كثيرا ما نقرأ او نسمع عن عادات الكتابة لدى بعض الادباء، وما تقتضيه تلك العادات من طقوس تبدو غريبة في نظر الكثيرين، وان بدت مألوفة لدى من يمارسون الكتابة، خاصة الكتابة، الابداعية التي تقتضي شيئا من التأني والتأمل، وربما الاعادة الجزئية او الكلية منهم من يهيء لنفسه جوا خاصا لكي يكتب، ومنهم من يكتب بحبر معين.
واذا لم يتوافر له ذلك الحبر استعصت عليه الكتابة، ومنهم من يكتب وهو واقف مستندا على (طاولة) مرتفعة، فاذا جلس (طارت) منه الرغبة في الكتابة، ومنهم من يكتب في أوقات معينة، فاذا انتهى الوقت المحدد للكتابة انتهت معه (القدرة) على الاستمرار، ومنهم من لايستطيع الكتابة مالم يتضور جوعا، وهذا يناقض ما قيل عن الفنان محمد عبدالوهاب فقد قيل انه لايستطيع التلحين مالم يأكل (فرخة) محمرة بكاملها.
ومهما قيل عن طقوس الكتابة لدى المبدعين، فانها عند الصحفيين تتلاشي، لا لسهولة الكتابة الصحفية، بل لسرعة الايقاع في هذا النوع من الكتابة التي تقتضي الاستجابة المباشرة للاحداث، وبلغت بعيدة عن التأنق لتكون في متناول الجميع. وهذا ما يفسر ظاهرة كثرة الكتاب وقلة الادباء.
وهذا لايعني انتفاء صفة الابداع لدى الكتاب، واقتصارها على الادباء فبعض الكتابات الصحفية فيها من الابداع مالا يتوافر في كتابات بعض الادباء لكنه يعني تحديدا ان شروط الكتابة الصحفية تختلف عن شروط الكتابة الابداعية.
لكن هل تظل طقوس الكتابة لدى المبدعين قائمة مع وجود الكمبيوتر؟ اظن الاجابة (نعم) واعرف الكثيرين ممن يجيدون استعمال هذا الابتكار العجيب، لكنهم حين يكتبون يفضلون الورقة والقلم، فتلك (الطقوس) مرتبطة برغبة الكاتب، وخاضعة لظروفه النفسية والمزاجية.. ويمكن ادراجها ضمن قائمة الممارسات الغريبة لدى بعض المبدعين، وما اطولها من قائمة، وان لم تكن غريبة بالنسبة لهم كما قلنا.