يصحو الطالب متثاقلا.. وحقيبته يجرها وراءه جرا للحاق بمدرسته التي تأخر عليها كثيرا.. هكذا هو روتينه اليومي.. كثيرا ما يصحو متأخرا وهو في عجلة من أمره.. ينسى بل يتناسى وجبة الافطار والتي تعد من أهم الوجبات في اليوم.. كيف لا وهي تمد الجسم بالطاقة اللازمة للتغلب على ما يبذله من جهد يومي.. خصوصا ان نسبة السكر تكون صباحا في ادنى مستوى لها.. لانخفاضها اثناء الليل.. ويحتاج الجسم البشري معها الى شيء من السعرات الحرارية لتوازن ما يفقده ذلك الجسد من طاقة.
وكثيرا ما نشهد الصراع الذي يقوم بين الأمهات وفلذات اكبادهن وهن يحاولن اقناعهم بتناول شيء من الطعام اليسير ليقيم أودهم ولكن هيهات لتلك الشهية المنعدمة ان تقبل ما يقدم لها رغم حملات التوعية الطلابية والإعلام.. وغيره من النشرات.. ويبقى ان نعقد الكثير من الأمل على (مقاصف المدرسة) لتعويض الطالب عما يفقده من طاقة.. فها هو النهار ينتصف والجوع قد أخذ من هؤلاء الطلاب كل مأخذ.. وحين يرن جرس المدرسة يعلن بحبور عن وقت الفسحة المدرسية.. يتراقص الطلاب فرحا انه موعد التهام الطعام ولكن لنلق نظرة على محتويات ذلك المقصف المدرسي والذي يفترض فيه ان يحتوي على المأكولات الصحية.. خصوصا انه يعني بالطلبة.. عماد المستقبل وكم تشعر بالأسى وانت ترى الارفف معبأة بالأطعمة المعلبة والمشروبات الغازية بألوانها البراقة ومحتوياتها المليئة بالألوان والمواد الحافظة.. هناك مشروب احمر. او اصفر وبرتقالي يقال له جزافا عصير فواكه وهو لا يعدو كونه ماء وسكرا ورائحة فاكهة. والأدهى والأمر من ذلك وجود المياه الغازية عديمة الفائدة والتي تلقى الترحيب من لدن الطلبة.. مما يجعلها قاسم ربح مشترك في أي مقصف مدرسي!
اما عن الأغذية فهي لا تعدو كونها حلويات.. تنشر السوس في اسنان هؤلاء الطلبة.. وبطاطس محفوظة مليئة بالاملاح والمواد الحافظة وكثيرا ما نتساءل لماذا لا نبحث عن متعهد للأغذية يسعى للحرص على صحة اطفالنا لا عن الربح في حد ذاته.. وحتى لو بحث هؤلاء عن الربح لوجدوه.. فالغذاء الصحي غير مكلف.. هل من الصعب تغليف علب صغيرة بها غذاء صحي يحتوي مثلا على الحليب.. والفاكهة وشطيرة بها محتويات مفيدة للطالب بدلا مما يأكله هؤلاء المساكين من أعذية معلبة.. ترى الطفل من هؤلاء والهالات السوداء حول عينيه.. فاغر الفم لا يفقه ما يقوله المدرس.. بل ينتظر بفارغ الصبر موعد حلول الفسحة المدرسية ليلتهم أي شيء يصادفه كي يملأ المعدة الخاوية دون الإحساس بفداحة ما يلتهمه.. وإن كنا نعذر ذلك الطفل لجهله..فأين نجد الأعذار لمسئولينا الكرام وهم المسؤولون أمام الله عن صحة هؤلاء الطلبة.. هل يرضيهم وجود تلك الأغذية والمشروبات الملغمة في ارفف صروحنا التعليمية يلتهمها أطفال لا حول لهم ولا قوة امام ما يرونه من مغريات؟
هل ترون مقدار التناقض الصريح بين النشرات الطبية.. التي يتعب الاعلام الطبي في نشرها بين الطلبة وأسرهم لاقناعهم وبين ماتقوم به مدارسنا من هدم لكل ذلك الجهد!
كيف ندعو لبناء جسم صحيح وعقل متفتح للعلم لطلبتنا وتلك هي محتويات مقاصفنا؟!