عزيزي رئيس التحرير
عندما أزور احد مدننا الساحلية أحرص على تناول وجبة الإفطار مبكرا على الشاطىء, حيث تعودت ان اشتري صحني (كبدة وشاي وجريدة). عند الكورنيش اوقف سيارتي واطيل على صوت المذياع بينما أبدأ باعداد وجبة الإفطار لي ولضيوفي المقيمين!! صحن الكبدة الثاني الذي اشتريته مخصص لقطط الكورنيش المشردة التي تعودت التسول من بني البشر. وصحن الكبدة الثاني يوضع بجانبه حليب لأولئك الضيوف. وما ان تبدأ رائحة أسلحة الأكل الشامل بالانتشار إلا وتبدأ صفارات الإنذار القططية بالمواء والقفز لكي تستأثر بالأكل. وكجزء من استراتيجيتي بدأت باجراء مقابلة مع كل قط او قطة لكي اختار رفيقا او رفيقة للمائدة العامرة. وأسئلتي واضحة وسهلة لكل قط ذكي. سألت قطة لونها أبيض وبجانبها أبناؤها الصغار سألتها ان تحكي لي عما يجول بخاطرها من آهات وأفراح وعبر. قالت القطة البيضاء حبا وكرامة ومن أجل الكبدة والحليب سوف اتواضع وأكلم بشرا بلغة السي بلاس (احدى لغات الكمبيوتر) وسوف اكتب الرموز على الأرض باستخدام يداي ومخالبي. قالت السيدة قطة: ولدت هنا في الكورنيش وترعرعت بين والدي حيث شملنا رواد الكورنيش بعطفهم إذ يتركون لنا بقايا طعامهم من سمك ولحم ودجاج. وعندنا الخير الكثير في أكياس القمامة المفتوحة. قالت القطة قتل والداي بعد معركة شرسة بين قطط وكلاب مرتزقة حاولت السيطرة على خيرات هذا الكورنيش المتبقية من رواده. أضافت القطة البيضاء انها كافحت وتحدت اليتم حيث هاجرت الى داخل المدينة وزارت بيوت الفقراء والأغنياء وبيوت العمال وخيام الرعاة على أطراف المدينة.. وقالت انها تستطيع ان تتكلم وتصدر أصواتا قططية يفهمها الجميع.. ولكي اشجعها على الاستمرار في الكلام سكبت لها كمية قليلة من الحليب حيث شكرت لي هذه البادرة وقالت ذات المخالب والشوارب انها تتعجب من اسراف النساء في شراء الملابس والعطور عند اقامة حفلات العرس وتألمت لغلاء المهور. وعقبت قائلة بان القطط لا تفعل ذلك في اعراسها فيكفي العروسة هدية عظم سمكة يقدمها العريس وتكون له ممتنة ان وفر لها مسكنا بين الخرائب او الأشجار.
كنت اتابع حديثها حينما هجم احد القطط السمان على صحني الذي توجد به الكبدة وبدأ بالتهامه وانا محتار ماذا أفعل مع قليل الأدب (بوب دينار) وصفا وليس اسما. القطة البيضاء اجتازت المقابلة بسرعة وقبلت اجابتها لأني خائف من زوجها الذي هجم على صحني الوحيد. قرأت ما تبقى من صفحات الجريدة وشربت كوب الشاي وغادرت الكورنيش بعد منحي القطة البيضاء صحن الكبدة المخصص لها.
عبدالله ابراهيم المقهوي ـ الاحساء