يصعب وصف توقف زحف قوات التحالف على بغداد بأنه هدنة، لان مفهوم الهدنة هو ان يتوقف عن القتال في قطاع معين بما يسمى بوقفة ترتيبية تعبوية لانه لم يتم وقف اعمال القتال في كل القطاعات، حيث ان القصف ما زال مستمراً سواء كان قصفا جويا او عمليات الاستطلاع، بجانب استمرار الاعمال القتالية في القطاع الجنوبي.
ولكن هناك اسبابا دفعت قوات التحالف لهذا التوقف عن الزحف في اتجاه بغداد منها الاخطاء الكثيرة التي حدثت لقوات التحالف ولم تكن في الحسبان ومنها اخطاء في حسابات الادارة الامريكية التي اتخذت قرار الحرب باندفاع القوة دون دراسة دقيقة لموقف القوة الاخرى المضادة لها لان التخطيط العسكري السليم لا بد ان يأخذ في حساباته كافة الاحتمالات.. ولكن جميع حسابات المخطط الامريكي اوهمت جنودها بأن العملية ليست الا نزهة لن تطول وهنا وقعت القيادة العسكرية الامريكية في خطأ تحديد مدة العملية العسكرية تحديداً فعلياً وهو ما اثر سلباً على تقدير حجم الذخيرة والامدادات المطلوبة.
وما يثير الدهشة فانه رغم ما تمتلكه الولايات المتحدة الامريكية من تكنولوجيا متقدمة تجعلهم يكتشفون ما في باطن الارض الا ان تصريحات وزير الدفاع الامريكي كانت مثار جدل حينما قال انه يعتقد قوات فدائي صدام من 2 - 10 الاف وهذا غير منطقي فنسبة الاحتمال تكون 25% اما انه يكون الفارق حوالي 8 الاف فهذا ينم عن مدى ضعف المعلومات لدى القيادة الامريكية وهو ما يؤكد دخول هذه القوات لحرب معصومة العينين، ايضاً يؤكد ذلك تصريحاته بعدم درايته بقوة وشراسة المقاومة العراقية وهذه اخطاء عسكرية جسيمة، وهذه الاخطاء نجح النظام العراقي في استغلالها لترجيح كفته بانه بدأ يستغل حالة الانهاك التي وصلت اليها القوات المتحالفة بسبب انخفاض الروح المعنوية بينهم وبسبب انخفاض المؤن والذخيرة.
ايضاً كانت الحسابات الامريكية تقوم على اساس ان القوات العراقية سوف تواجههم عند الحدود من ثم تقوم اسراب من طيران التحالف بدكهم فوق الرمال.. الا ان القيادة الامريكية قرأت الاستراتيجية العسكرية لقوات التحالف وبجانب استفادة هذه القوات العراقية من درس حرب 1991 ولذلك فقد ترك الصحراء لقوات التحالف وتراجع بهدف التمركز حول بغداد ويتحصن بالمدن من اجل استدراج قوات التحالف لقطع مسافات بمئات الكيلو مترات مما يمثل لهم انهاكا ثم تبدأ بعد ذلك المفاجآت العراقية التي ستشهدها الايام القادمة.
خبير استراتيجي