ان تزايد اعداد المتقاعدين في المجتمع يؤدي الى رفع معدلات الاعالة بدرجة تعيق عملية التنمية، وتقلل من المدخرات المطلوبة لها، كما ان القوى العاملة ممن يبلغون سن الستين تمثل طاقة عمل وانتاج اكتسبت خبراتها عبر سنوات طويلة يصعب تعويضها بمجرد اضافة اعداد مماثلة من الطاقات الجديدة على سوق العمل خاصة ان عدداً من القطاعات الرائدة في المجتمع لا يتاثر العطاء فيها بالسن، بل ان دواعي الخبرة وعمق التجربة التي اكتسبها المتقاعدون من شأنها ان تثري عمل تلك القطاعات : والتي منها قطاع القضاء واساتذة الجامعات ومراكز البحوث العلمية، مثل هذه القطاعات تظل في امس الحاجة الى هذه الطاقات من القضاء والاساتذة والباحثين الذين يستطيعون الاسهام بالرأي والتوجيه بالرغم من تقدمهم في السن .
ان الدول النامية في سعيها للتنمية تحتاج الى تجميع قواها البشرية والاستفادة من كافة قطاعاتها البشرية شباباً وكباراً رجالاً واناثاً، فان الاهتمام بالمتقاعدين امر تفرضه ظروف المجتمع وسعيه للتنمية، ووضع البرامج والخطط التي تهتم بالمتقاعدين لا تعود عليهم مباشرة فهي تعود على الشباب انفسهم . فعندما يشعر الشاب الذي يعمل بجد واجتهاد ان المجتمع لن ينساه في كبره بوضع البرامج التي تكفل له حياة كريمة في كبره فسيزيد اهتمامه بعمله وتقديره لمجتمعه وتقضي سياسة التقاعد الاجباري الى الربط بين سن وعمر الموظف وتقاعده بغض النظر عن ظروفه الصحية وقدراته على العطاء واستمرارية العمل . وقد ادى ذلك الى تزايد اعداد المتقاعدين الذين يبلغون سن الستين، اضافة الى تزايد معدلات الحياة بعد هذا السن نتيجة الانجازات التي يقدمها المجتمع لسياسات الرعاية الاجتماعية واضافة الى تزايد معدلات الحياة فان التقاعد المبكر اسهم ايضا في اتساع فترة التقاعد التي يعيشها الفرد، دون ان يكون له حق المشاركة الرسمية في الحياة الاجتماعية، وبالتالي اصبح العمر الذي حدده المجتمع للتقاعد بمثابة خط فاصل بين مرحلة سابقة واخرى جديدة لها سماتها، والتي من اهمها عدم المشاركة، والانسحاب من الحياة العملية، مما يؤدي الى فائض كبير في الايدي البشرية .
لذلك فان استمرار المتقاعد في العمل والعطاء ومشاركته الايجابية في مختلف مجالات الحياة لا يعني تأمين الجانب الاقتصادي له، فان هذا الجانب على اهميته بالنسبة للمتقاعد يبدو اقل اهمية بالنسبة للجوانب الاخرى التي يحققها النشاط في حياته ولعل منها :
ضمان التخلص من الفراغ والشعور بالوحدة والاحساس بعدم الفائدة المصاحب للخمول والكسل.
الفائدة التي تعود على المجتمع ككل والمتمثلة في دعم الجهود التنموية والاستفادة من قدرات وامكانات وخبرات المتقاعدين واستثمارها لصالح المجتمع.
فهد سليمان بن سالم العتيق