إذا كان الاحتفال باليوم الوطني لأي دولة يمثل اليوم الذي أشرقت فيه على مواطنيه شمس الحرية من براثن الاستعمار ونور الاستقلال من قبضة الاستعباد الجاثم ممن صادر الحقوق واستولى على المصالح وعيش تلك الشعوب في ضيق من العيش فإن اليوم الوطني في هذه البلاد لابد أن يكون مختلفا تماما كون هذه البلاد لم تخضع لذلك البغيض وإنما يأتي الاحتفال بهذا اليوم لنستلهم العبر من تلك الوحدة التي ألفت القلوب وذلك التأسيس الذي قام بفعل خارق من رجل كان له من النبوغ والنضج الفكري والقوة ما أهله لأنه يضع هذا الوطن في مصاف الدول التي تفخر بمنجزاتها ولا تبكي على ماض تولى. الملك عبد العزيز حول الحلم إلى واقع ملموس وردم بهذه الوحدة حقبة من التاريخ كنا نعيش فصلا من فصول التمزق والتناصر والفرقة بفعل القبلية والتعصب الأعمى فأراد الله به خيرا لأن نرى هذا التمازج بين أبناء المملكة من أطراف الخليج شرقا إلى أمواج البحر الأحمر غربا ومن قمم جبال السراة جنوبا إلى تخوم تبوك شمالا مرتبطة بهضاب نجد عمقا. كانت التحديات كبيرة ولكن كان الإنجاز أكبر قياسا بأعمار الأوطان التي سبقتنا بمئات السنين فواكبنا نهضتها في عشرات الأعوام. مر على يوم الوحدة والتأسيس اثنان وسبعون عاما ضربنا فيها أرقاما قياسية في سرعة الإنجاز وكثافة المنجز في جميع الميادين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا لأن تلك الملحمة التاريخية التي صاغها المؤسس بنيت على أسس سليمة روعي فيها مخافة الله أولا ثم حماية المقدسات الشريفة والحفاظ على تراب الوطن والنهوض بمستوى الخدمات فيه لينعم المواطنون بخيراته وكنوزه فجاءت ثماره يانعة طواعية حتى أصبحت بلادنا مضرب المثل في قيادة العالمين العربي والإسلامي من خلال المواقف الثابتة التي لا تعصف بها الأهواء إلا تبعا لما جاء به الدين القويم الشريعة السمحاء والمصالح المشتركة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن دون المساس بثوابت ومفاهيم رسخها المؤسس ووضعها دستورا لهذه البلاد بعيدا عن الأحكام الوضعية التي يعتريها المد والجزر في مدى نجاح التطبيق من عدمه أما نحن فقد وفقنا في فتح الطريق للتواجد الفعلي على خارطة هذا العالم بحضور يشرفنا في القرن العشرين وها نحن قد تخطينا عقبات الألفية الثالثة بكل ثبات رغم ما شهده ويشهده العالم من أهوال ومخاوف وزعزعة في البنى الاستراتيجية التي يعتمد عليها المشرعون في رسم مستقبل أوطانهم ومواطنيهم. لقد حاول المغرضون والمرجفون عالميا أن يضعوا هذه البلاد على خارطة المجهول وكان للصهيونية دور بارز مخز في محاربة هذه البلاد إعلاميا وتحين الفرص لأن يتخذوا من أحداث 11 سبتمبر جسورا لتغيير مخططاتهم وترجمة حقدهم الدفين ليس لأننا نتخذ من العداء نهجا ومنهاجا لكنهم يعلمون أن حكومة هذه البلاد لا يمكن ان تفرط في حق مسلوب للعرب والمسلمين وأنها تتعامل معه وكأنها معنية به بالدرجة الأولى وهذا هم المسلم المؤمن بربه وديانته والمتسلح بعظمة الإسلام لا تأخذه لومة لائم وهذا ما أثبته قادتنا في كل محفل وعلى كل صعيد تهاوت فيه المثل عالميا فكنا نحن بفضل الوحدة والتوحيد وتلك الأطر التي بناها المؤسس بيده مرفوعي الهامة لأن حكومتنا لا تحب التدخل في شئون الآخر كما أنها لا تفرط في مصداقيتها ولا تخضع بالقول لكائن من مكان ما لم يتفق ذلك مع مصالحها الدينية والدنيوية.
عجلة التنمية في بلادنا تسير بخطى ثابتة لا تعرف التوقف ولا تتأثر بالأحداث ولا تتراجع إلى الوراء بفعل المؤشرات العالمية حتى إننا كمواطنين لم نشعر بما يشعر به غيرنا من تأرجح في موازين الدخول الفردية أو متعلقات الحياة الاقتصادية فكانت ولم تزل بلادنا كالطود العظيم تسير بعيدا عن تلك المتغيرات التي أثرت على الكثير من شعوب العالم فلنهنأ بقادتنا أمناء مخلصين وليهنئوا بشعب وفي بعزم لا يلين. * كاتب صحفي / الباحة