أعاد الجيش الاسرائيلي احتلال كامل مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية مساء أمس السبت غداة الهجوم الفلسطيني الذي اسفر عن مقتل 12 اسرائيليا واصابة 14 آخرين بعضهم جراحة بليغة. ودخلت نحو اربعين آلية عسكرية الى المدينة من شمالها وجنوبها وتمركزت في مركز سابق للشرطة الفلسطينية وفي بعض المنازل واعتقل أكثر من 40 فلسطينيا في عمليات مداهمة كان بعضها شرسا ودمرت ثلاثة منازل.
واعلن ناطق باسم الاحتلال أن الجيش يعيد الانتشار في المواقع التي انسحب منها قبل اسابيع اثر هجوم ليلة السبت في مدينة الخليل. وقال أن بين المعتقلين أربعة مطلوبين وأن المنازل المدمرة استخدمت لايواء فدائيين. وقتل في هجوم الليل الفلسطيني خمسة من حرس الحدود واربعة جنود من بينهم قائد منطقة الخليل وثلاثة مستوطنين بينما استشهد ثلاثة فلسطينيين. وتبنت سرايا القدس، الجناح العسكري في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، العملية وقالت أنها رد على اغتيال المسؤول العسكري للجهاد في جنين، اياد صوالحة، في 9 نوفمبر. وانشغلت اسرائيل بدراسة وسائل الرد على الهجوم الفلسطيني الدامي الذي باتت تشير اليه بتسمية مجزرة السبت وبـ الصدمة. ولاقى هجوم الخليل ادانات واسعة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وروسيا ومجلس أوروبا، بالرغم أن الهجوم استهدف جيش الاحتلال وليس مدنيين.
وقال رعنان غيسيت المتحدث باسم شارون ان الحكومة المصغرة (الأمنية) لن تعقد اجتماعا طارئا للرد على هجوم الخليل لأن الجيش مفوض منذ أواخر الاسبوع الماضي بالرد كما يراه مناسبا. لكن وزير الحرب شاوول موفاز اجتمع مع رئيس الاركان موشي يعالون ومسؤولين امنيين اخرين لمناقشة الرد على هجوم الخليل.
كما أجرى وزير الخارجية المتطرف بنيامين نتانياهو محادثات مع مسؤولي وزارته في مكتبه لتوظيف الهجوم على المستوى الدولي. ونقلت عنه الاذاعة العسكرية أنه ينبغي على العالم أن لا يكتفي بالتعبير عن الالم وان يساند ايضا الرد الاسرائيلي الحازم على نظام الارهاب لياسر عرفات ـ على حد وصفه ـ.
وقال مراقبون أن العملية العسكرية التي نفذتها سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الاسلامي تشكل سابقة لانها نفذت في منطقة تحت السيطرة العسكرية الاسرائيلية المباشرة وسقط فيها قائد في الجيش كما أنها ناجحة الى حد كبير لأنها تحتاج الى تخطيط مسبق وطويل ومراقبة تصرفات الجنود، مشيرين الى أن نصب اكثر من كمين وقتل عدد أكبر من جنود وضباط الاحتلال ومنهم العقيد درور فاينبرغ قائد لواء منطقة الخليل ومسؤول امن مستوطنة كريات اربع هو سابقة خطيرة. ونقلت اذاعة الجيش الاسرائيلي عن كارميلا ميناشيه المحللة العسكرية أن عملية ليلة السبت كانت مفاجئة للجيش الذي لم يتعود على مثل هذه العمليات الجيدة التنظيم والتخطيط. والليلة الماضية، كشفت مصادر عسكرية النقاب عن أن منفذي هجوم الخليل استهدفوا جنود الاحتلال الذين كانوا يحرسون مستوطنين متطرفين كانوا يتوجهون الى الحرم الابراهيمي ولم يكن المهاجمون يستهدفون المستوطنين. وراى مسؤول عسكري سابق ورئيس ما يسمى بمركز مناهضة الارهاب في هرتسيليا ان العملية خطط لها مسبقا وبشكل جيد. وادعى دوف ويسغلاس مدير مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ان منفذي الهجوم استفادوا من تخفيف الاجراءات الامنية حول المدينة الذي قررته اسرائيل لمناسبة شهر رمضان ـ على حد زعمه ـ.
وقال زياد ابو عمر المتخصص بدراسة الحركات الاسلامية الفلسطينية وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني أن: عملية الجهاد الاسلامي عملية نوعية جيدة الاعداد، موضحا ان تنفيذها على اراض فلسطينية وليس داخل اسرائيل (الأراضي المحتلة عام 1948) اشعر المنفذين بمزيد من الثقة وهذا ساعد في نجاحها كما أنها استهدفت العسكريين مباشرة. وصباح أمس استشهد الشاب ابراهيم سعدي (18 عاما) الناشط في حركة الجهاد الاسلامي في جنين شمال الضفة الغربية، خلال عمليات جيش الاحتلال. وقال مصدر أمني أن الشهيد هو نجل قائد الحركة في منطقة جنين بسام سعدي.
كما استشهدت الشابة سمر شرعب (21 عاما) برصاص رشاش دبابة اسرائيلية وهي في منزلها بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية. واستشهد مساء أمس موسى محرق (65 عاما) من قرية في جنوب قلقيلية بثلاث رصاصات أطلقها جنود الاحتلال.
وأصيب أربعة فلسطينيين بجروح عندما فتحت دبابة نيرانها على راشقي الحجارة في طولكرم شمال الضفة الغربية مساء أمس. ويبلغ عمر اثنين من الجرحى 14 عاما فيما الجريح الثالث في الرابعة والعشرين، ويبلغ الجريح الرابع 45 عاما وكان يمر بسيارته لحظة اطلاق النار الاسرائيلي حسبما أعلنت المصادر الأمنية الفلسطينية. كما أصيب الطفل مروان الهمص (10 أعوام) بشظايا قذائف صاروخية اطلقتها دبابات اسرائيلية تجاه مخيم رفح للاجئين جنوب قطاع غزة. وقال مصدر طبي أن حالته خطيرة. وقصف جيش الاحتلال فجر أمس بخمسة صواريخ بناية صغيرة يملكها توفيق المصري في حي الدرج وتضم ورشة لاعمال الحدادة في منطقة الدرج بمدينة غزة فأصيب شخصان بينهما شرطي. وقال شهود أن محمد عطا الله (14 عاما) اصيب بالاغماء اثناء القصف ونقل الى المستشفى للعلاج، بينما اندلع حريق كبير في البناية التي دمرت بالكامل.
ومع سقوط شهداء الأمس يرتفع الى 1979 عدد القتلى الفلسطينيين منذ اندلاع انتفاضة القدس في نهاية سبتمبر 2000، بينما سقط خلالها 659 قتيلا اسرائيليا.