أخبار متعلقة
الكفاح وتحمل المشاق والتحدي امام العقبات والصعوبات امر ليس بالسهل لكنه محل تقدير حتى وان لم يحقق المرء كل طموحاته وآماله واحلامه فليس كل ما يتمنى الانسان يدركه وضيفنا هو شخصية الواثق من نفسه الذي تعامل مع متطلبات الحياة والعمل باسلوب السهل الممتنع.انه مدير عام الشئون الصحية بالمنطقة الشرقية (سابقا) الدكتور احمد بن عبدالله العلي.. نبحر معه عبر الكلمة والصورة ليحدثنا عن ذكريات جميلة وطويلة واراء متعددة تربوية واجتماعية سنبدأ معه في الجزء الاول وفي الاسبوع القادم بمشيئة الله سنستكمل حوارنا معه لنبدأ بالسيرة الذاتية عن هذه الشخصية البارزة في المنطقة.
السيرة الذاتية
الدكتور احمد عبدالله العلي
من مواليد مدينة الخبر عام 1377هـ ـ 1958م متزوج ولي 4 اولاد اكبرهم اسامة وابنتان طبيب بكالوريوس طب وجراحة 1983م.
دورة بالاشعة التشخيصية بمستشفى جايز بلندن.
رئيس قسم الاشعة بمستشفى الدمام المركزي 1988م.
المناصب:
1ـ مدير مستشفى الجبيل العام.
2ـ مدير مستشفى الولادة والاطفال بالدمام.
3ـ مدير مستشفى الامل بالدمام.
4ـ مساعد المدير العام للمستشفيات.
5ـ مدير عام الشئون الصحية بالشرقية.
العضويات:
ـ عضو مجلس المنطقة الشرقية.
ـ عضو مجلس ادارة مركز الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للبحوث الطبية.
ـ عضو مجلس ادارة مصلحة المياه والصرف الصحي بالمنطقة.
ـ عضو لجنة تطوير القرى بامارة المنطقة الشرقية.
ـ عضو مجلس ادارة الجمعية الخيرية لرعاية وتأهيل المعاقين بالمنطقة الشرقية.
ـ رئيس مجلس ادارة لجنة اصدقاء المرضى بالمنطقة الشرقية.
الحال ميسور
@ في البداية نريد ان تحدثنا عن التنشئة الاولى؟
ـ انا من مواليد محافظة الخبر بعد عيد الاضحى بأيام قليلة عام 1377هـ الموافق 1958م والحمدلله عشت وتربيت بين اسرة مرابطة حيث كان ترتيبي الثالث بين الاخوة والاخوات فقد كان عددنا (11) بين بنات واولاد (سبعة اولاد واربع بنات)..
واعتبر نفسي، الحمدلله، محظوظا حين عشت وسط اسرة ميسورة الحال في المعيشة ودائما الابناء الاوائل يكون لهم الحظ الاوفر عند الوالدين فأخي محمد هو الاكبر وهو مفتش عام بشركة ارامكو السعودية والثانية اخت معلمة ومتزوجة والرابع في الترتيب هو اخي علي ـ رحمه الله ـ كان ضابطا في البحرية وتوفي اثناء اداء بعض التدريبات في حرب الخليج الثانية اضافة لمجموعة الاخوة والاخوات..
وللمعلومية فان والدي ـ رحمه الله ـ من مواليد الجبيل ولكن بعد وفاة والده (جدي) انتقل للخبر للعمل بارامكو وعمل بها وهو صغير السن.
حب الناس
@ وكيف كانت تربية الوالد لكم وما المستوى الثقافي الذي وصل اليه؟
ـ الوالد مثل بقية جيله.. تعلموا من مدرسة الحياة درسوا مع الكتاب وحفظ الوالد ـ رحمه الله ـ القرآن الكريم ومعروف ان ابناء ذلك الوقت توجهوا لشركة ارامكو.. بدأ والدي كعامل بسيط. وخلال تلك الفترة تعلم بعض المهن والحرف بعدها عمل كمقاول بسيط وافتتح محلات تجارية.
وكان الوالد ـ رحمه الله ـ غير محب للمادة اكثر من اللازم فيعطي لاسرته وقتا وللعمل وقتا اخر والحمدلله كنا بحالة ميسورة ومقبولة.
اما تربية الوالد لنا فكانت تربية متميزة.. حيث كان يركز على تعليمنا في حب الناس ولا نكره احدا ويعلمنا على الالتزام والمحافظة على الفروض الخمسة من الصلوات واصول الشريعة الاسلامية وهذه ساعدتنا ولله الحمد على الا نحتاج معرفة الخطأ من الصواب لاننا وجهنا لذلك منذ الطفولة وتعلمنا الشيء الكثير منها.
نائب الوالد
@ وما دور الوالدة في التربية؟
ـ بسبب بعض مشاغل الوالد ـ رحمه الله ـ كانت الوالده ـ حفظها الله ـ تقوم بنفس الدور من الرعاية والاهتمام والتوجيه فقد كافحت معنا بالكثير رغم محدودية علمها والحمدلله اننا جميعا حصلنا على تعليم جيد.
الهروب من الاحتكاك
@ حدثنا الان عن ذكريات في بداياتك مع التعليم؟
ـ انا اذكر انني احاول الابتعاد عن المشاكل حتى انني اسير على جنبات الحيط حتى لا احتك مع زملاء اخرين فأنا مسالم بدرجة عالية ليس خوفا وانما من اجل ان تصبح علاقتي جيدة مع الجميع.
ودرست في مدرسة الخبر الغربية للمرحلة الابتدائية وسميت فيما بعد مدرسة الهداية ثم انتقلت الى مدرسة الصديق وكان من زملائي مدير التحرير باليوم الاستاذ فالح الصغير الذي دائما ما يذكرني بأيام الدراسة في كل مناسبة التقى به حيث درسنا سويا في مدرسة الخبر النموذجية.
سؤال مفاجئ
@ ومن من زملاء الدراسة الذين تتذكرهم؟
ـ الحقيقة فاجأتني بهذا السؤال ومن الصعب استرجاع الذاكرة في الوقت الراهن لكنني اذكر منهم عبدالمحسن الراشد نائب رئيس مجموعة الراشد والحقيقة ان مجموعة من زملاء الدراسة قد اتجهوا معي للطب.
الفرص محدودة
@ هل هناك تأثير مباشر او غير مباشر لاتجاهكم للطب؟
ـ ابدا نحن كمجموعة درسنا المرحلتين المتوسطة والثانوية مع بعض وتأثرنا باتجاه واحد وهو الطب فهناك حوالي سبعة زملاء الان اطباء واستشاريون في المستشفى الجامعي.
واتذكر اننا حين تخرجنا من الثانوية العامة كانت الفرص امامنا محدودة فاما ان نذهب للكلية العسكرية بالظهران (معهد الطيران) وانا على فكرة حصلت على قبول بهذا المعهد والاختيار الثاني جامعة البترول (جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ذات السمعة الطيبة والجيدة) والناس تقبل عليها من مختلف مناطق المملكة لكن ما كان هذا طموحي ان اكون مهندسا وكان باب الابتعاث للخارج متفوحا الى امريكا والمانيا لدراسة الطب وغيره وكان لدي طموح لدراسة الطب وكنت على وشك الابتعاث للخارج لدراسة الطب مع بقية زملائي ولكن ابلغنا في تلك السنة ان جامعة الملك فيصل حصلت على مبنى يصلح ليكون كلية للطب وتقوم بتجهيزه وبالتالي ستبدأ بالتدريس وكثير من زملائنا حذرونا قائلين ان الدراسة بالكلية ستتأخر وبالتالي تضيع علينا فرص الدراسة بالخارج ولانني قريب من اسرتي ولا احب ان افارقهم قررت ان امكث هنا واسجل بكلية الطب.
والحمد الله افتتحت الكلية بنفس السنة واتذكر اننا جلسنا اياما والفصول الدراسية لم تستكمل بعد ومن شغفنا للدراسة بهذه الكلية قمنا بتفريغ حمولة الشاحنات من الطاولات والكراسي الدراسية.
بداية الطب
@ وكيف كانت بداية الدراسة بكلية الطب في هذه السنة الاولى من افتتاحها؟
ـ كنا ندرس في اول سنة اللغة الانجليزية وبعض المواد العلمية كالكيمياء والفيزياء وخلال اربعة شهور تم تجهيز المختبرات.
التسرب بسبب الصعوبة
@ وكم كان عدد طلاب هذه الدفعة؟
ـ كان عدد الطلاب ستين طالبا تخرج منا (24) طالبا فقط والبقية لم يستطيعوا استكمال الدراسة لصعوبة المقررات فاتوقع ان الدراسة الحالية اسهل بكثير من ذلك الوقت فالدراسة باللغة الانجليزية بطبيعتها وليست بالمبسطة فتستخدم اللغة اللاتينية واللغة الانجليزية وكان المقرر الواحد لايقل عن سبعمائة صفحة وليس دراستها لمجرد الاستيعاب والفهم بل لحفظ كل اجزاء الجسم والامراض التي قد تحدث لكل جزء ومفهوم دقيق عن هذه الاجزاء فاتذكر ان العدد (60) في بداية السنة الاولى لم يتبق منا سوى (42) تم بدأ العدد يتناقص في السنوات التالية.
احب المغامرة والتحدي
@ الم يخطر في بالك اثناء دراستك بالطب الانسحاب كبقية زملائك؟
ـ لا.. فأنا طبيعتي احب ان انفذ كل قراراتخذه لنفسي مهما كانت العقبات والصعوبات التي امامي لانني حين افكر في شيء لابد انني مقتنع بان فيه عقبة لابد من تخطيها.. وهذه من توجهات الوالد ـ رحمه الله ـ ان الانسان لا يمكنه ان يحصل على كل شيء مباشرة بل يحتاج الى جهد ومثابرة.
والحقيقة ان زملاءنا الذين انسحبوا معظمهم قد جاءوا من مناطق اخرى فاللغة الانجليزية لديهم لاتجاري تلك المقررات على عكسنا ابناء المنطقة الشرقية الذين تعلمنا اللغة الانجليزية منذ الصغر بفضل وجود الجاليات الاجنبية هنا وندرك منذ الصغر اهمية اللغة الانجليزية فمن اكمل الدراسة في كلية الطب هم ابناء المنطقة الشرقية وانا ايضا استفدت من شقيقي محمد حين كان يعلمني اللغة الانجليزية وانا صغير قبل دراستي المرحلة الابتدائية فاستفدت ولله الحمد الشيء الكثير و احببت هذه اللغة اضافة لان الوالد ـ رحمه الله ـ كان يتحدث اللغة الانجليزية بسبب عمله في شركة ارامكو.
الانجليزي للطفل مهم
@ اذا انت تؤيد قرار وزارة المعارف تدريس اللغة الانجليزية من المرحلة الابتدائية بدءا من العام الدراسي الجديد؟
ـ اكيد وبلاشك لان تعويد الطفل اللغة منذ الصغر افضل من تعويده بعد ان يتجاوز (12) عاما من العمر وليس فقط اللغة الانجليزية اي علم اخر فالاطفال، وحسب الدراسات، في سن السادسة بامكانهم ان يتعلموا اربع لغات وخمس بنفس الوقت ومتى ماتعلمها الطفل في هذا العمر الصغير فلن ينساها وبذلك لن يجد ابناؤنا في المستقبل القريب اية صعوبات لغوية في حياتهم الدراسية كما يحدث الان.
الامور طبيعية
@ وهل واجهتك صعوبات او مواقف اثناء دراستك بالمرحلتين المتوسطة والثانوية؟
ـ لا ولله الحمد وهذا من فضل ربي علي فالامور كلها سارت طبيعية حتى في عملي بعد تخرجي لم اواجه عقبات صعبة الا بعض العقبات البسيطة التي لاتذكر والتي تمر على اي شخص منا لكن الاهم انني استطيع تجاوزها بسهولة.
التعليم والظروف تغيرت
@ وكيف تقيم الدراسة الحالية في التعليم العام مع دراستكم في ذلك؟
ـ الحقيقة ان ما يعانيه الطلاب في الوقت الراهن من صعوبات هي لاسباب كثيرة منها كمية المعلومات التي تطلب حاليا من الطلاب اكثر مما كنا عليه في السابق وهذا شيء طبيعي لان الانسان في ذلك الوقت يتخرج بثقافة معينة ولديه الاستعداد للقراءة والكتابة وسعة الاطلاع من خارج المناهج المقررة ولكن الان التخطيط يختلف فطموح المسئولين في الدولة ان نصبح في يوم من الايام دولة متقدمة والتقدم لا يأتي الا بالصناعة وطموح ولاة الامر ذاته لذلك لابد من تهيئة شبابنا للمرحلة القادمة لذلك لابد ان يكون العلم والتعلم بشكل مكثف وقوي ومركز بالاضافة الى ان وقت الطالب اقل من السابق فنحن في السابق اذا ما كنا ندرس فاننا نمارس لعبة كرة القدم في الحارة لمدة لاتتجاوز الساعة او الساعتين ومن ثم نعود لمنازلنا وعلى وقتنا حتى المرحلة المتوسطة ليس هناك شخص يخرج من منزله بعد صلاة المغرب فلذلك لدينا وقت فراغ طويل للمذاكرة واداء الواجبات المطلوبة حتى حينما نذاكر فاننا نذاكر بمزاج صاف فلا توجد بوقتنا ملهيات تشغل فكر الطالب.
اما الان فان الشباب يبحث عن الكمبيوتر والانترنت ويبحث عن الالعاب الالكترونية والقنوات الفضائية ولذلك فان الذاكرة البشرية هي تخرن كمية كافية من المعلومات فما بالك حين تكون تلك المعلومات بعيدة عن المناهج والمقررات المدرسية فأين المكان الخاص بالذاكرة لاسيتعاب ما هو مطلوب من مواضيع دراسية فاذا ماجاء الطالب للمذاكرة فانه سيجد ان المعلومات قد تداخلت واختلط الحابل بالنابل.
تمكن المعلم من المادة
@ وبالنسبة لطرق التدريس الان هناك بعض المعلمين يتعذرون بعدم ايصال المعلومات للطالب لطول المنهج؟
ـ اعتقد ان الاعتماد الكلي على المدرس في التحصيل العلمي او على المدرسة ليس صحيحا ومافيه شك ان المدرس المتمكن من مادته والاسلوب الجيد في التدريس يساعد الطالب ويشجعه على متابعة الطالب بهذه المادة في المنزل كما يساعد الطالب على فهم اساسيات الموضوع اثناء الحصة على الاقل.
ليس لمجرد الوظيفة
@ ما الدور المطلوب على الام والأب في العملية التربوية والتعليمية اذا؟
ـ هذا ما ننادي به لتعليم المرأة ليس لمجرد الوظيفة وجمع المادة ولكن لكي تكون هي المعلم الثاني في المنزل بعد المعلم الاساسي او المعلمة بالمدارس ومع الاسف ان كثير من الناس يقول ان هناك الكثير من خريجات الكليات والمعاهد بدون وظائف ويتحدثون عن التعب العلمي للمرأة التي كافحت من اجل الحصول على وظيفة قدر جهدها فالمرأة حين تتعلم وتكون جاهزة لمتابعة ابنائها وبناتها في تعليمهم حيث سيحصل ابناء المرأة المتعلمة على تعليم متميز وتربية صحيحة قد لا يحصلون عليها لو لم تكن هذه الام متعلمة او على الاقل لم يتعرض هؤلاء الطلاب الى جو علمي او بيئة مثقفة.
فلذلك فان دور الام والاب في المنزل شيء مهم في تحصيل الطلاب والطالبات العلمي وهناك من يدرس ابنه في المدارس الاهلية ويجلب لابنه مدرسا خصوصيا ومع ذلك لا يفلح الطالب لان المشكلة الاساسية هي التهيئة في المنزل بين الاب والام فهما جزءان من العلمية التعليمية والتربوية ولايمكن الاستغناء عن خدماتهما بأية حال من الاحوال.
جذب الطلاب
@ وكيف يمكن جذب الطالب او الطالبة لحب المذاكرة والاطلاع بالمنزل؟
ـ هناك طريقة جيدة تشجع الطالب او الطالبة من قبل افراد اسرته داخل المنزل حين يطلبون من الطالب او الطالبة ان يشرح لهما بعض التضاريس والمناخ وعن بعض دول العالم حسب ما هو موجود بالمنهج وكأنهم يريدون من الطالب الاستفادة مما يتعلمه حتى يشعر بان دراسة تلك العلوم ليست لهدف النجاح والحصول على الشهادات بل للاستفادة من مختلف العلوم والمعارف وحين يبدأ الطالب او الطالبة بالمناقشة والطرح والمناقشة مع افراد اسرته في اي موضوع من مواده الدراسية فإن ذلك سيحببه في الاطلاع وتوسيع مداركه العلمية دول ملل او تعب فقد يكون هذا الطالب جيدا ومثابرا لكن يصاب بعقد نفسية واحباطات لانه غير شاعر بان والديه مقدران ذلك الجهد الذي يقوم به من متابعة لدروسه واداء واجباته اليومية وهذا الاسلوب الذي ينادي به التربويون من تهيئة المناخ الجيد داخل المنزل من اجل اسعاد ابنائهم الطلاب وجعلهم يتابعون دروسهم بأقصر جهد.
العدد تقلص ايضا
@ أخذنا الحديث عن التربية والتعليم ولم نتعمق في دراستك بالكلية خاصة بعد اجتيازك السنة الاولى؟
ـ الحمدلله انني كنت من المجموعة التي اجتازت السنة الاول بكلية الطب حيث وجدنا بالسنة الثانية ان العدد تقلص من (42) طالبا الى (28) طالبا لنفس السبب السابق وهو صعوبة المناهج واللغة الانجليزية فزملاؤنا تفاجأوا باكثر قدر من المعلومات ففي السنة الثانية كان هناك التشريح والاحياءوالكيمياء الحيوية وفي السنة الثالثة تقلص العدد الى حوالي (21) طالبا.
تجربة جديدة لدارسات الطب
@ وهل كان هناك تدريس طب للفتيات في ذلك الوقت؟
ـ نعم فقد كان يدرس معنا في القسم النسائي في بداية كلية الطب بجامعة الملك فيصل حوالي اربعين طالبة وكانت تجربة جديدة في المنطقة بشكل عام في دراسة الطب بالنسبة للسيدات واعتقد ان لم تخني الذاكرة انه قد تخرج منهم حوالي (19) طالبة ممن واصلن الدراسة حتى المرحلة النهائية.
خيارات محدودة
@ بعد استكمالك للدراسة بكلية الطب اين اتجهت؟
ـ كان في ذلك خيارات محدودة جدا فبعد تخرجنا كانت بداية تعيين الدكتور غازي القصيبي كوزير للصحة وكان يبدو انه حريص على الكوادر السعودية فصدر امر في ذلك الوقت بمنع اي خريج من كلية الطب الا العمل في مستشفيات وزارة الصحة دون غيرها.
ويعرف الجميع ان اهل المنطقة يحبذون العمل بشركة ارامكو وهي تمتلك مستشفى بامكانيات ممتازة فكان هو طموحنا والدفعة التي سبقتنا اتجهت للعمل في مستشفى ارامكو لكن الدكتور غازي القصيبي منعنا وهذه من السلبيات التي نذكرها عن الدكتور غازي وهي بسيطة مقارنة بالايجابيات الكثيرة عنه ولعل القرار كان خيرا بالنسبة لي انا لانه فتح امامي مجالات عدة حيث بدأنا العمل بمستشفى الدمام المركزي الوحيد في المنطقة في ذلك الوقت لانه لايوجد سواه عدا مستشفى الخبر الحكومي والذي كان عبارة عن مستوصف باسم مستشفى وكذلك مستشفى القطيف العام الذي اغلق فيما يعمل باعداد بسيطة من الاطباء وكذلك مستشفى الصدر الذي يعمل بمبنى صغير ومتواضع فكانت البداية لاتشجع ولكن كنا متحمسين وفي ذلك الوقت بالفعل.. كان هناك شيء من التحدي.
البحث عن مخرج
@ وماذا بعد؟
ـ وكنا على ما اذكر اننا نجتمع سويا كل يوم من اجل التفاهم على كيفية التخلص من هذا المأزق لاننا جميعا نطمع في مستشفى ارامكو وكنا نبحث عن واسطة للخروج من هذا المستشفى (مستشفى الدمام المركزي) وحقيقة في ذلك الوقت كانت هناك نقلة نوعية في الخدمات الصحية وهذا ليس بتقليل من شأن ما قبل غازي القصيبي لكننا نتحدث عن العهد الذي بدأنا فيه فقد نقض القصيبي كل السلبيات السابقة حيث بدأ تواجد الاطباء الاستشاريين لمستشفيات المملكة وكان خريج الدبلوم يعمل كاستشاري فالجراح بعد ان يدرس سنة واحدة او سنتين يصبح استشاريا وهم بطبيعة الحال متعاقدون وليسوا سعوديين فيقومون بجميع العمليات من التوليد وازالة الرحم وعمليات قيصرية في البداية لم نقبل ان نتعلم من هؤلاء ليس نقصا فيهم لكننا نحن درسنا لمدة سبع سنوات بالكلية بطريقة علمية حديثة تحت اشراف استشاريين عاليي المستوى والمعروف اننا بعد تخرجنا يجب ان نعمل تحت اشراف اطباء ممارسين للعمل لكن مع احترامنا لتلك المجموعة الموجودة الذين خدموا في ذلك الوقت الا ان طموحنا يختلف.
الاستحداث الجديد
@ وما سر بقائكم بالمستشفى المركزي رغم عدم القناعة؟
ـ ما شجعنا على المكوث بالمستشفى الرغبة الاكيدة من وزارة الصحة في استقطاب استشاريين واطباء اخصائيين واستحداث اجهزة متطورة وتحديث غرف العمليات وهناك رغبة في تطوير العيادات الخارجية وبالفعل كنا نشاهد كل يوم تطويرا في المستشفى.. فحين نتغيب عن المستشفى لمدة شهر في دورة نعود فنجد ان هناك سبعة استشاريين قد وصلوا للمستشفى من المانيا وبريطانيا وفرنسا وبالفعل كانت نقطة تحول في الخدمات الصحية مما شجعنا على الاستمرار وكان بامكاننا بعد مضي سنتين وهي المدة الاجبارية التي اصدرها معالي الوزير التوجه للعمل بمستشفى ارامكو او المستشفى العسكري لكننا احببنا العمل بمستشفى الدمام المركزي ووجدنا ان المرضى بحاجة ماسة للوقوف بالقرب منهم وعدم التخلي عنهم لانهم يفرحون بوجود الطبيب السعودي يتحدث معهم ويسهر على راحتهم بعد ان اعتادوا مشاهدة اطباء غير سعوديين معظمهم لا يستطيع التحدث باللغة العربية.
مقابلة خادم الحرمين الشريفين
@ وما ابرز ذكرياتك الجميلة في بداية عملك؟
ـ الشيء السعيد والذكريات الجميلة التي تعتبر نبراسا مضيئا في بداية عملي ان اول يوم عملت به كطبيب بمستشفى الدمام المركزي مع بقية زملائي خريجي كلية الطب كان يوم زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ للمنطقة الشرقية لوضع حجر الاساس لاحد المشاريع الصحية وطلب منا ان نلبس البالطو الابيض الخاص بالاطباء ونستعد للذهاب من اجل السلام على خادم الحرمين الشريفين وبالفعل توجهنا عصرا حوالي الساعة الرابعة والنصف فكانت مشجعة لنا حين نلتقي برجل الدولة الاول ونصافحه وكنا نرى في اعين الملك ـ حفظه الله ـ الافتخار بنا كاطباء سعوديين حتى انه قال لنا انتم الذين ستشغلون هذا المستشفى الجديد وهذه مناسبة اثلجت صدورنا وينتابنا الفرح كلما تذكرنا هذه المناسبة.
موقف غرفة الولادة!
@ وهل تتذكر موقفا صعبا حصل لك؟
ـ نعم اتذكر انني كنت اثناء دراستي بالكلية ارافق طبيب النساء والولادة وكانت مشكلتي توحي بان شكلي اكبر من سني وبالتالي دائما المرضى يعتقدون بأنني انا الدكتور والدكتور المتخصص هو المرافق معي.. فالمريض دائما يوجه الكلام لي شخصيا كالطبيب رغم انني ارافق الطبيب كطالب طب.
وفي احدى المرات كنت ادرس تخصص النساء والولادة وكنت مع الطبيب لفحص احدى المريضات وكنا نفحص البطن حيث كانت المريضة على وشك ولادة وكان حسب تشخيص الطبيب انها ستلد بعد ساعة او نصف الساعة وكنت موجودا بالقرب منها كطالب اسجل واتابع الحالة وادون ملاحظاتي وما حصل ان الممرضة قد غادرت والطبيب ايضا غادر الغرفة لوجود حالة طارئة وجاءت ولادتها ليس كما ذكر الطبيب بل بعد خمس دقائق فصارت تناديني وتقول يادكتور انني سوف اضع المولود في الحال ولم يكن لدي في هذا التخصص سوى ايام قليلة ليس لدي الدراية الفعلية للتوليد فوجدت نفسي بموقف صعب فعلي اما ان اولد المرأة او انادي الطبيب او الممرضة فناديت وانادي قائلا يا دكتور (تعال الحق) فحين سمعت مناداتي للدكتور سألتني المريضة الست انت الدكتور فبدأت تكيل لي الشتم وكنت في موقف لا احسد عليه.. وبالفعل شخصيتي اهتزت وكنت اخشى ان يتأثر الطفل المولود في تلك اللحظات بحكم عدم وجود طبيب او ممرضة ولكن كونها ولادة طبيعية كانت في غرفة التوليد الطبيعي المجهزة لذلك.. وعادة القابلة هي التي تقوم بعملية التوليد والحمدلله ان المولود خرج للحياة طبيعيا بعد ان وصلت الممرضة (القابلة) في الوقت المناسب بعدها تفهمت هذه المريضة الموقف.
مجاورة الاستشاري
@ ومتى بدأت التخصص في الاشعة التشخيصية؟
ـ حينما تم تعييني بوزارة الصحة على وظيفة طبيب مقيم وتوجهت في ذلك الوقت لتخصص الاشعة لان الطبيب العام هو الذي يشخص كل الحالات اما المقيم فهو الذي يبدأ في مجال تخصص معين وصحيح انني غير متخصص في مجال الاشعة لكنني استفدت من عملي بجوار الاستشاري أساعده واعمل معه حتى هيأت نفسي للتخصص.
الانتقادات المتكررة
@ وكيف تحولت للعمل الاداري؟
ـ كان في ذلك الوقت مدير مستشفى الدمام المركزي الدكتور عبدالله الفوزان وكان يشجع الشباب السعودي ودائما ما يلتقي معنا ويستمع لارائنا.. وكنت دائما اعطي الدكتور عبدالله انتقاداتي لتطوير قسم الاشعة فقال لي الدكتور ما دام ان لديك هذه المقترحات والاراء لماذا لا تأتي تشاركنا في الاعمال الادارية.. خذ مثلا الادارة الطبية فقلت ارغب ذلك لكنني الان ارغب في استكمال تخصصي في الاشعة فلا اريد حرمان نفسي من هذا التخصص وبعد فترة بدأت العمل الاداري بعد عودتي من بريطانيا.
الابتعاث لبريطانيا
@ ولماذا لم تتجه خارج المملكة في ذلك الوقت لاستكمال دراساتك العليا؟
ـ من يقول بأنني لم اتجه لذلك بل انني ذهبت الى بريطانيا كمبتعث مع عائلتي ولكن ظروف المعيشة حرمتني من استكمال الدراسة رغم انني حصلت على القبول في افضل الاماكن هناك بجامعة لندن وبمستشفى قايدن وهو من افضل المستشفيات هناك فهم لا يقبلون الدارس من خارج بريطانيا الا حين يتم اختباره.
المادة اعادتني دون الاكمال
@ الم تبتعث على حساب الدولة؟
ـ نعم ولكن ان المبتعث السعودي لايحصل الا على نصف الراتب الاساسي وهذا لا يكفي سوى ايجار الشقة وبقية المصاريف الاخرى ستكون على كاهل الدارس واتمنى ان يكون الوضع الحالي قد تغير فكنت استلم راتبي بالكامل واسلمه لصاحب الشقة وباعتبار ان حالتي المادية ميسورة في ذلك الوقت استطعت دراسة سنة ونصف السنة وسوء حظي انني لم افكر بالانتقال لمدينة اخرى في بريطانيا اقل تكلفة فوجدت نفسي انه يجب علي العودة للسعودية واقنعت نفسي بانني استطيع اكمال رسالتي في المملكة بعد ان استكملت السنة ونصف السنة من الدراسة خاصة وانني مؤهل للامتحان في اي وقت ببريطانيا بعد ان انهيت متطلبات الجزء الاول من الزمالة.
وبعد عودتي للسعودية فوجئت بالعروض الادارية تنتظرني بوزارة الصحة ولقلة السعوديين كان الانسان حين يرفض العرض كأنه مقصر في خدمة وطنه فوافقت كبداية مديرا لمستشفى القطيف عملت بها لمدة حوالي اربع سنوات بعد ان طلبت نقلي بسبب انني من سكان محافظة الخبر.
بداية العمل الاداري
@ واين اتجهت بعد مستشفى القطيف؟
ـ تم نقلي مديرا لمستشفى الامل بالدمام الذي كنت لا ارغبه نظرا لوجود حالات الادمان على المخدرات وصعوبة التعامل معهم لكنني تعلمت فيه اشياء كثيرة جدا حيث زال الاعتقاد السائد عندي ان هؤلاء المدمنين هم اسوأ مافي المجتمع فقد اتضح لي من خلال تواجدي بالقرب منهم انهم اناس عاديون جدا ابتلوا بهذه الآفة لسبب او لاخر..ووجدت انهم شباب مغلوب على امرهم وحين تناقش الكثير منهم تجد ان اسباب دخولهم في هذه المخدرات ومشاكلها اسباب قد يتعرض لها اي انسان مهما كانت قيمته الاجتماعية وعائلته فهي مسألة قدره الذي اوصل لهذا الشئ بأسباب اسر متفككة او اثناء دراسته في الخارج فالظروف ساهمت بما وصلوا اليه فأحسست بمسئولية اكثر من شيء اخر تجاه هذه الفئة لكي احاول مساعدة هذه الفئة وتخليصها مما هي عليه.
ابتعاث ثلاثة للتعافي
@ ما الذي عملته اثناء تواجدك كمسئول بمستشفى الامل بالدمام؟
ـ افتخر انني نفذت شيئا جديدا حين اخذت ثلاثة من مدمني المخدرات خلال السنة التي كنت فيها حين وجدتهم مواظبين فعرضت عليهم فكرة السفر لامريكا ويحصلون على دورة في التثقيف حتى يعودوا لتثقيف زملائهم بالمستشفى وخارجه لان من خبراتهم هم من يعرف كيفية تفكير المدمن وما يحتاجه فقبلوا الفكرة فعملت اتصالات مع المستشفيات الخاصة بامريكا وحصلت على الموافقة وكانت هناك مشكلة في كيفية ابتعاثهم فهم ليسوا بموظفين بوزارة الصحة وواحد منهم لم يحصل سوى على شهادة الثانوية العامة لكن كانت لغته الانجليزية لابأس وكانت هناك شركة (قاما) هي المسئولة عن تشغيل مستشفى الامل فعرضت على رئيس الادارة بالشركة بان هذا عمل انساني واذا نجحنا فأنتم كشركة مشغلة لكم دور فوافق على ابتعاث هؤلاء الثلاثة على حساب الشركة ذهبوا الى هناك وبعد مضي سنة اتصلوا علينا وطلبوا التمديد لستة شهور اخرى فوافقنا وكان ذلك جزءا من العلاج لهم حيث حصلوا على ثقة اكبر بانفسهم وكانوا بالفعل متحمسين وجاء بعدي الدكتور عبدالله الشريف لادارة المستشفى وبدأ يعمل دورات داخل المستشفى حتى بدأ الحاصلون على هذه الدورات يغطون احتياجات المستشفيات خارج المنطقة.
المدير والمساعد
@ واين اتجهت بعد ادارتك لمستشفى الامل بالدمام؟
ـ اثناء ادارتي لمستشفى الامل بالدمام كنت بنفس الوقت مكلفا كمساعد لمدير عام الشئون الصحية لادارة المستشفيات لمدة سنة وكان هناك تجديد وتمديدات حيث كان في ذلك الوقت بداية تشغيل المستشفيات عن طريق الشركات وعلى فكرة انا احبذ التغيير والانتقال من عمل لاخر لانني اكره العمل الروتيني التقليدي وارغب التجديد ولهذا انا الان سعيد بعد ما قدمت ما لدي كمدير عام للشئون الصحية بالمنطقة الشرقية.