@ قد يثبت ان الحرب الاميركية على العراق هي اكبر عملية وضع يد على النفط في التاريخ الحديث، تؤمن مئات المليارات من الدولارات لشركات النفط الاميركية - ومعظمها مرتبط بمسؤولين كبار في ادارة بوش - وتساعد على تفادي ازمة طاقة مستقبلا في الولايات المتحدة.
فهل حقيقة أن هدف الحملة العسكرية الأمريكية على العراق هو السيطرة على منابع النفط والتحكم بها ؟
ـ للإجابة عن هذا التساؤل نستعرض دراسة لـ مايكل كلير - الخبير الأميركي في دراسات السلام والأمن العالمي ومؤلف كتاب حروب الموارد؛ و نتابع فيما يلي استعراض ما تبقى من الدراسة التي بدأنا باستعراض جزء منها في العدد السابق .
وجاء في الدراسة :
لقد شهد عام 2002 فورة اضافية مع شركات تركية وروسية وفرنسية وهندية تجاوزت 30 عقدا جاهزا للتنفيذ لحظة رفع العقوبات.
وهي تتعلق بنحو 33 حقلا نفطيا حددها العراق للتطوير، وقرر منح الشركات الأجنبية امتيازات 25 منها، بينها حقول عملاقة وكبيرة تقدر طاقتها الإنتاجية مجتمعة بنحو 2.7 مليون برميل يوميا. واكثر من ذلك، توصلت بغداد وموسكو أخيرا الى اتفاق للتعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة وغيرها قيمته 40 مليار دولار. ولا شك في ان هذه العقود تخدم هدفا سياسيا يتمثل في ربط الدول المعنية ومعظمها ذات نفوذ دولي بمصالح حيوية في العراق تجعل قرارها المشاركة في اي عدوان أميركي عليه صعبا. وهذا أيضا تعرفه أميركا بقدر ما تعرف معنى ان تكون شركاتها النفطية خارج لعبة العراق بعد رفع العقوبات.
فالشركات الاميركية العملاقة كانت تنظر بقلق بالغ الى احتمال ضمان منافساتها من فرنسا وغيرها امتيازات بعيدة المدى في صناعة النفط العالمية وقد عبر عن ذلك علنا رئيس شيفرون كينيث دير عام 1998 اذ قال ان العراق يملك احتياطات هائلة من النفط والغاز، احتياطات احب كثيرا ان تصل اليها شيفرون..وحال شيفرون هو حال شركات امريكية وبريطانية اخرى مثل اكسون وشل وب ب التي كانت مجموعات الضغط الخاصة بها تدفع في اتجاه تسهيل وصولها الى العراق بأي وسيلة حتى بالحرب، والتي باتت تطمح الآن الى سيطرة مباشرة على الثروة النفطية العراقية الآتية. فهل بغير عمل عسكري يبقي الأمريكيون في العراق، و تستطيع اميركا ان تضمن لشركاتها ولنفسها هذه الجائزة؟
ليس مصادفة ان امريكا تستخدم في محاولاتها اقناع الدول المترددة في مجلس الامن وكلها موعودة بالنفط العراقي - روسيا وفرنسا والصين - بأنه ستكون لها حصة في الثروة اذا ايدت قرارها استخدام القوة ضد العراق، بل ان هذه ورقة أساسية اليوم في التفاوض بين الدول. ولعل افضل من عبر عن الهستيريا النفطية الاميركية في غياب اي إشارة رسمية هو المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية سي آي إي جيمس وولسي الذي ما انفك يدفع في اتجاه إطاحة صدام اذ قال في ايلول الماضي : الامر واضح لدى فرنسا وروسيا شركات نفط ومصالح في العراق. يجب إبلاغهما انهما اذا تعاونتا في اقامة حكومة محترمة للعراق، سنبذل ما في وسعنا لضمان تعاون الحكومة الجديدة والشركات الاميركية معهما. اما اذا وقفتا مع صدام، فسيكون اقناع الحكومة العراقية الجديدة بالتعاون معهما صعباً بل مستحيلا. وطبعا اتخذت المعارضة العراقية التي تدعمها اميركا موقفا عكس هذا التوجه الأميركي كما عكس محاولتها إغراء أميركا لتقتنع بها بديلا عن النظـام العراقي القائم. وقال المؤتمر الوطني العراقي ان الحكومة الجديدة ستراجع كل العقود التي وقعها النظام الحالي. اما رئيسه احمد جلبي فذهب الى انه يفضل انشاء كونسوريوم برئاسة اميركية لتطوير حقول النفط العراقية وستكون للشركات الاميركية الحصة الكبرى في النفط العراقي وان العراقيين سيكونون اكثر تجاوبا "مع الآخرين" اذا لم تعق روسيا تحرير العراق. الأهداف الأميركية واضحة وضوح الشمس، أما العقود الموقّعة مع بغداد فمنها ما قد يصمد لأنه حصل على موافقة الامم المتحدة، ومنها ما سيبقى عرضة للقوة الأميركية. والاهم ان ملامح الجائزة الكبرى قد تدفع كثيرين الى هستيريا غير محسوبة.
الثروة الكامنة الاحتياط:
الثابت اليوم هو ان للعراق ثاني اكبر احتياط نفطي في العالم، ويبلغ الحجم المتداول منذ 1996 للاحتياط العراقي المثبت 112.5 مليار برميل وان كان العراق رفع تقديره لاحتياطه رسمياً في كانون الثاني 2002 الى 115 مليار برميل. ولكن حتى هذا ليس نهائياً، اذ يعتقد على نطاق واسع ان الاحتياط المحتمل والممكن للعراق قد يتجاوز 200 مليار برميل، خصوصاً ان مساحات شاسعة فيه لم تستكشف بعد ولا سيما في الصحراء غرب بغداد. وقال وزير النفط العراقي" السابق" عامر محمد رشيد مطلع السنة ان الاحتياط الذي سيكتشف في العراق سيبلغ 280 مليار برميل معظمه في الصحراء.
الإنتاج:
مع ان إنتاج العراق للنفط انخفض في 2002 فان طاقته الإنتاجية ارتفعت وبلغت مطلع السنة ثلاثة ملايين برميل يومياً توازي تقريباً قدرته لآخر سنين الثمانينات وان كان يطمح الى ان يبلغ 3.5 مليون برميل يومياً. ويتوقع الخبراء ان يبلغ العراق هذا الحد بعد ثلاث سنوات من استقرار الوضع فيه وان يتمكن بعد ذلك بسنتين من زيادة الانتاج الى 4.5 مليون برميل يومياً. ومن الطاقة الانتاجية الحالية ثلاثة ملايين برميل يومياً، تبلغ طاقة حقول الشمال 1.2 مليون برميل وتتولى شركة نفط الشمال العراقية تطوير 13 حقلاً هناك اكبرها اربعة هي كركوك "طاقة انتاجية 900 الف برميل يومياً" وجمبور "75 الفاً" وخباز "30 الفاً" وصدام "25 الفاً". وتبلغ طاقة حقول الجنوب 1.8 مليون برميل يومياً ابرزها حقل الرميلة "الجنوبي بطاقة 750 الف برميل يومياً والشمالي بطاقة 500 الف برميل يومياً"، ثم الزبير "240 الفاً" وميسان "160 الفاً" والقرنة الغربية "120 الفاً". الحقول:
في العراق 74 حقلاً نفطياً معروفاً بينها ستة حقول مصنفة عملاقة "اي تختزن اكثر من خمسة مليارات برميل"، و23 حقلاً مصنفة كبيرة "اي تختزن ما بين 500 مليون برميل وخمسة مليارات برميل"، و45 حقلاً مصنفة متوسطة "تختزن ما بين 50 مليوناً و500 مليون برميل" او صغيرة "تختزن اقل من 50 مليون برميل".
ومن اصل الحقول الـ،74 هناك 15 حقلاً للنفط منتجة بالمعنى الحقيقي وتختزن احتياطاً مقداره 60 مليار برميل.
الحقول العاملة المفتوحة للتطوير:
ـ القرنة الغربية: هو الحقل الاكبر وآخر الحقول التي طُوّرت. يقع في الجنوب وقد بدأ الانتاج عام 1998، احتياطه المثبت 15 مليار برميل والمقدر 18 مليار برميل، اما احتياطه المحتمل فيبلغ 40 ملياراً.
طاقته الانتاجية مليون برميل يومياً، لكنه انتج 120 الف برميل فقط في 2001 .
خطط العراق لزيادة طاقته الى 400 الف برميل يومياً ثم 600 الف ووقع لهذه الغاية عام 1997 عقداً قيمته 3.1 مليارات دولار مع كونسورسيوم روسي برئاسة لوك اويل يضم شركة روسية اخرى هي زاروبزنفت وثلاث شركات اوروبية والشركة الوطنية العراقية. ولكن نتيجة العقوبات المفروضة على العراق لم ينفذ الكونسورسيوم العقد واكتفى ببعض الاعمال التمهيدية التي لا تنتهك هذه العقوبات.
ـ حقلا كركوك والرميلة: يقع كركوك في الشمال وقد بدأ انتاجه عام 1934 وهو ينتج 900 الف برميل يومياً. والرميلة في الجنوب بدأ انتاجه عام 1972 وهو ينتج بقسميه الشمالي والجنوبي 1.250 مليون برميل. ويقدر احتياط الحقلين بنحو 22 مليار برميل. وتعمل بغداد على تطوير الرميلة والشركات المرشحة للتنفيذ روسية.
ـ صدام: احتياطه المقدر ثلاثة مليارات برميل وينتج حالياً 25 الف برميل يومياً وتهدف بغداد الى مضاعفة انتاجه وقد وقعت عقداً في نيسان 2001 مع شركات روسية يشمل حفر 33 بئراً وحصلت على موافقة الامم المتحدة عليه بينها آبار في حقل صدام وحقلي كركوك وباي حسن الذي يبلغ احتياطه ملياري برميل.
ـ الزبير: يقع قرب البصرة واحتياطه المثبت 4.5 مليار برميل وطاقته الانتاجية الحالية 240 الف برميل يومياً ويستهدف مشروع تطويره زيادة الانتاج الى 300 الف برميل يومياً.