حتما يختلف يومنا الوطني المجيد عن سائر الأيام. إذ في هذا اليوم الأغر وفي هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلب كل مواطن ومواطنة من أقصاه إلى أقصاه. نقلب بكل فخر واعتزاز صفحات التاريخ الخالدة الوضاءه التي سطرت أحرف كلماتها بمداد من ذهب. ونتذكر كيف تمكن المؤسس الباني المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - بناء هذا الكيان الشامخ بعد مسيرة طويلة وحافلة من الجهاد والكفاح من بناء الدولة العصرية الحديثة بكل مقوماتها ودعائمها القوية وتولي دفة مقاليد الحكم أبناؤه البررة من بعده يرحمه الله. الذين ساروا على نهجه فأصبحت بلادنا ولله الحمد تتبوأ مكانتها المرموقة بين الدول وأصبح صوتها مسموعا بين الأمم. إن مناسبة اليوم الوطني لمملكتنا الغالية لهي مناسبة عزيزة علينا جميعا لأنها تحمل معاني وذكريات كبيرة نفتخر بها ونحرص على التمسك بها لأنها تمثل ركائز هذه البلاد ومبعث حضارتها ونجاحها, ففي هذا اليوم وقبل 72 عاما - أنعم الله - عز وجل - على بلادنا بنعمة المحبة والتعاون بعد الخصام والشقاق والنزاع وهذا التوحيد جاء يحمل راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) رمز هذه العقيدة التي أكرم الله - عز وجل - بها هذه الأمة وجعلها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
لقد تكللت جهود المؤسس الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله وأسكنه فسيح جناته بالنجاح حين حمل راية التوحيد والجهاد فأقام هذه الدولة التي تحكم بشرع الله - عز وجل - فانتشر العدل والطمأنينة وعمت بلادنا الخيرات وأصبح الجميع سواسية أمام النظام وقامت الأمة لتحمل راية النهضة بعزيمة صادقة يقودها ملك عادل ويعاونه أبناؤه الميامين ورجاله المخلصون حتى تحققت هذه النهضة فزرعت الأرض من بعد جفاف واخضرت البلاد بعد الجدب والقحط وجرت المياه لتسقي الزرع والحرث وقامت المنشآت الضخمة وانتشرت المدارس والمعاهد في كل مدينة وقرية لتقضي على الجهل وتنشر العلم والثقافة والمعرفة وتزرع في قلوب الناس عقيدة التوحيد الخالصة وترسخ في نفوسهم أخلاق الإسلام الفاضلة, وفي عقولهم علوم الحياة النافعة.
إن هذه المناسبة هي بلا شك ذكرى عزيزة على النفوس لأنها تمثل الأساس المتين لهذه الأمة المبني على تطبيق شرع الله - عز وجل - وعلى هدي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وتمثل لنا النهضة الشاملة التي وضع قواعدها الملك الباني المؤسس عبد العزيز رحمه الله وسار على نهجه وأكمل البنيان أبناؤه الميامين من بعده حتى وصلت المملكة ولله الحمد إلى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - أيده الله ونصره وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله وهي تحكي مثالا حيا للحضارة الراقية والتقدم السريع في مختلف المجالات.
واليوم الوطني يرمز إلى هذه الجهود المخلصة التي بذلها ولاة الأمر حفظهم الله لتحقيق الخير لهذه البلاد وأبنائها كما يرمز إلى الإنجازات العظيمة التي تحققت لبلادنا في كافة المجالات والأصعدة ومنها مجال العلم والتعليم حتى أضحت واحة للعلوم وقدوة للدول الناهضة, والأمم التي تسعى لبناء حضارة وارفة. فها هي الشواهد والظواهر ماثلة أمام الأعين في كل مجال. ففي مجال التعليم أصبحت مدارسنا ومعاهدنا وكلياتنا وجامعاتنا تنتشر في كل أجزاء الوطن وأصبح بنوه وبناته ينهلون من العلم النافع, ويحصلون على التخصصات المفيدة مهما ابتعدت أوطانهم ونأت ديارهم بفضل الله عز وجل أولا ثم بفضل ما وفرته الدولة الرشيدة من إمكانات وخبرات وتقنيات.
إن ما تحقق وما سيتحقق إن شاء الله من مكتسبات لهذه البلاد على عواتقنا مسئولية ليست بالسهلة وهي المحافظة عليها وإنشاء الله إننا لقادرون بعد أن نستمد العون من الله عز وجل على المحافظة عليها وصيانتها وبذل الجهد المخلص ومضاعفة العمل والتعاون والجد لكي تبقى بلادنا شامخة ومرفوعة الهامة إن شاء الله.
إن المملكة العربية السعودية وهي تمر بهذه الذكرى الخالدة تستعيد ماضيها التليد وتضعه نبراسا أمامها لتمزج ذلك العبق الأصيل مع الحاضر المشرف لبلادنا الحبيبة وهي تعيش هذا العصر بتداعياته الحضارية ومقوماته المختلفة على جميع الأصعدة مما جعل لمملكتنا الغالية مركزا مرموقا بين دول العالم مع احتفاظها بمبادئها وثوابتها الراسخة ومواقفها الصلبة الثابتة المتجذرة بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل القيادة الرشيدة التي يقودها بحكمته خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسو النائب الثاني الذين لا يألون جهدا لخدمة هذا الوطن الغالي ومواطنيه راجيا المولى جل وعلا أن يبارك جهودهم وأن يجعلهم دوما سندا وذخرا.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
* مدير عام تعليم البنات بمحافظة حفر الباطن.