عكف سكان كانبيرا امس الاثنين على غربلة أنقاض ديارهم بحثا عما تبقى من أي ممتلكات أو أحياء بعد حرائق الغابات التي شهدتها العاصمة الاسترالية أمس الاول والتي وصفت بأنها الاسوأ على الاطلاق في تاريخها.
وكان أربعة أشخاص قد قتلوا وأصيب50 آخرون بجروح خطيرة واضطر الالاف إلى مغادرة ديارهم عندما اجتاح حريق شب في غابات (المدينة الحديقة) وهو الحريق الذي امتد من تلالها حتى وصل إلى ضواحيها حيث أتت النيران على 400 منزل. وقال وزير منطقة العاصمة الاسترالية جون ستانوب (النيران تتحرك بسرعة أكبر من قدرتنا على احتوائها).
أما درجات الحرارة المرتفعة وانخفاض نسبة الرطوبة والرياح العاتية التي من المتوقع أن تشهدها الايام القليلة المقبلة، فإنها ستكون اختبارا آخر لمدى صلابة رجال الاطفاء وغالبيتهم من المتطوعين الذين لا يمتلكون سوى 12 عربة إطفاء فقط في مواجهة جدار من ألسنة اللهب يمتد بطول 35 كيلومترا.
وحذر رئيس الوزراء الاسترالي جون هوارد الذي اضطر إلى إلغاء إجازته لزيارة الاسر المتضررة التي شردتها الحرائق من أن حالة الطوارئ لن تلغى عما قريب. كما نبه إلى أن هناك (كثيرا من خبراء مكافحة الحرائق الذين يعملون تحت وطأة قدر كبير من التوتر لشعورهم بأن هذه الحرائق ستزداد تفاقما قبل إخمادها في نهاية المطاف). وقارن بيتر لوكاس-سميث رئيس ضباط مكافحة الحرائق في كانبيره بين الوضع الحالي بكارثة (رماد الاربعاء) عام 1983 عندما قتلت الحرائق 76 شخصا في جنوب استراليا ومقاطعة فيكتوريا المجاورة. وقال لوكاس-سميث (الظروف التي نواجهها حاليا أكثر سوءا مقارنة بما كانت عليه عام 1983). وتعاني استراليا من أسوأ موجة جفاف منذ جيل بأسره. أما الحرائق التي اندلع بعضها بسبب الصواعق والبرق والبعض الاخر أشعل عمدا، فقد كان طريقها سهلا في التهام ما يعترض طريقها ولن تتوقف فيما يبدو في ظل الظروف الحالية، تزيد من تأججها أشجار الاوكالبتوس المشبعة بالزيوت الطبيعية. ويبدو أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرائق ستكون أكبر مما تتحمله مدينة كانبيرا التي يقطنها 320 ألف نسمة وتقع على بعد350 كيلومترا جنوب غرب سيدني. وتتسبب الحرائق في تدمير مزارع أشجار الصنوبر التي تقود صناعة الغابات التي تعد الصناعة الاكبر في القطاع الخاص باستراليا. وقد أتت الحرائق على مرصد جبل موانت ستروملو التاريخي والشهير عالميا والذي كان يعتبر حتى هذه اللحظة أكبر مركز للارصاد الفلكية في استراليا.
وغطت سحابة من الدخان العاصمة التي يسكنها 300 الف شخص ووصل الرماد الى مباني البرلمان في وسط المدينة بينما استمرت الحرائق لليوم الثالث. وتخشى فرق الاطفاء ان تنقل الرياح جذوات من مئات المنازل المحترقة في العاصمة حيث من المتوقع ان تصل درجات الحرارة الى38 درجة مئوية. وذكرت الشرطة ان امرأة في السابعة والثلاثين من عمرها لاقت حتفها بعد ان التهمت النيران منزلها في ضاحية دافي غرب كانبيرا ليرتفع بذلك عدد ضحايا الحرائق الى ثلاثة. وكانت الشرطة قد اكدت في وقت سابق ان رجلا في الحادية والستين وامرأة في الثالثة والثمانين توفيا مختنقين بالدخان. وطلب 200 شخص علاجا عاجلا بسبب استنشاق الدخان او حروق او مشاكل في التنفس او التهابات في العيون. ومازال 50 شخصا بالمستشفيات منهم ثلاثة اصيبوا بحروق خطيرة.
وتهدمت سقوف منازل وتعطلت خطوط الكهرباء لتترك ما يصل الى 25 في المئة من المدينة بدون كهرباء. وقال مسؤولون في ادارة الطواريء ان اعادة تشغيل كل خطوط الكهرباء قد يستغرق عدة ايام. كما بدت الشوارع مهجورة وتناثرت فيها طيور وحيوانات برية مثل الكنجارو والكلاب حية ونافقة. وقدر مسؤولون اجمالي الخسائر بمئات الملايين من الدولارات حيث تصل الخسائر في المنازل وحدها الى نحو80 مليون دولار استرالي (47 مليون دولار).