بمشاعر الفخر والاعتزاز تابعت كغيري من مواطني الشعب السعودي الابي، البادرة الاسلامية الطيبة، والخطوة الانسانية الكريمة التي قام بها صاحب القلب الكبير والصدر السليم المفعم بقيم الاسلام، وشيم العربي الوفي الكريم صاحب السمو الملكي ولي العهد الامين، ذلك الانسان المتواضع للناس يرجو رحمة ربه العزيز الوهاب، يتجرد من ترف الدنيا، ويتزين باخلاق المؤمنين والخلفاء الصالحين فيدخل على المساكين في مساكنهم ويتنقل بين الفقراء يتحسس احوالهم، ويتلمس حاجاتهم ويغسل الامهم ويدخل السرور عليهم ويشملهم بعطفه ولطفه وفضله يقسم بالله للعالمين انه لم يدفعه الا الاحساس بالواجب وما يمليه عليه الضمير الفطن اليقظ المفعم بالرحمة والاحسان.
نعم لقد كان لهذه الخطوة الفريدة الاثر العظيم في نفوس ا لناس، وهذا من فضل الله علينا ولكن اكثر الناس لا يعلمون (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) الاية. ان الشكر سمة المسلمين وصفة المؤمنين ونحن ننعم في هذا الوطن الاسلامي بقيادة صالحة، انطلقت من مبادىء الاسلام وثوابت العقيدة، واحكام الشريعة فرسالتها اسلامية وعقيدتها سلفية، وسيرتها عالمية، امتد خيرها فعم الداني والقاصي وشملت بخيرها عباد الله في كافة الاقطار، تفيض بالجود والاحسان لا تبتغي الا ثواب الله (انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).
حقا ايها الشعب العزيز ان الله انعم علينا بقيادة رحيمة لضعيفنا، كريمة لقوينا، وفتحت الصدور قبل الابواب، يصل اليهم كل ذي حاجة، وبمنتهى اليسر والسهولة لا يرد قريب، ولا يمنع بعيد، يصل المسكين يلصق ركبتيه، بركبتي ولي الامر، فيصغي اليه، ويستمع الى ما يقول ثم على الفور يجيبه بمنتهى التواضع بما يسر نفسه ويشرح صدره. فأين هذا في الوجود؟ ومن في هذا الخلق والرحمة؟ فليس من يحكم الناس بالقيم والفضائل كمن يحكم الناس بالنار والحديد والذل والرهبة. ان هذه القيم الاسلامية من صفات من ارسى قواعد الدولة على مبادىء الايمان، الامام العادل عبدالعزيز بن عبدالرحمن امام السلام، وملك القلوب، وسلطان الحق والايمان عاهد الله فاخلص، وقال فصدق، ووعد فوفى، ودعا الله فبرحمته له وللمسلمين استجاب له وصدق الله العظيم (الله اعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين اجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون). لقد اجتمعت في هذا الامام من صفات الاسلام ما لم تجتمع الا في العظام الاعلام، في سالف تاريخ الاسلام رجال محمد صلى الله عليه وسلم وصدق الله اذ يقول سبحانه (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
نعم رجال الاسلام اولئك رجال التوحيد خلفاء الله في ارضه خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في امته و قاهرو اهل الكفر والضلال. فرجال اليوم امتداد لرجال الامس ولكل زمان دولته ورجاله في قوته وضعفه فقيادات الاسلام ممتدة الى ان يرث الله الارض ومن عليها ان شاء الله.
فمضى عبدالعزيز بعد ان ارسى القواعد، واضاء الطريق وشرف التاريخ المجيد، وترك للوطن الغالي ثروة نفيسة، وكنزا ثمينا، تسلم الامانة فرعاها. انهم ابناؤه، الذرية المباركة والخلفة الصالحة، فمن بعد الامام عبدالعزيز الملك الكريم سعود سحاب ممطر بالخيرات وغيث منهمر بالبركات، ثم الملك فيصل رجل التضامن الاسلامي، رجل العقل والحكمة وطود شامخ، ذكاء وصفاء ونقاء، ثم الملك خالد الظل الوارف، والقلب الطاهر فيض من الرحمة والاحسان، قلب طاهر ونية صادقة. ثم فهد العروبة، منارة عالية تشع بالانوار، وشمس مشرقة دفء وحنان، سحاب ثقال بالخيرات والبركات صاحب القول الرشيد، والرأي السديد، رهن نفسه لمصالح المسلمين والدفاع عن قضاياهم، وخدم الاسلام في عصر عصيب، فجاهد بالكلمة والرأي والمال. وارسى مراكز النور والاسلام في اصقاع الدنيا، وعمر بيوت الله فيها تؤدى رسالة الاسلام، والدعوة الى الله وحده لا شريك له ينادى منها (الله اكبر)، (لا اله الا الله محمد رسول الله) تدعو الى عبادة الله وحده لاشريك له. وقبل هذا خدمة وعمارة الحرمين الشريفين وتوسعتهما في خطوة مباركة توسعة كبيره . وهاهو ولي عهده الامين، وساعده الايمن، يؤدي واجب الرسالة، ويقوم باعباء الامانة التي اوصى بها الامام الخالد، والملك الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن فبالامس يجوب اصقاع القارات دعما للمسلمين، ودفاعا عن قضاياهم ويدعو الى وحدة الصف ولم الشمل وجمع الكلمة تحقيقا للاهداف السامية التي انطلق منها الامام عبدالعزيز وهاهو بالامس يجوب احياء الفقراء ويتنقل بين بيوت المساكين، بينهم يتحدث اليهم ويدخل السرور عليهم ويعدهم بالخير والنعيم يستشعر الواجب الذي فرضه الله، ويقوم بواجب الامانة التي كلفه بها امام المسلمين وامير المؤمنين وملك العالمين فهد العروبة ورجل السلام وهذا الموقف يذكرني بسيرة امير المؤمنين خليفة رسول الله الامام العادل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده سبطه الامام الراشد عمر بن عبدالعزيز الذي شرف تاريخ الاسلام بعدله وانصافه وورعه وزهده وتقواه حتى اصبح مضرب الامثال على مر العصور والقرون وسيبقى طودا شامخا ونبراسا مضيئا ومثلا اعلى لكل من اراد ان يسير على الطريق المستقيم ولقد سبق غيره في سياسته حيث كان له رضي الله عنه الموقف الفريد في رد المظالم والعدالة والانصاف في الادارة والحكم. فقد كان الفاروق رضي الله عنه يخرج ليلا يتحسس ذوي الحاجات فيسد حاجاتهم وقد قال رضي الله عنه لو تعثرت بغلة في شوارع المدينة لسألني الله عنها فاولئك خلفاء رسول الله امراء المؤمنين الذين جعلوا رضا الله وطاعته نصب اعينهم فساروا على الطريق المستقيم هداة مهتدين اخلصوا دينهم لله فهم رجال الاسلام في صدره، وهؤلاء القادة رجاله في حاضره، يسيرون على سنة الرعيل الاول بهم يقتدون وبأفعالهم يهتدون يقومون بما اوجبه الله عليهم، واسترعاهم به، وفي العصور المتأخرة يضعف الناس وتكثر الفتن وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) الحديث. فعسى الله ان يزيد هؤلاء قوة الى قوتهم ويرزقهم البصيرة في امورهم، ويعز بهم الاسلام والمسلمين. ولست هنا في مقالي هذا مادحا مرائيا لان هذا الخلق نهى عنه الاسلام، ولكنه التحدث بنعمة الله علينا وشكر الله عليها فبالشكر تدوم النعم، وانها شهادة الحق في عصر كثر فيه الجحود، وسيطر الضلال على من ابتلي بهم المسلمون من الذين اضلهم الله واعمى ابصارهم فعلت اصواتهم يدعون الى الفتنة، وشق عصا الطاعة، والتمرد وهذا طريق وسبيل غير المؤمنين، يتخبطون في دعواتهم يضللون البسطاء، ويكفرون العلماء، فاصبحوا للفتن مصدرا ووعاء، وغاب عنهم انهم يحققون اهداف الاعداء ويخدمون مصالحهم وغاب عنهم الفهم لاحكام الاسلام ومقاصد الشريعة وصدق الله في قوله (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء انما امرهم الى الله ثم ينبؤهم بما كانوا يفعلون) وجهلوا فهم قوله تعالى (وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون) واين هم من قول المصطفى (الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها) فالله المستعان. ان ما قام به سمو ولي العهد هو الواجب على كل راعي وهو من صميم مسؤوليته التي استودعه الله عليها، وجعلها امانة في ذمته، متعلقة برقبته، سوف يسأله الله عنها ويحاسبه في تقصيره فيها (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فالمسؤولية عظيمة والامانة ثقيلة، والمحاسب هو الله المطلع على احوال العباد، الحسيب الرقيب المثيب. وانني كفرد من ابناء هذا الوطن الغالي قد سرني ما شاهدته وشرفني ما علمته من خطوات مباركة في مسيرة الرحمة والاحسان، فليس غريبا على من يؤمن بالله ويخشاه ويتقيه، ويراقبه ان يعمل لاخرته، ويقوم بواجبه، ومسؤوليته امام الله فيرحم المسكين، ويعطف على الارامل والايتام.
فالراحمون يرحمهم الرحمن، وان الله لا يضيع اجر من احسن عملا، واصلح خللا فالاسلام دين الرحمة وشريعة التكافل اذ جعل الضعفاء في ذمة الاقوياء والفقراء في مسؤولية الاغنياء فرض الزكاة عليهم حقا لهم في اموالهم وجعلهم ركنا من اركان الاسلام لا يكمل للمرء الاسلام الا به ثم شرع الصدقات ودعا اليها وحض عليها ورتب الثواب الجزيل على فعلها.
ان هؤلاء الفقراء البائسين في ذمة الراعي وفي ذمة من اغناهم الله فالمال مال الله، والخلق عيال الله (وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا).
وما قام به سموه من وصل بيده ورجله دليل قاطع وبرهان ساطع على الرحمة والاحساس بالمسؤولية الثقيلة والامانة العظيمة ولقد رأيت البشر والسرور على وجوه المؤمنين يتحدثون ويدعون ويشكرون في المساجد وفي البيوت والطرقات يحمدون الله على هذه النعمة حيث من الله عليهم بان جعل ولايتهم في ايدي من يخاف الله وفي ذمة من يؤمن بالله.
واقول لابناء عقيدتي من الذين ضلوا الطريق وسلكوا سبيل من سمم قلوبهم وافكارهم من الاعداء، انتم ابناء رجال التوحيد، في ذمم آبائكم وفي ذممكم بيعة الاسلام وقد اوجب الله عليكم السمع والطاعة لولي الامر وقد قرن الله طاعته بطاعته سبحانه وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير واحسن تأويلا).
فالمتعين عليكم قول الحق، والحق ليس في شق عصا الطاعة والدعوة الى الفرقة، واشاعة الفتنة فمن سن في الاسلام سنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة ومن سن في الاسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة فاتقوا الله في انفسكم واتقوا الله في عباد الله واعلموا ان يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار. فشعائر الاسلام في الدولة قائمة والحمد لله وشريعة الله مطبقة واعينوا المسلمين على الشيطان ولا تعينوا الشيطان عليهم واحسنوا ان الله يحب المحسنين. وادركوا الخطر المحيط من اعداء الله المغضوب عليهم والضالين اتحدوا وهم على الكفر والضلال، فكيف بكم تدعون الى الفرقة وانتم على الاسلام؟ فالله الله في محاسبة النفس وردها عن ضلالها والاوبة الى طريق الاستقامة والرشاد وحماية وطنكم من الدخلاء الادعياء، والحاسدين الماكرين فالمسلم كيس فطن فكونوا كذلك. وعليكم بالالتفاف حول ولاة امركم والسمع والطاعة لهم بالمعروف ومعاونتهم على كبح اعدائهم ودحرهم فان انتم رشدتم والا فاخشى ان تصيبكم دائرة فتصبحوا نادمين وعسى الا تكونوا من الذين في قلوبهم مرض الذين قال الله فيهم (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة فعسى الله ان يأتي بالفتح او امر من عنده فيصبحوا على ما اسروا في انفسهم نادمين).
وفق الله قيادتنا للخير وثبتهم على الهدى، وايدهم بالحق وايد الحق بهم وجعلهم هداة مهتدين، لاعداء الله مجاهدين ونصر بهم الاسلام واعز به المسلمين، وجعلهم رحمة على العالمين، واثابهم وحفظهم ومكن محبة المؤمنين في قلوبهم، وحفظ هذا الوطن الغالي آمنا مستقرا منعما مفعما بقيادته الرشيدة مادامت السماوات والارض رغم انف الكافرين والادعياء الماكرين.
مدير عام فروع وزارة العدل بمنطقة الرياض @@ داود بن سلمان القحطاني