كافحت نورة عبدالرحمن الناصر في أداء رسالتها الاجتماعية والوظيفية على ربع قرن.. بدأت حياتها معلمة لمدة 3 سنوات، ثم أصبحت وكيلة مدرسة لعامين، ولتفوقها أسند إليها منصب مديرة مدرسة متوسطة، ولما تتمتع به من كفاءة عُينت مديرة مدرسة، وبقيت في هذا المنصب 15 عاماً، ثم رُشحت للعمل في الإشراف التربوي، ولا تزال في هذا المنصب منذ 4 سنوات.
في لقاء (اليوم) معها تكشف عن الوجه الآخر لزوجها المهندس حمد علي الحليبي، مدير إدارة المدينة الصناعية بمحافظة الأحساء، وقد كانت ثمرة زواجهما 4 أبناء.. وفيما يلي حوارنا معها:
هذا هو زوجي
@ كيف تصفين شخصية زوجك؟
ـ هو شخصية قيادية، محبوبة، يسهل التفاهم معه، سواءً كان ذلك في المنزل أو العمل أو في المجتمع، لا يصادر آراء الآخرين، بل يستنير ويسترشد بها، يحب المشورة في الأمور التي تتطلب ذلك.
@ هل يشركك في أمور العمل (الوظيفة)؟
ـ أمور العمل شأنه الخاص، وحياته العملية لا يسمح لأحد في المنزل بالتدخل فيها، كما أنني لا أحب ان أكون فضولية، ولكن يبقى دوري في تهيئة الجو المريح له، بحيث لا تطغى أمور العمل على حياته العائلية في المنزل، فكل له مكانه، وأسعى دوما لمساعدته في تحقيق النجاح في حياته العملية، دون التدخل في خصوصيات عمله الوظيفي.
@ هل هناك اختلاف بين شخصيتك وشخصيته؟ ومن صاحب القرار في المسائل العائلية؟
ـ لا يوجد أي اختلاف في الأفكار والتوجهات، إنما قد يوجد بعض التباين في وجهات النظر، عموماً فكل منا يكمل الآخر، وبوجود التفاهم والانسجام يكون هناك قدر كبير من التوافق في الشخصية، كما ان القرار الذي يخص شئون العائلة نتعاون دائماً في تبادل الآراء والتشاور حتى نصل للقرار الصائب حوله.
@ كيف يقضي أوقات فراغه؟ وما نصيب العائلة من ذلك؟
ـ أوقات الفراغ لديه قليلة جداً، بسبب مشاغله العديدة ومسئولياته والتزاماته الكثيرة، بسبب الارتباطات الوظيفية، ولكن عندما يكون لديه أي وقت فراغ فانه يجعل جزءاً منه لمتابعة أولاده دراسياً، ويخصص جزءا آخر للزيارات العائلية، خاصة لوالده، والتي تكاد تكون يومية، ثم ان هناك نصيباً طيباً للترفيه والنزهة، حيث يحب اصطحاب الأسرة في رحلة إلى المزرعة، التي تستهويه كثيراً وغيرها من الأماكن، كما أنه يتزاور مع أصحابه ويشاركهم في المناسبات.
@ كيف تجدين تعامله مع أولاده؟
ـ يحرص دائما على تربيتهم باستخدام الأساليب التربوية الحديثة، ويتعامل معهم حسب ما يتطلبه الموقف، يشعرهم بحنان الأبوة والعاطفة المتعقلة، فهناك لطف ولين وألفة ومودة ومرح في الأوقات التي تستدعي ذلك، ويتعامل بالحزم عندما يرتكب أي منهم خطأً ويحاسبه ويعنفه بقدر الخطأ الذي وقع فيه، مع استخدام أسلوب التوجيه والنصح والإرشاد في أغلب الحالات، عموماً هذه الأخطاء تقع نادراً، لأنهم يحترمون شخصية والدهم، ولديه القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، كما يتعامل مع أولاده الكبار كأخ ناصح وموجه ومرشد وصديق محب، دون أي فرق بين الذكور والإناث منهم.
@ بصراحة، ماذا يعجبك في زوجك؟ وماذا لا يعجبك فيه؟
ـ يعجبني فيه صفات وخصال كثيرة، منها الإيثار وإنكار الذات مع القريب والبعيد، وحبه للآخرين، وتواضعه، وحرصه على إجابة دعوة الأصدقاء في المناسبات. وما لا يعجبني فيه عدم اهتمامه الكافي بالمحافظة على صحته، وعدم إعطاء نفسه الراحة الكافية، فهو يرهق ويجهد نفسه كثيراً.
بين التدريس والإدارة
@ مارست التدريس والعمل الإداري ثم الإشراف التربوي.. في أيها تجدين نفسك؟
ـ حقيقة جميع هذه الجوانب جميلة جداً، ولكن أفضل الأعمال التي ارتحت لها كثيراً مهنة التدريس، فهي ممتعة حقاً إذا أُديت بالشكل المطلوب، حيث تتعامل المعلمة مع عدة أشياء، أهمها الطالبات، إضافة إلى فوائدها في تطوير الثقافة والتفكير وتنمية الإبداع من خلال التحضير الذهني والكتابي وأسلوب ووسائل العرض.
@ طالما تفضلين التدريس فلماذا اتجهت للعمل الإداري؟
ـ لم يكن ذلك رغبة منيّ أو باختياريّ، بل لكون تلك الفترة التي طُلب مني العمل مساعدة (وكيلة) كان هناك احتياج إلى إحلال العناصر السعودية الوطنية محل غير السعودية في الأعمال الإدارية، ولوجود نمو، ولكون من رشحتني شجعتني كثيراً وأقنعتني بالموافقة، وقبلت الأمر، ومع ذلك فقد قدمت ما أستطيع وبذلت جهدي لخدمة قطاع التعليم في هذا المجال، ووجدت كل تعاون من الزميلات اللواتي أشكرهن على ذلك.
@ 20 عاماً من العمل في التدريس والإدارة كلها في المرحلة المتوسطة، ألم تفكري بالعمل في المراحل الأخرى؟ أو لماذا هذه المرحلة بالذات؟
ـ لم يكن ذلك أيضاً برغبة مني، وهذا ينطبق على أمور أخرى في حياتي الوظيفية، إلا ان الأمر عندي سيّان، ولم أفكر مطلقاً في مسألة الفوارق والاختلاف، أو مميزات العمل في المراحل الأخرى، فالواجبات والمهام الوظيفية في كل المراحل لا تختلف. وقد تأقلمت مع ظروف هذه المرحلة وطبيعة التعامل معها. ومع ذلك فأنا حالياً من خلال عمليّ بالإشراف أتعامل مع المراحل الثلاث منذ 4 سنوات، وأرجو ان أكون قد وفقت وحققت النجاح في ذلك. والحمد لله لم أواجه أي صعوبة أو إخفاق.
@ بعد هذه السنين، إذا خُيرت بين المراحل الثلاث فأي مرحلة تختارين؟
ـ المرحلة الابتدائية لأن الإنسان كلما تقدم به العمر وزادت سنوات خدمته فان هذه المرحلة هي الأنسب له.
بين البيت والعمل
@ كيف استطعت التوفيق بين التزامات العمل والمسئوليات المنزلية أو العائلية؟
ـ بالتعاون وتقديم بعض التنازلات من جانب زوجي، وتنظيم الوقت وإعطاء كل جانب حقه، وقد حرصت على أداء التزاماتي في العمل في وقتها، وبعد العودة للمنزل أباشر مهامي العائلية، وقد لمست صعوبة في السنوات الثلاث الأولى من زواجي وبعد الإنجاب، وبعد إحضار الخادمة خف جزء من الأعباء مثل مهام النظافة.
@ ما أسعد لحظة في حياتك؟
ـ عندما أنجبت بنتي البكر، كما ان أي خبر سار يتعلق بأفراد عائلتي أو أقاربي وصديقاتي يسعدني أيضاً.
@ أصعب موقف أو مرحلة مررت فيها؟
ـ بعد عودتي من إجازة الأمومة للعمل في المدرسة كمديرة، فوجئت بفتح فصول للمرحلة الثانوية وإرسالهم الطالبات خلال تلك الفترة، حيث ان المدرسة كان فيها 22 فصلاً، وأصبح عدد الطالبات أكثر من 1500 طالبة داخل مبنى واحد وأنا المسئولة الأولى عنهم، ورغم ظروفي الصحية ومتاعب العمل إلا أنني حاولت ان أتغلب على هذا الظرف العصيب، والذي كان يحتاج لجهد إداري كبير.
@ ما الفرق بين طالبات الأمس واليوم؟
ـ الجيل السابق أفضل من عدة نواح، مثل حرص معظمهن على التعلم والاستفادة من وقت الدراسة واستثماره جيداً، حتى في الأنشطة داخل المدرسة، كما أنهن كن مطيعات وتُسهل قيادتهن، ولديهن احترام شديد لكل منسوبات المدرسة، من مديرة ومعلمة وإدارية وغيرها، أما طالبات اليوم فكثير منهن مشغولات عن الدراسة بالموضة، وكثير منهن مزاجيات، يصعب التعامل معهن، وبعضهن مصابات بالتعالي على المعلمات، وربما يعود ذلك إلى الدلال الزائد في التربية والرفاهية غير المنضطبة، حيث توفر لهن كل وسائل الرفاهية في البيت وخارجه، إضافة إلى عدم محاسبة الأهل لهن على سوء التصرف، أضف إلى ذلك تأثير الإنترنت والتلفزيون والمجلات ذات التوجه غير الإسلامي أو الاجتماعي المتوافق مع تقاليدنا، وهن عموماً جيل متمرد، وبعضهن ذوات حساسية مفرطة.
@ وما رأيك في تعاون الأمهات مع المدرسة حالياً؟
ـ قديما كان أفضل بكثير، فلقد كانت الأمهات يقفن بجانب المدرسة، ويتجاوبن مع توجيهات المدرسة، ويمارسن دوراً كبيراً في متابعة بناتهن دراسياً، أما حالياً فكثير منهن لا يزرن المدرسة الا للأمور الضرورية جداً، أو الشكوى من سوء نتيجة بنتها الدراسية، وعدد منهن لا يجدن منها أي تعاون أو تفهم.
@ ماذا ينقص أمهات اليوم؟
ـ ينقص بعضهن الثقافة الواسعة في مجال التربية، والتمسك بتعاليم الدين الإسلامي، والأخذ بنهج الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية.
سياحة الأحساء
@ أمنية تتمنين ان تتحقق؟
ـ ان يحفظ الله بلادنا وقادتها، ويديم علينا نعمه ونعمة الأمن، وان يمدنا بعونه، وان يوفق الأبناء، وان تدوم علينا نعمة الصحة والعافية والرضا. @ ما أبرز هوايتك؟
ـ القراءة، خاصة في الكتب التي لها صلة بأساليب التربية الحديثة والتعليم والكتب الدينية، وكذلك مشاهدة البرامج التلفزيونية الهادفة، مثل برامج قناة (اقرأ)، التي تناقش القضايا الاجتماعية وتربية الأبناء، وأتابع برامج الدكتور محمد الثويني، وأحرص كثيراً على متابعة جميع برامج الدكتور طارق السويدان، ولقد استفدت من آراءه وأفكاره في المفاهيم الإدارية، ونجحت في الاستفادة من تطبيقها.
@ ما أفضل بلد زرته؟ ولماذا؟
ـ اسكتلندا، للطبيعة الساحرة والخلابة، خاصة في الريف، حيث ترى مناظر رائعة جداً، وهناك مواقع فيها للألعاب الترفيهية للأطفال ومساحات خضراء للجلوس.
@ ماذا ينقص الأحساء في مجال السياحة العائلية؟
ـ كل المقومات السياحية موجودة، ولكن ينقصها الاستثمار، فلابد من تنفيذ مشايع سياحية، فهناك المزارع وعيون الماء، التي يمكن تحويلها إلى استراحات وإقامة مدن ترفيهية داخلها، وأيضاً إنشاء عدة مدن ترفيهية متكاملة للرجال والنساء.
@ ما العادات والتقاليد التي اندثرت وتتمنين عودتها؟
ـ كانت نساء كل حي يتواجدن في مصلى النساء بالمساجد، حيث يستمعن لحديث يومي يلقيه المشايخ بعد صلاة العصر، ولقد عايشت ذلك وأنا طفلة صغيرة، حيث يتحدث الشيخ عن أمور الدين والحياة فيتخرج النساء من المسجد ليطبقن ما تلقينه من علم في أمور حياتهن.
@ ما الصفة التي تكرهينها؟
ـ الغيبة، فالكلام على الآخرين لا أحبه مطلقاً، ولا أحترم قائله، كذلك الفضول والتدخل في الأمور التي تخص الإنسان.
@ ما الصفات التي تحبينها؟
ـ التمسك بالدين في كافة أمور الحياة، وحسن الخلق في التعامل والإيثار وحب الآخرين.
@ كلمات وأقوال؟
ـ الأبناء: بهجة الحياة الدنيا وزينتها.
ـ السعادة: مطلب كل إنسان.
ـ المال: ضرورة لتحقيق بعض الاحتياجات ووسيلة لا غاية.
ـ العمل للمرأة: مهم لتحقيق الذات، وفائدته على المرأة والمجتمع المحيط بها كبيرة.
@ 3 باقات ورد لمن تهدينها؟
ـ الأولى لزوجي، راجية له التوفيق في دراسته.
ـ الثانية لكل أولادي.
ـ الثالثة: لوالدتي، أطال الله في عمرها ومنحها الصحة.
@ 7 رسائل لمن توجهينها؟
ـ الأولى للأولاد: اجعلوا مخافة الله أمام أعينكم في كل الأمور، وابتعدوا دوما عن رفاق السوء، وصلوا أرحامكم، وبروا والديكم، واجتهدوا في دروسكم.
ـ الثانية لزوجي: واصل عطاءك، فنجاحك نجاح لنا جميعاً.
ـ الثالثة للمعلمات: مهنتك أفضل رسالة وخدمة تقدم لأبناء المجتمع، فكوني قدوة حسنة لطالباتك.
الرابعة للطالبات: اغتنمن فرص التعلم المتاحة لكن، احترمن معلماتكن، وتذكرن أنكن يوماً ستصبحن معلمات وأمهات المستقبل.
ـ الخامسة للأمهات: لا يعني إعطاء الثقة للأبناء تركهم أحراراً فيما يفعلون، بل لابد من المراقبة والمتابعة والتوجيه والنصح، وقمن بزيارة مدارس بناتكن، لتتعرفن على سلوكياتهن ومستواهن، فان ذلك حافز ودافع للطالبة وشعور بالمسئولية.
ـ السادسة للمديرات: تقوى الله والعدل في المعاملة وإخلاص النية والعمل لوجه الله سيجعل هناك راحة نفسية، ولابد من ان تشعرن المعلمات بأنكن أخوات كبيرات لهن، تعملن من أجل مصلحة الجميع.
ـ السابعة للمشرفات التربويات: اجعلي نفسك مكان أي معلمة وتعرفي على حاجاتها، واحسني معاملتها وتوجيهها واستمعي لها، فالهدف ليس تصيد الأخطاء، بل تطوير الأداء، فكوني خفيفة ظل بهدوئك، ولين الجانب في التعامل وتقبل وجهات النظر.