اتفق زعيما القبارصة اليونانيون والقبارصة الاتراك على تشكيل لجنتين، بحيث يتم تكليف اللجنة الاولى بدراسة إمكانية إقامة "دولة مشتركة" مؤقتة من قبرص موحدة، وذلك بدلا من تقسيمها إلى شطرين بين هاتين الطائفتين كما هو الوضع منذ عام 1974. وتم التوصل إلى القرار الخاص بتشكيل اللجنتين ليل الجمعة/السبت عقب يومين من المباحثات في مقر الامم المتحدة في نيويورك بحضور السكرتير العام للمنظمة الدولية كوفي عنان. وكانت المباحثات قد شهدت تباطؤا إلى حد كبير بسبب معاناة زعيم القبارصة الاتراك رءوف دنكتاش من متاعب في القلب ومن المنتظر أن يجري عملية جراحية بإحدى مستشفيات نيويورك خلال الاسبوع المقبل. وكان دنكتاش والرئيس القبرصي جلافكوس كليريديس قد عقدا اجتماعا مع عنان يوم الخميس في مستهل المباحثات. واختتم ثلاثتهم مناقشاتهم مساء الجمعة. واتفق الثلاثة أيضا على الاجتماع مرة أخرى في نوفمبر المقبل.
من جانبه، قال الفيرو دي سوتو وسيط الامم المتحدة في المباحثات القبرصية إن اللجنة الثانية ستدرس اتفاقات محتملة من شأنها إلزام قبرص بالتوصل إلى تسوية للمشكلات التي تقسم الطائفتين. وأوضح دي سوتو إن اللجنتين ستتكونان من خبراء يعينهم الجانبان، مضيفا أن دولة مشتركة هو مصطلح مؤقت سيشكل لب قبرص الموحدة على حد قوله. وجاء في بيان أصدره عنان أن اللجنتين الفنيتين الثنائيتين ستبدأن عملهما فورا، وبمساعدة الامم المتحدة، وذلك لوضع توصيات بشأن مسائل فنية بدون أي تحامل على موقف زعيمي الطائفتين تجاه القضايا الرئيسية المعنية. وأضاف البيان: ليس هناك حل بسيط للمشكلة القبرصية .. ولهذا السبب، فإن أي تسوية يجب أن تكون شاملة ومتكاملة وملزمة من الناحية القانونية وتتضمن اتفاقا ذاتي التطبيق .. ويجب أن تكون حقوق والتزامات الطرفين المعنيين واضحة لا لبس فيها أو غموض ولا تتطلب مفاوضات أخرى.
وقال عنان في بيانه: كلي أمل في أن يساهم عمل اللجنتين في مساعدة الزعيمين على تحقيق الاهداف المرجوة.
وأضاف:يجب انتهاز الفرصة المتاحة أمامنا الان .. وفي هذا الاطار، فإن اليونان وتركيا لهما دور مهم عليهما الاضطلاع به وأتطلع إلى استمرار مساندتهما ودعمهما. وذكر البيان أيضا أن دنكتاش سيكون بعيدا لبضعة أسابيع مقبلة بسبب خضوعه لعملية جراحية مقررة في قلبه، لكن عمل اللجنتين سيمضى قدما خلال الشهر الحالي، وحتى يجتمع الزعيمان مع عنان مرة أخرى في نوفمبر المقبل. ومن المقرر أن يتم إلحاق دنكتاش بمستشفى كولومبيا برسبايتريان غدا الاثنين لاجراء جراحة في الجانب الايسر من القلب وسيظل هناك لمدة أسبوعين على الاقل. وكان زعيم القبارصة الاتراك قد تعرض لازمة قلبية في عام 1999. وجاءت المباحثات التي استمرت يومين في نيويورك عقب اجتماعات أخرى عقدت من قبل بين الجانبين في كل من نيقوسيا وباريس ونيويورك. وتسعى الامم المتحدة لتسوية مشكلة تقسيم قبرص بين القبارصة اليونانيين الذين يشكلون الاغلبية والقبارصة الاتراك والتي تفجرت في مطلع الستينات بعد استقلال قبرص عن بريطانيا. ودأب مجلس الامن الدولي على الدعوة إلى إقامة دولة قبرصية واحدة، ذات حكومة واحدة وجنسية واحدة. إلا أن القبارصة الاتراك - ويمثلون حوالي 18 في المائة من تعداد الجزيرة المقسمة والذي يبلغ أقل من مليون نسمة - يطالبون بدورهم بزعامة دنكتاش بدولتين تقفان على قدم المساواة وتتقاسمان السلطة في قبرص بمساواة أيضا. من ناحية أخرى، من المتوقع أن يتم منح القبارصة اليونانيين الذين يشغلون الشطر الاكبر من الجزيرة في الجنوب عضوية الاتحاد الاوروبي عندما يعقد هذا التكتل الغربي اجتماعا له في ديسمبر المقبل. كما دأب القبارصة الاتراك على التهديد بأنه إذا انضم القبارصة اليونانيون إلى عضوية الاتحاد الاوروبي بدونهم، فإن تقسيم قبرص سيظل قائما على نحو دائم. وكانت قوات تركية قوامها 35.000 فرد قد اجتاحت الشطر الشمالي من قبرص في يوليو عام 1974 ردا على محاولة انقلاب من الحرس الجمهوري ضد الاسقف الراحل مكاريوس الثالث بهدف إعلان الوحدة من جانب واحد مع اليونان. ثم أعلن دنكتاش قيام جمهورية شمال قبرص التركية في خريف عام 1983 لم تعترف بها سوى أنقرة.