تنبع الأهمية الإستراتيجية لشبه جزيرة الفاو التي تأكد سقوطها في أيدي القوات الامريكية والبريطانية في اليوم الثاني للحرب على العراق من كونها المدخل البحري لمحافظة البصرة مما يعني أن هذه المحافظة العراقية المهمة نفسها أصبحت في خطر كبير ومن المتوقع أن تشهد في الساعات القادمة هجوما مكثفا.
كانت الفاو دائما موقعا استراتيجيا في كل الحروب التي خاضتها العراق، آخرها الحرب العراقية الايرانية (1980/1988). ففي غمار تلك الحرب التي شهدت قصفا للمدن السكنية وتفجيرات لناقلات النفط، كان لسقوط الفاو في أيدي القوات الإيرانية آنذاك وقع كبير على مجريات الحرب، فقد أصبح لايران وجود على الأراضي العراقية قرب كبريات المدن هناك وبالأخص مدينة البصرة مما وسع دائرة الحرب.
وبالفعل ساعد احتلال ايران لشبه جزيرة الفاو في الاستيلاء على البصرة في أبريل 1986 واقتراب القوات الإيرانية من الحدود الكويتية وباتت تهددها، الأمر الذي أدى إلى تصميم العراق والدول الداعمة له وبدعم من الولايات المتحدة الامريكية على استعادة هذه المنطقة.
ولم يتأخر العراق كثيرا في استعادة البصرة والفاو بعد أن زادت الدول السابقة من دعمها العسكري لبغداد. ففي معركة عام 1986 الشهيرة والتي استمرت 36 ساعة استغل العراق تفوقه الجوي واستخدامه لأسلحة كيميائية منها غاز الأعصاب كما اتضح من آلاف حقن الأتروبين التي وجدت فارغة على أرض الجزيرة بعد انسحاب القوات الإيرانية. بعد هذه المعركة العنيفة استعاد العراق شبه الجزيرة وأقام احتفالات ضخمة آنذاك. وقد كان بالفعل لاستعادة الفاو دور مؤثر في انتهاء الحرب بأكملها بعد ذلك عام 1988.
اليوم عادت الفاو إلى الظهور على مسرح الأحداث مرة أخرى، لكن هذه المرة لم تكن الولايات المتحدة الامريكية داعمة للقوات المسلحة العراقية، بل كانت هي المهاجمة مع حليفتها بريطانيا، وبتأكد سقوطها أصبح من المتوقع في أي ساعة أن تشهد ساحة المعركة في البصرة مواجهة عنيفة سوف تتضح نتيجتها في الساعات القادمة.