عزيزتي الام قديما قالوا: درهم وقاية خير من قنطار علاج، ولعل اهم خطورة وقائية لضمان صحة الاطفال هي في تمنيعهم ضد الامراض ماهي المناعة؟ وكيف تتم الوقاية؟ اسئلة تجيب عنها الدكتورة سوسن رحال.
@ عندما يقال ان شخصا ما منيع على مرض ما فهذا يعني انه لن يصاب بالمرض مرة اخرى. ويرتبط مفهوم المناعة بالامراض الخمجية، وهي الامراض التي تنجم عن الاحياء المجهرية التي تغزو البدن، اذ يطلق تعبير الخمج على نزول جرثوم اوعامل ممرض اخر كالفيروس بساحة البدن. فاذا امكن لهذا الجرثوم بعد ذلك ان يوطد نفسه في البدن ويتكاثر يحدث المرض. فان المرض الناتج يدعى باسم المرض الخمجي وينتقل الكثير من الاخماج بواسطة العدوى، وهي انتقال العامل الخامج المسبب للمرض من شخص مريض الى شخص سليم.
وعندما يحدث الخمج ويبقى الجرثوم في البدن مدة كافية يحاول فيها ان يمكن نفسه، يستنفر البدن قواه لدرء أذى العامل الخالج، ومن جملة ما يفعله الجسم ان تقوم بعض الخلاياة الدموية التي تدعى الخلايا المناعية، بتوليد انواع مخصصة من البروتينات. تدعى الغلوبلينات المناعية او الاضداد، قادرة على مهاجمة هذا النوع المعين من الجراثيم وابطال اذاه. ولكن هذه الاضداد او الاجسام المناعية لا تدوم مدى الحياة بعد اصابة المرء بالخمج كما في حالات الاصابة بجدري الماء مثلا، فمن يصاب بهذا المرض يتمنع ضده مدى الحياة. اما الخمج بالزكام او المغزله (انفلونزا) فانه دائم التكرار.
اما التمنيع فيقصد به احداث المناعة في الجسم وذلك بتلقيح الجسم بجراثيم المرض. اي ادخالها اليه ولكن بعد ان تكون قد عولجت ببعض الطرق الخاصة التي تزيل اوتخفف جدا من ضررها دون ان تؤثر في قدرتها على استفزاز البدن لتشكيل الاضداد. وبذلك تؤدي هذه الجرعة من العوامل الخامجة او سمومها التي تدعوها اللقاح الى احداث تفاعلات مشابهة للمرض الاصلي من حيث تحريضها على تكوين المناعة ولكنها لاتتشابهه من حيث الاعراض المرضية ولاتحتاج الى معالجة.
والامراض الخمجية التقليدية التي يصاب بها الاطفال، والتي هي امراض سارية تنتقل عدواها من طفل الى آخر، تعطي مناعة دائمة. ومن هنا ضروري تلقيح كافة الاطفال بغية وقايتهم من هذه الامراض ومن بعض المضاعفات الخطيرة. فالحصبة والحصبة الالمانية وجدري الماء والسعال الديكي كلها امراض يمكن اتقاؤها قبل الاصابة بها. بل حتى الامراض الاكثر خطورة كشلل الاطفال وهو التهاب مستجابية النخاع والكزاز والدفتريا والسل من الممكن الوقاية منها باللقاحات المناسبة لكل منها حتى ان منظمة الصحة العالمية تمكنت من استئصال وباء الجدري. ذلك المرض المخيف. ومحوه من على وجه الكرة الارضية بعد قيامها ببرنامج شامل للتمنيع بلقاح هذا المرض.
اذن الوقاية خير من العلاج فعلا فالتطعيم يعمل على منع حدوث المرض بدلا من معالجته بعد وقوعه وهذه النظرية تنطبق بصورة خاصة على المرحلة المبكرة من الطفولة وهي مرحلة لا يسهل فيها دائما ايجاد علاج مناسب.