الى رحمة الله ياسلطان
الموت حق كتبه الله على كل حي في هذا الكون حيث انزل حكمه في كتابه العزيز اذ قال جل وعلا (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) ولكن عزاء المسلم امام هذا الخطب الجلل هو قوله عز من قائل (وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).
في ليلة الاحد الموافق 13/ 8/ 1423هـ انتقل الى جوار ربه (سلطان بن محمد بن هزاع) عن عمر ناهز الثمانين عاما.
ولما تربطني بهذا الاخ العزيز من روابط صداقة بنيت على المحبة والوفاء فقد آلمني هذا الخطب ولكن ايماني الراسخ والذي باذن الله لن يتزعزع حتى يأخذ الله امانته بأنهم السابقون ونحن اللاحقون لذا رأيت لزاما علي ان ارثيه بما استطيع كما عرفته رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته وجعل الله عليه قبره روضة من رياض الجنة وجعل الله البركة في خلفه وجبر الله مصابهم واعظم لهم الاجر والثواب.
وحينما امسكت قلمي للكتابة عنه برزت امامي صفاته الحميدة وسجاياه الكريمة والتي اجزم انني مهما اوتيت من قوة البيان ومن فصاحة اللسان فانني لا استطيع ان احصرها في هذه الكلمة المتواضعة ولكن آمل من ابنائه ومن معارفه ومحبيه واصدقائه قبول عذري,, والله على ماقول شهيد.
فقد رأيت ان اكتب عن ثلاث صفات فقط واترك الباقي لمن لازمه وعرف عنه اكثر مما عرفت انا فقد عرفته في 1/ 1/ 1370هـ وقد كنت على اتصال دائم به خلال تلك المدة.
الصفة الاولى: الولاء والصدق والاخلاص والامانة في العمل لله تعالى ثم لولاة الامر في مملكتنا الحبيبة فقد كان والده (محمد بن هزاع) ـ رحمه الله ـ احد الاربعين رجلا الذين دخلوا الرياض مع مؤسس هذا الكيان العظيم (الملك عبدالعزيز) ـ رحمه الله ـ وجزاه الله عن الاسلام والسلمين كل خير وقد كان والده احد رجال الامير عبدالله بن جلوي الى ان توفي ـ رحمه الله ـ في عام 1373هـ.
وخلفه ابنه سلطان المقصود في هذه الكلمة حيث التحق بالامارة في الاحساء منذ تاريخ 1/ 4/ 1362هـ ومكث عشرين عاما في الاحساء.
ثم نقل للعمل في مركز (ام عقلا) ومكث احدى عشرة سنة ثم نقل الى قرية العليا وكيلا لاميرها فترة ثم عين اميرا لمركز الرقعي وبقي حتى 26/ 10/ 1414هـ اي انه خدم هذا الجزء من مملكتنا الحبيبة اثنتين وخمسين سنة وتشهد له خلال تلك المدة سجلاته البيضاء في صفحات خدمته.
الصفة الثانية: الاخلاق ان هذا الانسان حباه الله جل وعلا من الاخلاق الحميدة والسجايا الطيبة ما يعجز القلم ان يسطره فيستقبلك اول ماتراه بابتسامته وبشاشته العذبة ومداعباته الحلوة حتى ان جليسه يعتقد جازما انه يعرفه منذ زمن طويل.
الصفة الثالثة: الكرم اذا كان في زماننا هذا احد ورث حاتم الطائي فاعتقد انه سلطان ابن هزاع وليعذرني من لا يعرفه فقد يتهمني بالمبالغة او ان يطبق علي القول المأثور
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
كما ان عين السخط تبدي المساويا
ولكن يعلم الله انني مهما كتبت ومهما قلت فانني اعتبر نفسي عاجزا عن التعبير لما لهذا الرجل من صفات الكرم وحبه للفقراء ولقد نقل لي من اثق به انه حينما كان في ام عقلاء كان يدور في الليالي القارسة ويمر على النائمين ويوقظهم ويهيء لهم الطعام لانه يعرف انهم يبيتون على الطوى.
وقبل ان اختم كلمتي هذه ارفع اكف الضراعة الى الله جل وعلا ان يتقبله قبولا حسنا وان يسكنه فسيح جناته, وان يجعل الخير والبركة في عقبه وان يجعل ماقدمه من اعمال جليلة وصدقات في ميزان حسناته,, انه سميع مجيب.
فوزان بن عبدالعزيز الحمين
الدمام