تركيا ترد اليوم كثيرا في الأنباء لثلاثة أسباب رئيسية. الأول هو الجدل الدائر في أوروبا حول عضويتها في الاتحاد الأوروبي. والثاني هو دورها الرئيسي كمسرح للعمليات العسكرية الأمريكية المحتملة ضد العراق. والثالث هو التغييرات الداخلية في الحكم بعد الانتخابات الأخيرة والتعديل الدستوري المنتظر الذي سيسمح لزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب إردوغان بتولي رئاسة الحكومة رغم إدانته بجريمة إيديولوجية. ولكن تركيا في الأنباء اليوم أيضا لسبب آخر هو عودة الفتاة البريطانية ريتشيل (14 سنة) إلى بيت أبيها في بريطانيا بعد حملة بوليسية دولية ناجحة لإنقاذها من الزواج بشاب تركي اسمه محمت (24 سنة). وأثناء زيارتي الثانية لاسطنبول خلال عامين بات واضحا لى أن الأتراك يرغبون في الانضمام الى عضوية الاتحاد الأوروبي بأي ثمن وأعلى ثمن. وكلما علا ثمن عضوية تركيا كلما عادت على الأتراك فائدة أكبر. فالاتحاد الأوروبي يشترط وتركيا تقبل إعادة توحيد جزيرة قبرص مع رئاسة دورية بين الأتراك واليونان في الجزيرة. لم يكن هذا ممكنا بدون رغبة تركيا في عضوية الاتحاد الأوروبي. وأنقره اليوم على استعداد لتهميش دور الجنرالات كأوصياء على الديموقراطية العلمانية التركية واحترام حقوق الأقلية من مواطنيها الأكراد والغاء عقوبة الإعدام وتحسين حقوق الإنسان ضمن شروط عديدة أخرى لم يكن ممكنا أن تقبلها انقره في غياب حلم عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل وافق الأوروبيون في قمة كوبنهاغن الأخيرة على الشروع في مفاوضات حول العضوية مع تركيا في عام 2004 ، وهو نصر لتركيا والولايات المتحدة ضد دول أوروبية أرادت تأجيل بدء المفاوضات حتى عام 2005. وبدون التأييد الأمريكي القوي لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي لوجد الأوروبيون من الذرائع ما يكفي لإبقاء الأبواب مؤصدة في وجه الأتراك قرنا من الزمن. والسؤال الآن هو لماذا هذا التأييد الأمريكي القوي في وجه معارضة أوروبية قوية؟ هذا موضوع المقال التالي.
الوطن العمانية