الجيش الاميركي. وتملك مارسك-سيلند عبر مارسك لاين ليميتد 53 سفينة في الولايات المتحدة منها حوالي 25 استأجرتها البحرية الامريكية في اطار البرنامج الامني للبحرية الاميركية (يو.اس ماريتيم سيكيوريتي بروغرام) .