توجد خلايا في جسم الانسان مهمتها القضاء على الخلايا السرطانية والخلايا التي هاجمتها الفيروسات بداخلها وهذه الخلايا تسمى بالخلايا القاتلة الطبيعية، الا ان هذه الخلايا لا تستطيع القيام بمهمتها الا اذا كان الجهاز المناعي قويا ويفرز المواد المناعية التي تساعد هذه الخلايا على النضوج والقيام بمهمتها في تحجيم الخلايا السرطانية - اما عندما يضعف جهاز المناعة لسبب ما فانه يفشل في التصدي لهذه الخلايا السرطانية التي كانت الى وقت قريب خلايا طبيعية ولكنها توحشت بعد حدوث طفرات او تغيرات في تركيبها الجيني وقد تم في السنين العشر الماضية اكتشاف عدد من الجينات المثبطة للاورام عند الانسان - فطالما ان الجين سليم في الجسم فهو يثبط الخلايا السرطانية ويمنع تكوين الاورام ولكنه في حالة طفرة هذا الجين اي تبديل حامض اميني مكان آخر فان هذا الجين لا تكون لديه القدرة على منع الاورام وبالتالي فان الانسان يصاب بالسرطان في اماكن مختلفة من الجسم وقد ثبت لدى العلماء من خلال الابحاث ان جين (P53) السليم يثبط الخلايا السرطانية ويمنع الانقسام العشوائي للحامض النووي وبالتالي يمنع تكوين الاورام وانتشارها كما تبين لهم ان هذا الجين يمكن ان تكون له علاقة بامراض السرطان من خلال حدوث الطفرة في هذا الجين والذي يصبح عاجزا عن تثبيط الخلايا السرطانية فيصاب الانسان بكثير من الاورام ابتداء من سرطان المثانة والمخ والثدي وعنق الرحم والقولون والبلعوم وغيرها من الاورام - وقد انصب جهد العلماء وبحوثهم على هذا الجين المعيب الذي يؤدي بعد اختلاله الى حدوث المرض وقد توصلوا الى عديد من هذه الجينات المماثلة وحاولوا تصليح ترتيب الاحماض الامينية بها من خلال الهندسة الوراثية وبالتالي علاج الامراض الوراثية - كما انه باستخدام الهندسة الوراثية والبيولوجيا الجزيئية يمكن تصنيع الجين الذي يثبط ويمنع تكوين الاورام وحقنه في الانسان الذي اصابه الورم الخبيث نتيجة الطفرة التي حدثت كما هو الحال في جين (P53) وبذلك يعود الى العمل مرة اخرى ويتوقف نمو الخلايا السرطانية ويمنع انتشارها في الجسم وقد اصبح مدى التغير او الطفرة التي تحدث في تركيب وتكوين هذا الجين وترتيب الاحماض الامينية به هو احد المقاييس التي يستطيع العلماء من خلالها تحديد مدى التقدم الذي سوف يحدث في علاج الاورام السرطانية وانتشارها في باقي اجزاء الجسم وحسب رأي العلماء فان لحدوث السرطان لابد من وجود جينات معيبة خلال الطفرات التي تحدث وهي عبارة عن تغير في ترتيب الاحماض الامينية على الحامض النووي لنواة الخلية ويعكف الخبراء على الاستفادة من هذه النتائج في تطبيقها باستخدام العلاج الجيني للتخلص نهائيا من السرطان والاورام الخبيثة.
@@ د. باقر حمزة العوامي استاد طب الاطفال واستشاري امراض الدم والسرطان