التبرع بالدم عملية سهلة لا تستغرق سوى بضع دقائق، فضلا عن انها لا تلحق أي ضرر بالانسان السليم، كما انها عمل جدير بالثناء لانه قد يكون سببا في انقاذ حياة انسان آخر، وفي هذا السياق لابد ان نشير الى ان الآلاف من الاشخاص يقومون بشكل منتظم بالتبرع بالدم، ولكن هناك العديد من الأفراد الذين لم يسبق لهم على الاطلاق ان تبرعوا بدمهم، وذلك اما لعدم معرفتهم بالمعلومات التي تتعلق بهذا الموضوع، أو لعدم علمهم بالشروط التي يجب ان يستوفيها الشخص لكي يكون متبرعا أو صالحا للتبرع.. وفي حوارنا مع الدكتور عبدالكريم بن محمد المؤمن استشاري أمراض الدم والاورام بوحدة الاورام في مستشفى الملك خالد الجامعي وكلية الطب بجامعة الملك سعود تحدث قائلا:
الصحة مطلوبة
لكي تكون متبرعا بالدم يجب ان تكون بصحة جيدة، وألا يقل وزنك عن (50) كيلوغراما، فالحد الادنى لسن المتبرع بالدم هو (18) سنة، والحد الأقصى (65) سنة، الا إذا اصدر الطبيب المختص استثناء كحالة خاصة يسمح لك بالاستمرار في التبرع، وهناك بعض القيود الطبية على عملية التبرع بالدم ، فاذا سبق وان تعرض الشخص للاصابة بمرض الزهري أو التهاب الكبد او اليرقان، او اذا تعرض لالتهاب الكبد خلال الأشهر الستة الاخيرة، فانه لا يجوز له التبرع بالدم، كما لا ينبغي على الاشخاص الذين سبق لهم الاصابة بالملاريا ان يتبرعوا بالدم كذلك الحال بالنسبة للمصابين بداء السكري الذين يحتاجون للانسولين أو المصابين بأية امراض خطيرة في القلب او الكلى او الرئتين او الكبد لان هذه الأمراض تحول بصفة مستمرة دون عملية التبرع بالدم، الى جانب ان الاصابة بمرض السرطان خلال السنوات الخمس الأخيرة سبب للامتناع عن ذلك.
وأضاف الدكتور المؤمن قائلا: ايضا قد يتم منعك مؤقتا التبرع بالدم إذا كنت تعاني نزلة برد أو زكاما او حساسية فاعلة او كنت قد خضعت لعلاج في الأسنان خلال الـ (72) ساعة السابقة، ولكن يمكن ان تتبرع بالدم في وقت لاحق، وكذلك فان الحمل الحديث، أو العملية الجراحية الرئيسية تتطلب فترة انتظار تمتد من ستة أسابيع الى ستة اشهر، ويتوقف ذلك على صحة الشخص وطبيعة العملية الجراحية، ايضا السفر الى بعض مناطق العالم قد يكون سببا في منعك من التبرع بالدم لفترة محددة من الوقت واحيانا لا يسمح بالتبرع لفترة مؤقتة إذا كنت تتعاطى نوعا معينا من الأدوية.
الدم والاورام
وفيما إذا كانت هناك علاقة متلازمة بين الدم والأورام قال الدكتور المؤمن: نعم هناك علاقة قوية أولا ان الدم يشتمل احيانا على بعض الأورام فهناك بالنسبة للدم أمراض الدم الحميدة، وهناك أمراض الدم الخبيثة التي تشمل الغدد اللمفاوية أو ما يسمى بأمراض هو تشكن، ولذلك فجزء من الدم يعتبر من الاورام وجزء من الدم غير الاورام، بالاضافة الى ذلك هناك علاقة قوية بين الدم والاورام من ناحية ان الادوية الكيماوية التي تستخدم في الاورام الخبيثة هي نفسها التي تستخدم غالبا في الاورام الخبيثة للدم. وكذلك ان الاورام عندما تصل الى النخاع العظمي فانها تؤثر على الدم حيث تنقص الكريات الحمراء وتنقص الصفائح الدموية، وتنقص المناعة بسبب تأثير الاورام الخبيثة، كذلك فالأدوية الكيمائية التي تستخدم للأورام الخبيثة تؤدي باعتبارها لا تعرف او تميز بين الخلايا الخبيثة أو الخلايا الحميدة الى قتل معظم الخلايا ومن ضمنها خلايا الدم ولذلك فان مريض الاورام الخبيثة أو السرطان عندما يأخذ الادوية الكيماوية فان اكثر المضاعفات تحدث بسبب نقص الكريات البيضاء والتي تؤدي الى نقص المناعة وكذلك الى نقص وكذلك الى نقص الصفائح الدموية التي قد تؤدي الى نزيف أو نقص الكريات الحمراء التي تؤدي الى فقر الدم، ولذلك فالعلاقة قوية جدا وان مريض السرطان يحتاج إلى دعم من ناحية الدم ومن ناحية المضادات الحيوية ومن ناحية الأدوية.
@ على مستوى المملكة هل لديكم مؤشرات عن بروز مثل هذه المشاكل خصوصا وان هناك من يشير إلى ان المنطقة الشرقية ترتفع فيها معدلات أمراض السرطان؟
- في الواقع هذا غير صحيح رغم احساس الناس وتساؤلات بعضهم ان الامراض تكثر في الشرقية أو غيرها فهناك احصاء من سجل الاورام الوطني يثبت ان عدد الحالات يعادل أو يساوي المعدلات العالمية او اقل منها في بعض الحالات السبب في ان الحالات اصبحت كثيرة يعود الى ان التشخيص اصبح متوافرا في الوقت الراهن مقارنة بالاعوام الماضية قبل ثلاثين أو اربعين سنة حيث كان التشخيص غير متوافر وكان الناس يتوفون دون ان يعرف التشخيص ولكن الآن مع وجود مراكز متخصصة والتحويل الى مراكز طبية متقدمة اصبح هناك بعض ممن يشعر أن هناك زيادة في هذه الحالات ولكن الواقع ان الزيادة طبيعية تبعا لزيادة معدلات السكان وحسب الاعمار وهي لا تزيد عن المعدلات العالمية وهذا موجود وموثق.
دراسات حديثة
@ ما أبرز الدراسات الاخيرة التي قمتم بها على مستوى الدم والاورام؟
- طبعا الدراسات عديدة ولا يمكن حصرها وكما هو معروف فان التعامل مع الدم والاورام لا يستطيع شخص واحد ان يقوم به وحده بل لابد من فريق عمل كبير ولكن يمكن ان اشير إلى أن اكثر شيء يمكن ابرازه هو المشاركة في السجل الوطني للاورام والذي قام برصد جميع حالات الاورام وتصنيفها حسب سرطانات الدم المزمنة والحادة وسرطانات مختلف الأعضاء كالكبد والبنكرياس والمبايض والثدي وهذا كان أحدث ما اجريناه.
مؤشرات مرضية
@ ما اهم مؤشرات هذا السجل؟
- اولا هذا السجل يفيد بان عدد الحالات لاتزيد نسبتها عن اي دولة في العالم وتبلغ هذه النسبة اقل من واحد في المائة بالنسبة للسكان ولكن هذه توزع على عدد حالات على سبيل المثال كان اكثر الحالات هي سرطان الثدي في النساء بالنسبة لمرض السرطان وبالنسبة للرجال كانت اكثر الحالات هي سرطان الكبد ومع ذلك فهناك اختلافات عن بعض المناطق الاخرى في العالم فسرطان الكبد لدينا يعتبر اكثر من الغرب بينما سرطان الرئة يعتبر اقل من الغرب ولكن المعدل العام لا يخرج عن المعدل الموجود في الدول الاخرى.
أهمية التواصل
@ هل هناك حاجة لوجود اتصال بين الاطباء الاكلينيكيين واطباء المختبرات بشكل اكبر عند التشخيص والمتابعة؟
- في الواقع نعم فهذا مهم جدا فكما تعرف ان جميع الاطباء مشغولون واطباء المختبرات مشغولون وانت عندما تطلب عينة للفحص فهذه تتطلب اولا وضع معلومات دقيقة جدا على طلب الفحص وتتطلب ان تؤخذ العينة بطريقة معينة، وان تحفظ بطريقة معينة وان تنقل بطريقة معينة في وقت معين فهذه العينات اذا لم تؤخذ بالطريقة السليمة فإنها قد تعطيك تشخيصا خاطئا، واحيانا في بعض الاحيان الحالات تحتاج الى اتصال من الطبيب الى طبيب المختبر لكي تعطيه فكرة عن المريض حتى يستطيع طبيب المختبر ان يساهم في اعطاء التشخيص فاحيانا قد ترسل عينة وتأخذ الطريقة الروتينية وتوصل بطريقة غير صحيحة ويظهر التشخيص غير صحيح اضافة إلى انها قد تصل متأخرة وبالطريقة هذه اصبح وجود المختبر والامكانات مهدرة دون ان تعطي الفائدة القصوى منها فالفائدة القصوى تحصل بالتنسيق بين الطبيب وبين المختبر.
مستجدات طبية
@ على صعيد امراض الدم هل هناك بعض الامراض كانت لكم بحوث حولها واستجدت بعض المؤشرات التي قد تعطي دلائل ايجابية؟
- نعم ولله الحمد فقد كان عندنا كثير من المشاركات في مرض الانيميا المنجلية وهذه تكثر في المنطقتين الشرقية والجنوبية وكانت لنا مشاركة جيدة وكنت انا وزملائي اول من ادخل عقار الهيدروكسيوريا للمملكة والشرق الاوسط وهذا جاء بنتائج كبيرة جدا بحيث اصبح المرضى الذين يتناولون هذا العقار وهو عبارة عن كبسولات اصبحت النوبات الحادة والآلام اقل بكثير من السابق اي قلت او تقلصت من 100% الى 50% واصبح كثير من المرضى يزاولون اعمالهم بشكل طبيعي تماما وهذه كانت مساهمة وجدت تشجيعا كبيرا من كافة قطاعات الدولة وعلى رأسها حكومة خادم الحرمين الشريفين التي تشجع كل مافيه فائدة لاي مواطن سواء كان مريضا أو غير مريض فكان هناك تشجيع باعتماد البحث الذي قدمته بالرغم من انه لم يكن يعمل فيه في السابق ووجد انه كان مفيدا جدا وطبعا هناك مساهمات اخرى في مجال نقل الدم حيث لدينا دراسة لم تنشر بعد اثبتت ان التبرع بالدم له فائدة للانسان غير الأجر من الله سبحانه وتعالى فالانسان الذي يتبرع باستمرار كما تشير بعض الدراسات الاخرى في العالم يكون اقل عرضة لأمراض القلب واقل عرضة للجلطات أو الضربات الدماغية واقل عرضة للسرطان ايضا وذلك لانك عندما تتبرع فانك تزيل الدم القديم وتزيل كمية من الحديد حيث وجد ان زيادة الحديد في الجسم تؤدي احيانا الى سرطان الكبد واحيانا الى تصلب الشرايين.