آثارت المفاوضات التي انطلقت امس بين المغرب والولايات المتحدة في واشنطن حول اتفاق للتبادل الحر جدلا يكشف تشعبات اقتصادية وجيوسياسية في ملف التعاون الاوروبي المتوسطي.
ويشارك في هذه المفاوضات حوالي 30 مفاوضا مغربيا من خلال مجموعات عمل متخصصة في مختلف القطاعات المعنية مثل مسائل التعاون الجمركي او التشريع الاجتماعي.
ويأتي هذا الجدل ردا علنيا لم يتسم بما يكفي من الدبلوماسية لدى الوزير الفرنسي المنتدب للتجارة الخارجية فرنسوا لوس الذي اعلن خلال زيارة الى الرباط في 14 يناير ان اتفاقا للتبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة يتناقض مع تعميق العلاقات الاقتصادية بين المملكة والاتحاد الاوروبي.
وصرح لوس في اعقاب زيارة عمل الى المغرب استغرقت يومين، للصحافيين انه حذر الاطراف المغربية بخصوص هذا الموضوع وقال يمكن ان نتناقش حول كل شيء ولكن لا يمكن ان نطمح الى شيئين متنافرين.
وتلقت الاوساط المغربية هذه التصريحات التي انتقدتها الصحف المغربية في اليوم التالي على انها عبارة عن توبيخ احادي الجانب جاء كالصاعقة حتى ان صحيفة لوماتان كتبت ان الوزير الفرنسي زرع الغموض في الادارة وبين المتعاملين المغاربة .
وتطرقت الصحف الاسبوعية للجوانب الجيوستراتيجية لبداية الجدل هذا فكتبت صحيفة تيل كيل المستقلة ان صراع النفوذ بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة حول السيطرة على الاقتصاد المغربي اندلع جهارا هذه المرة .
واضافت الاسبوعية من الواضح ان الجانب المغربي يلعب على الحبلين وان الامر لا يتعلق فقط بالاقتصاد بل ايضا (وربما بالخصوص) بالسياسة معتبرة ان الولايات المتحدة على ابواب حرب ترغب في اشراك المغرب فيها الى جانبها .
واشارت لوجورنال هبدومادير من جهتها الى ان المشروع المغربي الاميركي يناقض المنهجية الاوروبية التي تسعى الى تشكيل معسكر اقليمي اوروبي متوسطي في نطاق العولمة الاقليمية التي تتصارع فيها المعسكرات الاميركية والاسيوية والاوروبية.
وساهمت علاقات المغرب المتوترة مع اسبانيا، اقرب جاراتها الاوروبية والتي ما زالت مواضيع الخلافات السياسية منها والاقتصادية مستمرة، في جعل المغرب ينقاد للغزل الاميركي.
وكشفت الوساطة الاميركية في النزاع حول جزيرة ليلى (بيريخيل) في اغسطس 2002 عندما طرد الجيش الاسباني رجال الدرك المغاربة من الصخرة غير الماهولة على الساحل المتوسطي، صعوبة الاتحاد الاوروبي في التدخل بشكل مفيد في النزاعات التي تندلع حول مصالح احد اعضائه.
وفي الرباط، غذت الجولات المغاربية المتكررة التي قام بها مسؤولون سياسيون واقتصاديون جاءوا من واشنطن، فكرة البديل الاميركي في علاقات المغرب الخارجية التي ما زالت موجهة بالدرجة الاولى الى اوروبا.
وتمثل اوروبا ثلثي المبادلات التجارية التي يقوم بها المغرب حيث بلغت
56% من وارداته خلال 2001 و74% من صادراته التي تتشكل في الاساس من الفوسفات والمنسوجات والمنتوجات الزراعية.
في حين لم تحتل الولايات المتحدة خلال 2001 سوى المرتبة السادسة بين زبائن المغرب بنحو4.1 % من مجمل مبيعاتها وفي المرتبة الثامنة من مزوديها بنحو3.7 % من ايراداتها.
ولم تتجاوز مجمل المبادلات المغربية مع الولايات المتحدة خلال 2001 سوى اقل بقليل من 750 مليون يورو في مقابل 12 مليار يورو لبلدان الاتحاد الاوروبي.