قبل اثنين وسبعين عاما اعلن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ قيام المملكة العربية السعودية كيانا وطنيا شامخا يضم شتات شبه الجزيرة العربية التي انهكتها الصراعات والنزاعات واوهنها التناحر والعصبيات البغيضة وقبعت في وهدة الفقر والجهل ردحا طويلا من الزمن وكان ذلك الاعلان التاريخي ايذانا بفجر جديد فجر يبشر بالسلام والوحدة والرفاه والازدهار.
وقد كان نجاح الملك عبدالعزيز الباهر في لم شتات القبائل وتوحيدها تحت راية "لا إله الا الله محمد رسول الله" في تلك المناخات المشحونة بالتوترات والصراعات بين القوى الدولية في هذه المنطقة الحيوية من العالم انجازا ينم عن موهبة قيادية فذة وارادة قوية صلبة وطموحا تجاوز عصره. فالمعطيات التي تعامل معها بطل التوحيد والتأسيس في سنوات جهاده الطويل كانت غاية في الصعوبة والتعقيد، والامكانات المادية المتاحة لم تكن كافية لصنع هذا الانجاز لكن ارادة الله تعالى ومشيئته ثم عزيمة وايمان الملك عبدالعزيز ورجاله الاشاوس هي التي تغلبت على الواقع الصعب، ومكنت اولئك الابطال الافذاذ من كتابة تاريخ جيد لمجتمعهم وامتهم.
وتكمن عظمة الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ في كونه اقام كيانا وطنيا اصيلا يستمد مقوماته وثوابته وسمات هويته من ارثه الاسلامي الاصيل وتاريخه العربي التليد فالدولة السعودية التي بناها عبدالعزيز نبتت من تراب هذا البلد الطاهر تستلهم قيم العقيدة الاسلامية في مناهج حكمها وتعاملاتها وضوابطها الاخلاقية وتستنبط اولوياتها واهدافها ومسئولياتها تجاه امتها ودينها وتسترشد في خطى تقدمها وتطورها بهدي الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح، فلم يكن غريبا ولا مستغربا ان يتصدر الاهتمام بأمن الحجيج وسلامتهم وحماية مقدسات المسلمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة اولويات الملك عبدالعزيز في وقت مبكر، وان تصبح اشاعة العدل والامن والاطمئنان هاجسا للدولة الوليدة، وان يأتي فن الحكم والادارة في العهد الجديد متوافقا مع قيم الشورى والتناصح.
وعلى هدي هذه الثوابت انطلقت ايضا مسيرة التنمية والبناء في عهد المؤسس ثم تبعه ابناؤه البررة على ذات الطريق عملا دؤوبا وتفانيا ومثابرة وغيرة ونخوة على كرامة الامة وتواصلا لا ينقطع مع المواطنين في كل مكان دون قيود او حواجز حتى غدت خصوصة العلاقة بين ولاة الامر في المملكة ومواطنيهم انموذجا يجذب اهتمام الآخرين واعجابهم.
وتجيئنا الذكرى الـ 72 ليومنا الوطني وبلادنا ترفل اليوم في حلل العزة والمجد وشعبنا ينعم بحمد الله بالامن والرخاء، وشبابنا يطرق ابواب المستقبل بثقة وثبات متسلحا بالايمان والعلم والمعرفة والتدريب والتأهيل الذي اهله للتميز والتفوق في علوم العصر وتقنياته في مختلف المجالات وآفاق التطور والتقدم والتحديث مازالت مفتوحة بلا حدود امام نهضة تنموية مستمرة تشير كل الدلائل الى توفر مقوماتها المادية والبشرية.
اننا مدينون جميعا فيما تحقق لنا من مكاسب بعداللة لأولئك الرجال الذين ضحوا وجاهدو وكابدوا حتى يصنعوا لنا هذا الكيان الشامخ وعلى رأس هؤلاء الملك البطل والقائد الفذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن كما ان في اعناقنا ـ نحن ابناء هذا الوطن ـ طوقا جميلا لقادتنا الذين تحملوا اعباء المسئولية الوطنية الجسيمة فتابعوا البناء والتنمية دون ان يفرطوا قط في الثوابت والقيم.
التي ورثوها عن والدهم العظيم.
محافظ المؤسسة العامة
للتعليم الفني والتدريب المهني