أعلن العراق مساء أمس قبوله بدون تحفظ أو شروط قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1441 الخاص بنزع أسلحته وعودة المفتشين ورد البيت الأبيض فورا بأن على صدام حسين أن يقرن القول بالفعل وهبطت اسعار النفط في الاسواق وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا أن الفريق الاول من المفتشين سيتوجه يوم الاثنين الى بغداد لبدء العمل. وجاء اعلان العراق على لسان مندوبه لدى الامم المتحدة محمد الدوري الذي صرح للصحفيين بالانجليزية: قبل قليل سلمت رسالة من الحكومة العراقية الى الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان تتضمن الموافقة على القرار دون تحفظ بالرغم من مضمونه السيىء.
وقال: هذه الرسالة تقول ان العراق يوافق على القرار بدون تحفظ وبدون شروط ويوافق على عودة المفتشين مثلما نص عليه القرار. واضاف بالفرنسية: ليس هناك من تحفظات على الاطلاق، انها من دون تحفظ، لا شروط ولا تحفظ. واعلن ايضا: ان الحكومة العراقية قررته لانها تختار دوما طريق السلام كلما كان الامر بيدها. اننا نختار دائما الوسائل السلمية لحماية بلدنا من التهديدات بالحرب. واضاف السفير العراقي: اننا على استعداد لاستقبال المفتشين بحسب الجدول الزمني الموضوع وننتظر بفارغ الصبر ان نراهم يقومون بواجبهم في اقرب وقت ممكن وفقا للقانون الدولي، إن عودة المفتشين لا تقلق العراق لان العراق لا يملك اسلحة دمار شامل.
واوضح السفير العراقي انه، وبسبب غياب عنان، سلم رسالته الى رئيس مكتبه اقبال رضا. وتبنى مجلس الامن بالاجماع يوم الجمعة القرار رقم 1441 الذي يعطي العراق فرصة اخيرة لنزع اسلحة الدمار الشامل التي في حوزته ويحذر بغداد من عواقب خطيرة في حال مخالفة واجباته مرة جديدة.
رسالة بغداد
ونشر التليفزيون العراقي مساء امس الرسالة الموقعة من وزير الخارجية ناجي صبري والتي تضمنت موافقة بغداد على قرار مجلس الامن رقم 1441 وجاء فيها:
مع أننا نعرف أن الذين دفعوا الحال في مجلس الامن لاستصدار القرار 1441 انما يقصدون اهدافا اخرى غير التأكد من ان العراق لم ينتج اسلحة تدمير شامل، في غياب المفتشين عن العراق منذ عام 1998 والذين تعرفون كيف غابوا عن العراق ومن هو المسبب فيه.
ومع اننا ندرك انه ليس من حقائق الامور واحكام العدالة والانصاف ما يستوجب صدور القرار الاخير باسم مجلس الامن بعد التفاهم المعروف بين ممثلي العراق والامين العام والبيان الصحافي بين (رئيس لجنة انموفيك هانس) بليكس والبرادعي (رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية) وممثلي العراق، فإننا نعلمكم باننا سنتعامل مع القرار، رغم ما تضمنه القرار من سوء لو عمل به على خلفية ما يضمر اصحاب النية السيئة.
أبلغوا مجلس الامن بأننا جاهزون لاستقبال المفتشين ليقوموا بواجبهم وليتأكدوا من ان العراق لم ينتج اسلحة تدمير شامل في غيابهم عن العراق منذ العام 1998 في الظروف المعروفة لكم والمعروفة ايضا في مجلس الامن، اننا نقول لكم لتبلغوا مجلس الامن، اننا جاهزون لاستقبال المفتشين على وفق المواعيد المقررة. الاجهزة والمسؤولون المعنيون سيتعاونون معهم على خلفية كل هذا .. وستضع حكومة العراق كل هذا في اعتبارها ايضا وهي تتعامل مع المفتشين وكل ما يتعلق بسلوكهم ونوايا من تكون نواياه سيئة منهم واسلوبه غير اللائق في حساب المحافظة على كرامة الشعب والوطنية واستقلاله وامنه وامن الوطن واستقلاله وسيادته واننا متحمسون لانجاز واجبهم وفق القانون الدولي بأسرع وقت ممكن.
سأوجه لكم رسالة تفصيلية ثانية في وقت لاحق اورد فيها ملاحظات حول ما ورد في القرار 1441 من اجراءات وسياقات تتعارض مع القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة.
وكانت الرسالة محور اجتماع مجلس قيادة الثورة العراقي وقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في العراق برئاسة صدام حسين. وشارك في اجتماع الأمس رئيس المجلس الوطني سعدون حمادي ووزير الخارجية ناجي صبري بحسب التليفزيون الذي قال ان الاجتماع بحث القرار 1441 وكلف وزير الخارجية بتوجيه رسالة حوله الى الامين العام للامم المتحدة، ثم تلى نص الرسالة.
البيت الأبيض
واستقبل البيت الابيض بحذر اعلان العراق موافقته على القرار 1441 لنزع أسلحته، معلنا انه يتعين على بغداد ان تقرن القول بالفعل، ومؤكدا انه لم يكن امام بغداد خيار غير الموافقة.
وقال الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان في مؤتمر صحفي: أذكركم بأننا سبق وسمعنا هذا الكلام من صدام حسين ونظامه، وينبغي الآن أن نرى افعالا من صدام حسين.
واعتبر أن مسألة قبول بغداد او رفضها القرار لم تكن مطروحة. وقال: لم تطرح ابدا مسألة الموافقة (على القرار) او الرفض.
وتابع ماكليلان: أذكر بما على النظام العراقي ان يفعل: على العراق ان يسلم في مهلة 30 يوما لائحة كاملة بما لديه من اسلحة دمار شامل وبرامج لتطويرها والمعدات المستخدمة. وعلى العراق ان يضمن ايضا لمفتشي الاسلحة امكانية الوصول بشكل فوري وبحرية تامة، بلا قيود ولا شروط الى اي مكان في اي وقت.
واضاف الناطق انه يتعين على العراق ان يسمح للشهود على جهود النظام العراقي الرامية لامتلاك اسلحة الدمار الشامل وتطويرها ان يستجوبوا في الخارج وان يخرجوا من العراق مع عائلاتهم. واضاف: إلا ان القرار ينص بوضوح على ان اي معلومات خاطئة يقدمها النظام العراقي او اخفاء معلومات سيعتبر انتهاكا للقرار.
وقال الرئيس الامريكي جورج بوش لدى استقباله الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان ان العالم ينتظر من العراق نزع سلاحه من اجل خير السلام.
ولم يعلق الرئيس بوش على قبول بغداد القرار 1441 لكنه شكر الامم المتحدة على انها كانت على مستوى مهمتها، وكان بوش قد دعاها مرارا الى ان تكون كذلك في تعاملها مع العراق.
ومن جانبه شكر عنان الرئيس الامريكي على عمله مع الامم المتحدة ومجلس الامن مضيفا ان القرار الذي صوت عليه اعضاء المجلس الـ 15 بالاجماع الجمعة الماضية يشكل رسالة قوية من المجتمع الدولي بكامله الذي يرغب في ان يطبقه العراق.
وقبيل اعلان بغداد، أعلن الرئيس الامريكي جورج بوش ان الولايات المتحدة ودولا اخرى ستنزع اسلحة العراق اذا لم يمتثل صدام حسين لقرار مجلس الامن الدولي بعد انتهاء الفترة المحددة، اي يوم الجمعة المقبل. واضاف الرئيس بوش للصحفيين في البيت الأبيض ان الولايات المتحدة وافقت على التشاور مجددا مع الامم المتحدة اذا لم يمتثل العراق للقرار، لكن هذا القرار لا يمنع الولايات المتحدة من القيام بما ينبغي القيام به، وهو نزع اسلحة الرئيس العراقي صدام حسين.
تحذير روسي
وأشاد وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف بموافقة العراق على قرار مجلس الأمن، معتبرا أن هذه الخطوة تفتح الطريق أمام حل سياسي.
وقال في مقابلة مع المحطة التليفزيونية العامة (او، آر، تي) ان موسكو تحيي قرار العراق .. كنا على ثقة بأن العراق سيتخذ مثل هذا القرار .. الذي يفتح الطريق امام حل سياسي.
وتابع من باريس حيث يقوم بزيارة ان الاحترام التام للقرار 1441 يجب ان يقود تدريجيا الى تسوية كاملة للوضع في العراق، بما في ذلك رفع العقوبات عن هذا البلد.
وحذرت روسيا واشنطن من الاستخدام غير المشروع للقوة ضد العراق دون الحصول مسبقا على الضوء الاخضر من مجلس الامن الدولي.
وقال يوري فيدوتوف نائب وزير الخارجية الروسي للصحافيين ان على واشنطن ان تحترم شروط القرار الدولي رقم 1441 الذي لا يتضمن اللجوء التلقائي الى القوة.
واضاف المسؤول الروسي بعد الموافقة العراقية: آمل في ان لا تنتهك (الولايات المتحدة) القوانين الدولية، مذكرا بالغارات الامريكية البريطانية على العراق في ديسمبر 1998.
واوضح فيدوتوف ان هذه الهجمات بدأت اثناء نقاش في الامم المتحدة حول تقرير باتلر في اشارة الى ريتشارد باتلر الذي كان في حينها رئيسا لمفتشي نزع الاسلحة.
وكان باتلر وفريق الخبراء الذين وجهت اليهم بغداد اتهامات بالتجسس قد غادروا العراق في ديسمبر 1998. وعلى الاثر تدخل الطيران الامريكي والبريطاني لقصف المنشآت العراقية التي يفترض ان تحتوي على اسلحة كيميائية وبيولوجية.
عودة المفتشين
وعقب الاعلان العراقي، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا ان الفريق الاول من المفتشين الدوليين عن الاسلحة سيتوجه الاثنين الى بغداد.
وقالت ميليسا فليمينغ الناطقة باسم الوكالة الدولية: لم يتبدل شيء بالنسبة لنا. فقد خططنا لعملية انتشار في 18 نوفمبر، مستبقين قرار العراق. وستتولى هذه الوكالة التابعة للامم المتحدة عمليات التفتيش في العراق، بالتعاون مع لجنة الامم المتحدة للمراقبة والتحقق والتفتيش (انموفيك).
وتابعت الناطقة ان رئيس انموفيك هانس بليكس ورئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي سيتوجهان الاثنين الى بغداد على رأس فريق اول من المفتشين.
وكانت فليمينغ قد اعلنت في 8 سبتمبر ان هذا الفريق سيكلف ارساء بنية عملانية والقيام بعمليات تفتيش محدودة. واوضحت أمس ان عمليات التفتيش الحقيقية ستجري بعد حوالي اسبوع او عشرة ايام. واعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاسبوع الماضي عن ارتياحها للقرار 1441، مشيرة الى انه يعطيها امكانية الوصول فورا وبدون قيود الى جميع المواقع والاشخاص في العراق. وتابعت فليمينغ انه في بعض المجالات، يوسع القرار صلاحياتنا في التحقيق، في اشارة الى دخول القصور الرئاسية العراقية الذي نص عليه القرار.
لندن تدعو للتيقظ
وحيا وزير الخارجية البريطاني جاك سترو موافقة العراق، معتبرا انها خطوة اولى نحو حل الازمة، لكنه دعا الى البقاء في حالة تيقظ لأن نوايا العراق متقلبة ـ بحسب قوله ـ.
واضاف الوزير في بيان: علينا ان لا ندع اي مجال للشك في ان ادنى عدم احترام من قبل العراق لالتزاماته ستترتب عليه عواقب وخيمة، لأن التهديد الحازم بالقوة هو وحده الذي حمل العراق على الذهاب الى هذا الحد البعيد.
أسعار النفط
وهبطت اسعار النفط في الاسواق النفطية بعد اعلان العراق موافقته على قرار مجلس الامن.
وفي الساعة 16.20 (بتوقيت باريس)، خسر سعر برميل النفط المرجعي لبحر الشمال (برنت) تسليم ديسمبر، في اسواق التداول الدولية في لندن 63 سنتا وبلغ 23.80 دولار.
اما في نيويورك، فارتفع سعر برميل النفط المرجعي الخفيف تسليم ديسمبر، 40 سنتا وبلغ 25.50 دولار.
واوضح كيفن نوريش المحلل في "باركلي كابيتال" ان المتعاملين في السوق النفطية باعوا لأن هذا الاعلان يؤخر خطر اندلاع حرب اسابيع عدة على الاقل.
الجامعة العربية
ورحب الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى بموافقة العراق، مشددا على ضرورة ان تؤدي فرق التفتيش عن الاسلحة مهمتها بحياد.
وقال لوكالة انباء الشرق الاوسط ان قبول العراق بعودة المفتشين طبقا للقرار تطور مهم نحو حل المشكلة القائمة عن طريق الامم المتحدة.
ودعا موسى المفتشين الى القيام بمهمتهم طبقا لما هو منتظر منهم، أى بحياد مهني، موضحا ان ذلك يفتح الباب لتقديم تقرير له مصداقية الى مجلس الامن عن حقيقة الاوضاع بالنسبة لاسلحة الدمار الشامل فى العراق ليتم التعامل معها طبقا للقانون الدولي ومبادىء ميثاق الامم المتحدة وقرارات مجلس الامن.
وذكر موسى ان هذه القرارات تحدد مهام المفتشين كما تحدد أيضا الخطوات اللازمة للتحرك نحو رفع العقوبات عن العراق طبقا لما ذكره الامين العام للامم المتحدة في حالة ثبوت عدم وجود أسلحة دمار شامل أو التخلص منها.
وقد بدأت الجامعة العربية وسوريا، البلد العربي الوحيد في مجلس الامن، اتصالات لضم خبراء عرب الى فرق التفتيش عن الاسلحة العراقية.
الأردن يرحب
ورحب الأردن أحد جيران العراق، بموافقة بغداد على قرار 1441. وقال وزير الخارجية مروان المعشر لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان القرار يعد خطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح لتجنيب العراق ضربة عسكرية كما أنه بداية للتعاون البناء بين الامم المتحدة والعراق باتجاه الحل السياسي لهذه المسألة وبما يخدم مصالح الشعب العراقي الشقيق ويرفع المعاناة عنه.