مهما طرحت الإدارة الأمريكية الحالية من مبررات ترى منفردة انها وجيهة لتسديد ضربة عسكرية لبغداد فانها لاتبدو بوجاهة المبررات المنطقية التي ادت لقيام الحرب الخليجية الثانية، فالمبررات المنفردة المطروحة حاليا لم تقابل بتأييد دولي مطلق كما كانت تظن الإدارة الأمريكية بعكس المبررات التي طرحها بوش الأب وقتذاك فلقيت قبولا واسعا ادى إلى تشكيل تحالف دولي واسع ضد العراق، فالمبررات القديمة ذات اختلاف جوهري عن المبررات الحالية، وازاء ذلك فان من الصعوبة بمكان ان يتكرر التحالف القديم ثانية لعدة اسباب حيوية يقف على رأسها الموقف الأمريكي المنفرد باتخاذ القرار وتهميش أي رأي أوروبي أو عربي في هذا الشأن، وسبب آخر يتعلق بموجة العداء التي اخذت تطفو على السطح ازاء النظرية الأمريكية المطروحة القائلة ان (من لم يكن معي فهو ضدي) وهو طرح يلغي مساحات الحوار بين الولايات المتحدة ودول الشرق والغرب ويكرس مبدأ الانفرادية في اتخاذ القرارات المصيرية التي تهم دول العالم بأسرها ولا تهم دولة بعينها، وسبب ثالث هو بوضوح أشعة الشمس في رابعة النهار يتمحور في ان مصدر تهديد العراق له صوت إسرائيلي هذه المرة وليس صوتا أمريكيا، فمن خلال الحملات السياسية والدبلوماسية والإعلامية التي تشنها تل ابيب في أوساط الرأي العام للتعجيل بالضربة تتضح نوايا إسرائيل في محاولة اخفاء جرائمها الكبرى ضد الشعب الفلسطيني، واخفاء الادلة الدامغة لتلك الجرائم عن طريق صرف النظر عما يدور على الساحة الفلسطينية وتوجيه أنظار العالم نحو الازمة العراقية، وتلك نوايا غير خافية يؤكدها الصوت الإسرائيلي النشاز بضرب بغداد، فالعالم يدرك مساوئ الحروب وويلاتها على شعوب العالم، وإسرائيل تدرك وهي تروج لعملية التسريع في تسديد الضربة ان الفارق كبير بين الضربة العسكرية القديمة في التسعينات حيث قام التحالف الدولي وقتذاك على انقاض التفكك في مفاصل المعسكر الشرقي، وبين الضربة الحالية التي لايبدو انها وشيكة في خضم عدم اتفاق دول العالم على مفهوم عادل للنظام الدولي الجديد وعدم بلورته حتى الآن.