تنتشر في ساو باولو، العاصمة الاقتصادية للبرازيل، ناطحات السحاب الحديثة والصناعات المتطورة، غير ان المدينة تعكس ايضا صورة نمو عشوائي يجعل منها المدينة الاكثر تلوثا وعنفا على وجه الارض، حيث سجلت 8591 جريمة قتل خلال العام 2001."ازدحام في السير على طول مئة كلم في شوارع ساو باولو اليوم". تلك هي احدى العبارات التي ترددها الاذاعات بانتظام في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 18 مليون نسمة (بما فيه الضواحي). فهي تشهد حركة سير خانقة اذ يزيد عدد السيارات فيها 5.4 مليون سيارة، في حين تعاني معدلا مرتفعا من التلوث الجوي.وقال مسؤول في المعهد البرازيلي للجغرافيا والاحصاءات (رسمي) ان "مشكلة ساو باولو الرئيسية في المجال المديني هي النسبة المرتفعة من اول اكسيد الكربون الناتجة عن حركة السير".وبحسب دراسة حول التلوث في البرازيل فان نسبة ثاني اكسيد الكربون في ساو باولو عام 1999 كانت تمثل 294 ضعف المعدل المسموح به في الجو.
واوضحت اليزابيث غريمبرغ المسؤولة عن شؤون البيئة في المنظمة غير الحكومية "معهد بوليس" ان "الامر يتعلق باكثر من خمسة ملايين سيارة تثير مشكلات خطيرة في التنفس وتوترا مستمرا، اذ تسجل 14 ساعة من ازدحام السير في اليوم".وقالت الاختصاصية ان هذه المدينة التي تعتبر الاكبر والاكثر ثراء بين مدن اميركا الجنوبية، وحيث يتنقل العديد من الصناعيين في مروحيات، شهدت نموا سريعا، ما جعلها تعاني مشكلات خطيرة، كافتقارها الى نظام مناسب لمعالجة مياه الصرف.وكانت المسؤولة عن مركز الامم المتحدة للاسكان كاتالينا تروخيلو اوضحت قبل ذلك ان "اميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي تسجلان اكبر نسبة من سكان المدن (75%)، لكن المدن فيها نمت بطريقة عشوائية بسبب موجات النزوح الكثيفة التي خلفت مجتمعات جانبية من المهمشين".واوضح مانويل مانريكي الناطق باسم المركز ان ساو باولو "شكلت ارض الميعاد التي اجتذبت نازحين من جميع انحاء البلاد، وخصوصا منطقة شمال شرق البرازيل، وهي الاكثر فقرا. وتجاوزت اعداد الوافدين بكثير قدرة المدينة على الاستيعاب، غير ان السلطات لم تاخذ الامر بالحسبان ولم تسع لمعالجته سوى من فترة قصيرة".وروت ماريا داس غراثاس وهي شابة من السكان الاصليين البانكارارو، قدم نصف قبيلتها خلال الخمسينات الى ساو باولو حيث اقاموا في الضواحي الفقيرة "غادرنا قريتنا لانه لم يعد في وسعنا الاستمرار بعد ان احتل المستعمرون البيض اراضينا. كان والدي اول من وصل الى ساو باولو، واعتقدنا جميعا انه سيصبح ثريا".وفي 1917، قال رئيس بلدية ساو باولو واشنطن لويس ان "المدينة اشبه بشيكاغو ومانشستر معا". ولم يكن عدد السكان فيها يتجاوز 130 الف نسمة عام 1885.وبحلول 1958، ارتفع هذا العدد الى2.7 مليون نسمة، وباتت المدينة المنطقة الصناعية الاولى في اميركا اللاتينية.وبلغ عدد سكان ساو باولو وضواحيها 4.7 مليون نسمة عام 1960، ثم 9 ملايين عام 1970، في حين تضاعف هذا العدد الان.وأدى هذا النمو السريع الى مشكلات اخرى خطيرة على صعيد مستوى العيش، مثل الازمة السكنية. وتشير ارقام اتحاد الحركة من اجل السكن ان حوالي مليوني شخص من سكان مدينة ساو باولو وحدها بدون ضواحيها (من اصل 10 ملايين نسمة) يقيمون في احياء فقيرة غالبا ما تكون اكواخها من الكرتون، في حين يقيم مليونان اخران في اراض محتلة بصورة غير مشروعة، و600 الف في مساكن ضيقة تتقاسمها عائلات عدة.واضاف غريمبرغ انه "الى جانب مشكلة البطالة، حيث تم الغاء نصف مليون وظيفة في المدينة وضواحيها خلال السنوات الخمس الماضية، والخلل الكبير في التربية والخدمات الصحية، تعاني المدينة مشكلة خطيرة هي العنف". ففي العام 2001، سجلت 8591 جريمة قتل بحسب الاحصاءات الرسمية.