ينسب الى القائد العسكري الصيني صن تزو قوله في عام 400 قبل الميلاد ان الحرب تستهلك ثروات الشعوب، لان محاولة الحفاظ على الجيش على مسافات بعيدة تفقر الدولة.
ويبدو ماقاله الحكيم الصيني موضع جدل شديد بين خبراء الاقتصاد في الوقت الحال بين مؤيد ومعارض، لكنهم بشكل عام يرون ان الحرب ستكون لها آثار اقتصادية هامة.
وتأتي الحرب في وقت يواجه فيه الاقتصاد الامريكي، وهو اكبر اقتصاد في العالم، حالة من التباطؤ رغم الجهود المستمرة لانعاشه، والتي شملت تخفيض سعر الفائدة اثنتي عشرة مرة بهدف تشجيع رجال الاعمال على الاقتراض والاستثمار.
ومن الشائع في تجارب الدول ان تؤدي الحملات العسكرية القصيرة والناجحة الى تدعيم ثقة المستهلكين ورجال الاعمال في الاداء الاقتصادي، خاصة مع زيادة الانفاق العام بسبب زيادة النفقات العسكرية، الامر الذي يؤدي الى زيادة النمو والتوظف.
غير ان مارتين ويل مدير المعهد القومي للاقتصاد والبحوث الاجتماعية في الولايات المتحدة يرى ان ظروف الحروب تختلف بشدة من مكان الى لآخر، وقد تتحول الحرب الى كارثة اقتصادية كما حدث في الحرب العالمية الثانية، وكما حدث في الحرب الاميركية في فيتنام في الستينات.
ومن الناحية الاقتصادية البحتة فان هناك ثلاثة عوامل يمكن ان تحدد آثار الحرب، وهي: - طول مدة الحرب - درجة كثافة القتال - حالة الاقتصاد عند بداية الحرب وهناك عامل رابع في حالة الحروب في الشرق الاوسط، وهو سعر البترول.
وبالنسبة للعامل الاخير فقد انخفضت اسعار النفط مؤخرا في الاشهر الاخيرة مع اقتراب الحرب وذلك بسبب توقعات المتعاملين بان الحرب ستكون سريعة ولن تلحق ضررا بالقدرات النفطية لمنطقة الخليج.
ومع ذلك فان تحول توقعات المتعاملين في اسواق النفط الى الاتجاه العاكس ستدفع باسعار النفط الى التحليق عاليا، وبسرعة. واذا بلغ سعر برميل البترول 40 او 50 دولارا للبرميل فان هذا سيؤدي الى دخول الاقتصاد الامريكي في دورة كساد كبيرة كما يقول عالم الاقتصاد الامريكي.
نفس المعنى تحدث عنه رئيس شركة شل السير فيليب واتس عندما قال: فترات عدم التأكد تعني اسعار نفط متقلبة .
ويأتي الاثر السلبي لارتفاع اسعار النفط من عدة جهات، اذ انها تؤدي لزيادة
الانفاق على الوقود وتخفيضه على السلع والخدمات الاخرى، وفي نفس الوقت تؤدي الى ارتفاع كبير في تكلفة النقل الامر الذي يؤدي لارتفاع تكلفة انتاج اغلب السلع والخدمات، وبالتالي حدوث موجة من التضخم. ومع ارتفاع تكلفة المنتجات تضعف قدرتها على المنافسة سواء في الاسواق الداخلية او الخارجية.
ويبدو النفط بالغ الاهمية بالنسبة للاقتصاد الاميركي، اذ ان الولايات المتحدة
تستورد وحدها نحو ربع صادارت النفط في العالم بسبب ضخامة حجم اقتصادها.
وهناك عامل آخر بالغ الاهمية بالنسبة للنتائج الاقتصادية للحرب، وهي الفاتورة النهائية لتكاليفها.
ويقدر الخبراء تكلفة الحرب القصيرة بنحو 150 مليار دولار بالنسبة للولايات
المتحدة، ونحو ثلاثة مليارات دولار بالنسبة لبريطانيا.
وبالاضافة الى ذلك ينتظر ان تكلف عمليات حفظ الامن والمساعدات الانسانية
للمتضررين من الحرب نحو 150 مليار دولار اخرى، اما عملية اعادة اعمار العراق فينتظر ان تكلف مبلغا خياليا يتراوح بين 500 الى 700 مليار دولار.
وكما يقول الخبير الامريكي فان تمويل الحروب الحديثة اصبح جزءا من حياتنا، فالحروب تحدث كل عشر سنوات في المتوسط، ونحن نقضي اوقات السلام في دفع تكلفة آخر الحروب، والادخار للحرب التالية.