اكدت وثائق حكومية أمريكية، ان برنامج الأسلحة البيولوجية العراقي الذي يطالب الرئيس جورج بوش باستئصاله، كان قد انطلق قبل عقدين، بمساعدة من الإدارة الأمريكية نفسها . وقالت وكالة الاسوشييتد برس ان سجلات رسمية تعود الى اوائل التسعينيات، اظهرت ان مراكز السيطرة والوقاية من الاوبئة في الولايات المتحدة، قد ارسلت عينات (من الجراثيم) الى عدد من المواقع العراقية التي اعتبرها مفتشو نزع الاسلحة جزءا من برنامج الرئيس صدام حسين للاسلحة البيولوجية.
ووفقا لسجلات الكونغرس ومراكز السيطرة والوقاية من الامراض، فقد تم ارسال العينات بناء على طلب من العراق الذي ادعى انه بحاجة اليها لاغراض اجراء ابحاث طبية مشروعة. وبحسب ما تفصله هذه السجلات، فقد ارسل مركز السيطرة على الأمراض وشركة متخصصة في العينات البيولوجية، ومجموعة ثقافة النّوع الأميركيّة، شحنات متلاحقة من الجراثيم التي قام العراق باستخدامها في صناعة الاسلحة، بما فيها الانثراكس (الجمرة الخبيثة)، والبكتيريا التي تنتج غاز البوتلونيوم السام، وكذلك الجراثيم التي تتسبب بالاصابة بالغنغرينا الغازية. وقد حصل العراق ايضا على جراثيم قاتلة اخرى من ضمنها فيروس النيل الغربي. واستنادا الى تقرير للجنة البنوك في مجلس الشيوخ، ورسالة تعقيب من مركز السيطرة على الامراض الحقت بالتقرير في عام 1995، فقد بدأت عمليات نقل هذه الشحنات من الجراثيم في ثمانينات القرن الماضي، عندما ساعدت الولايات المتحدة العراق في حربها ضد ايران. وكانت عمليات التصدير الجرثومية هذه قانونية في حينها، وتمت تحت برنامج اشرفت عليه وزارة التجارة الامريكية. غير ان العضو السابق في لجنة مفتشي نزع الاسلحة العراقية، جوناثان تاكر، اعتبر انه لن يكون من الدقة بمكان، اتهام الولايات المتحدة بانها ساعدت العراق على تأسيس برنامج اسلحته البيولوجية وقال تاكر لا اظن انه سيكون دقيقا القول ان حكومة الولايات المتحدة تعمدت تزويد العراقيين ببذرة هذا البرنامج. واضاف لقد قام (الامريكيون) بتزويد العراق بالعينات التي قال الاخير انه سيستخدمها في اغراض مشروعة تتعلق بالصحة العامة، وهو ما اعتقد انه كان من السذاجة تصديقه، حتى في ذلك الوقت".
وقد تسبب الكشف عن هذه المعلومات في وضع غير مريح بالنسبة للولايات المتحدة التي تدرس شن حرب ضد العراق، بحسب ما يؤكده السيناتور روبرت بيرد الذي ادخل الوثائق المتعلقة بعمليات تزويد العراق بالجراثيم الى سجلات الكونغرس مطلع هذا الشهر. وقد سأل بيرد وزير الدفاع دونالد رمسفيلد في جلسة الاستماع الاخيرة التي عقدتها لجنة التسلح في الكونغرس. واشار بيرد خلال السؤال الى لقاء بين رامسفلد وصدام حسين عام 1983، وكان رمسفيلد يشغل انذاك مبعوثا للرئيس رونالد ريغان الى الشرق الاوسط. وقد رد رمسفيلد بامتعاض على سؤال بيرد وقال :لم اسمع شيئا مما تقول انك قرأته (في الوثائق)، ليس لدي علم باي شئ من هذا القبيل، واشك في صحة هذه المعلومات". واعلن رمسفيلد بعد ذلك انه سيقوم بالاستفسار من وزارة الدفاع والاجهزة الحكومية الاخرى حول هذه المعلومات، وما اذا كانت هناك ادلة على وجود عمليات نقل للجراثيم الى العراق .