أخبار متعلقة
في سعيه لتهيئة الشارع الامريكي والعالم بأسره لحرب محتملة ضد العراق، كرس الرئيس الامريكي جورج بوش قسطا وافرا من خطابه السنوي حول (حالة الاتحاد) فجر أمس الأربعاء، من اجل حشد التأييد للحرب ، وفي مؤشر على وشوك اتخاذ قراره بشن هذه الحرب، فقد أعلن أن ساعات حاسمة ربما تنتظر القوات الامريكية في الشرق الأوسط، وتعهد في هذا السياق بان تستخدم الولايات المتحدة كامل قوتها وعظمتها لنزع أسلحة العراق. ولم يتطرق بوش في الخطاب الذي ألقاه أمام الكونغرس الى قضية الشرق الأوسط سوى عبر إشارات مقتضبة تحدث فيها عن ضرورة إحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وشدد في خطابه عن حالة الأمة مجدداً عزم إدارته على نزع أسلحة الدمار الشامل من العراق.. وقال إن ساعات حاسمة ربما تنتظر القوات الأمريكية في المنطقة، وأن الولايات المتحدة ستقود تحالفاً دولياً لنزع أسلحة الدمار الشامل من العراق في حال رفضه الالتزام بالقرارات الدولية.
وفي ثاني خطاب حول (حالة الاتحاد) قال الرئيس الامريكي إن وزير الخارجية كولن باول سيقدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة معلومات استخباراتية عن برامج التسليح العراقية.
وفي إشارة إلى الانتقادات الدولية المتزايدة بشأن قيادة الولايات المتحدة لحملة عسكرية ضد العراق، قال بوش إن مصير هذه الأمة لا يعتمد على قرارات الآخرين. وتابع: سنتشاور، لكن يجب أن نوضح موقفنا هنا: إذا رفض الرئيس العراقي صدام حسين نزع أسلحته، وبشكل كامل، ومن أجل سلامة شعبه، وأمن العالم، سنقود تحالفاً دولياً لتحقيق ذلك.
ولدعم حججه ضد النظام العراقي، عدد بوش في كلمته أمام الكونغرس الأمريكي المزيد من الدلائل التي تنصب في إطار الانتهاكات التي ترتكبها حكومة بغداد.
وتحدث الرئيس الامريكي، ولأول مرة، عن تقارير استخباراتية حول إخفاء الآلاف من الموظفين العراقيين لمستندات ومواد من المفتشين الدوليين.
كما أشار إلى وجود كميات كبيرة من المواد الكيماوية والرؤوس الحربية، التي لم يضمنها العراق تقريره إلى الأمم المتحدة.
وأضاف قائلا إن بلاده تواجه تحديات كبيرة .. وسوف نواجه هذه التحديات بتركيز ووضوح وشجاعة. متهما الرئيس العراقي بإظهار ازدراء تام للأمم المتحدة بممارسة الخداع بدلا من أن ينصاع لمطالبها لنزع سلاحه.
وقال بوش إنه على مدى 12 عاما دأب صدام بشكل منتظم على خرق قرارات الأمم المتحدة التي طالبته بالتخلص من أسلحة للدمار الشامل.
وأضاف قائلا: قبل ثلاثة اشهر تقريباً، أعطى مجلس الأمن الدولي صدام حسين فرصته الأخيرة لنزع السلاح. لكنه عوضاً من أن يفعل ذلك فانه اظهر ازدراء تاما للأمم المتحدة ولرأي العالم... دكتاتور العراق لا ينزع سلاحه بل على العكس إنه يخادع.
ويأتي خطاب (حالة الاتحاد) عقب يوم واحد من إبلاغ مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة أن العراق يتقاعس عن التعاون بشكل كامل في إجابة مطالبهم.
وقد ركز الرئيس الامريكي في مستهل خطابه على عدد من القضايا الداخلية، وحدد أربعة أهداف ستعمل إدارته على تحقيقها: منها تعزيز الاقتصاد بإيجاد المزيد من الوظائف، وتحسين الخدمات الصحية لتشمل كل الأمريكيين، وإتاحة الفرصة للمزيد من الاستقلالية فيما يتعلق بالطاقة فضلاً عن حماية البيئة.
وتطرق بوش في خطابه للحملة الأمريكية ضد الإرهاب والتي بدأت قبل 16 شهراً، وقال بوش: الحرب مستمرة، ونحن نحقق الانتصارات.
وفي الوقت الذي باءت فيه الجهود الامريكية الحثيثة للقبض على أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، بالفشل، أشار الرئيس الامريكي إلى اعتقال 3 آلاف من الإرهابيين، من بينهم قيادات رفيعة في التنظيم.
وشدد الرئيس بوش على أن بلاده ستواصل سعيها لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وضمان أمن إسرائيل وإقامة (فلسطين) ديموقراطية.
واضاف: البعض يقول ان علينا الا نتحرك الا اذا كان التهديد وشيكا لكن اذا سمحنا بظهور هذا التهديد فجأة وبكامل قوته يكون الاوان قد فات لاي تحرك او كلام او اعتراض .
واكد ان الثقة في حكمة صدام حسين وقدرته على ضبط النفس ليست خيارا .
واعتبر بوش في خطابه الذي استمر ساعة امام مجلسي الكونغرس ان ديكتاتور العراق لا ينزع اسلحته بل على العكس انه يخادع .
وقال متوجها الى عشرات الالاف من القوات الامريكية المنتشرة في الخليج ان اوقاتا مصيرية لا تزال تنتظرنا .
وتابع: هذه الامة تحارب على مضض لاننا نعرف الثمن ونخشى الحزن الذي يرافق الحروب على الدوام.
لكنه عاد ليشدد في حال فرضت الحرب علينا سنقاتل بكل ما اوتيت الولايات المتحدة من قوة وعظمة عسكرية. والنصر سيكون حليفنا وسننتصر .
باول سيقدم أدلة استخبارية
وفي محاولة لتجاوز معارضة اي عمل عسكري ضد العراق قال بوش ان وزير خارجيته كولن باول سيعرض على مجلس الأمن الدولي أدلة جديدة حول استمرار العراق في تحدي شروط نزع أسلحته، في الخامس من فبراير المقبل.
وتعتبر فرنسا والصين وروسيا وهي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن ان لا مبرر لشن حرب على العراق الآن.
لكن بوش قال: الولايات المتحدة ستطلب من مجلس الامن ان يعقد اجتماعا في الخامس من شباط للبحث في وقائع استمرار العراق في تحدي العالم .
واضاف ان وزير الخارجية كولن باول سيعرض معلومات ومعطيات من اجهزة استخبارات حول برامج العراق للاسلحة المحظورة ومحاولاته اخفاء هذه الاسلحة عن المفتشين وروابطه مع مجموعات ارهابية .
وقال الرئيس الامريكي سنجري المشاورات لكن اود تبديد اي التباس: في حال لم ينزع (الرئيس العراقي) :صدام حسين اسلحته كليا فاننا سنقود ائتلافا لنزع اسلحته حفاظا على امن شعوبنا والسلام في العالم .
واكد بوش ان لدى الامريكيين ادلة عن وجود علاقات بين العراق وارهابيين بينهم اعضاء في تنظيم القاعدة، بفضل معلومات من اجهزة استخبارات واتصالات سرية وافادات سجناء.. وقال ان ادلة من مصادر الاستخبارات واتصالات سرية وافادات سجناء تكشف ان (الرئيس العراقي) صدام حسين يساعد ويحمي ارهابيين منهم اعضاء في تنظيم القاعدة .
واضاف: بطريقة سرية ومن دون ان يخلف آثارا، يستطيع ان يعطي احدى هذه الاسلحة المخفية الى ارهابيين او مساعدتهم على تطوير اسلحتهم .
وبالاشارة الى اعتداءات 11 سبتمبر 2001 التي اسفرت عن مقتل ثلاثة آلاف شخص في نيويورك وواشنطن، قال بوش: تصوروا قراصنة الجو التسعة عشرة هؤلاء مع اسلحة اخرى او خطط اخرى وقد سلحهم هذه المرة صدام حسين .
وتابع بوش: لن نسمح لديكتاتور وحشي يزخر تاريخه بالاعمال العدوانية المتهورة، ويقيم علاقات مع الارهاب، بالسيطرة على منطقة حيوية وتهديد الولايات المتحدة .
الدول الخارجة عن القانون!
وشدد بوش على ان الانظمة الخارجة على القانون مثل العراق وكوريا الشمالية وايران التي تسعى برأيه الى امتلاك اسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية تشكل اكبر خطر يتعين على اميركا والعالم مواجهته . ولم يأت مجددا على ذكر (محور الشر) وهو تعبير اثار جدلا وقد استخدمه للمرة الاولى خلال خطابه حول حال الاتحاد العام الماضي لكنه جدد التأكيد على الخطر الذي تطرحه هذه الانظمة.
واوضح بوش: اليوم تشكل الانظمة الخارجة على القانون التي تسعى الى امتلاك اسلحة نووية وكيميائية وجرثومية او انها تملكها، اكبر خطر في الحرب على الارهاب واكبر خطر على اميركا والعالم .
ورأى انها تطرح تهديدات مختلفة تتطلب استراتيجيات مختلفة متحدثا بشكل منفصل عن العراق وايران وكوريا الشمالية.
واكد الرئيس الامريكي ان هذه الانظمة قد تستخدم اسلحة كهذه للابتزاز وممارسة الارهاب والقتل الجماعي . وبشأن كوريا الشمالية اعتبر بوش ان على كوريا الشمالية التخلي عن طموحاتها النووية لاستعادة احترام المجموعة الدولية.
واتهم نظام بيونغ يانغ بانه قمعي ويرغم شعبه على العيش في الخوف والمجاعة . وقال ان الولايات المتحدة والعالم لن يخضعا للابتزاز. الولايات المتحدة تسعى مع دول المنطقة، كوريا الجنوبية واليابان والصين وروسيا لايجاد حل سلمي ولتثبت لحكومة كوريا الشمالية ان الاسلحة النووية لن تقدم لها الا العزلة والكساد الاقتصادي واستمرار الصعوبات .
واضاف ان النظام الكوري الشمالي لن يستعيد احترام العالم والرفاهية لشعبه الا اذا تخلى عن طموحاته النووية .
واعتبر ان على امتنا والعالم استخلاص العبر مما يحصل في شبه الجزيرة الكورية والا تسمح لتهديد اكبر من ذلك بأن يزيد في العراق . واشار الرئيس الامريكي الذي صنف ايران وكوريا الشمالية والعراق في (محور الشر) في خطابه عن حالة الاتحاد العام الماضي، الى ان تهديدات مختلفة تتطلب استراتيجيات مختلفة .
وقال في هذا الصدد ان للايرانيين حق اختيار حكومتهم واختيار مصيرهم وان الولايات المتحدة تدعم تطلعاتهم للعيش بحرية .
وذكر أن واشنطن اختارت الطرق الدبلوماسية لمعالجة حالة كوريا الشمالية وتريد نزع سلاح العراق، وبالقوة اذا اقتضت الضرورة.
برنامج لمكافحة الارهاب ووعود بانعاش الاقتصاد
وطلب الرئيس الامريكي من الكونغرس الافراج عن ميزانية قيمتها ستة مليارات دولار لمكافحة الارهاب البيولوجي، كما تعهد بانعاش الاقتصاد الامريكي المتباطئ.
وقال بوش ان الموازنة التي اطرحها عليكم ستقترح حوالى ستة مليارات دولار للاسراع في جعل لقاحات وعلاجات لمعالجة امراض مثل ايبولا والطاعون والجمرة الخبيثة فعالة . واضاف: يجب ان نأخذ في الاعتبار ان اعداءنا يمكن ان يستخدموا هذه الامراض اسلحة وعلينا التحرك قبل ان تصيبنا هذه المخاطر .
ووعد الرئيس الامريكي في خطابه السنوي بانعاش الاقتصاد الامريكي ودعا اعضاء الكونغرس الى تخصيص عشرة مليارات دولار اضافية في اطار (خطة طارئة) لمحاربة مرض الايدز في افريقيا ومنطقة الكاريبي.
ويشهد الاقتصاد الامريكي تباطؤا ويتوقع ان تكون النسبة السنوية 1% او اقل خلال الفصل الرابع من العام 2003. كما دعا بوش اعضاء الكونغرس في خطابه الى تخصيص 10 مليارات دولار اضافية في اطار خطة طارئة لمحاربة انتشار الايدز في اكثر مناطق العالم عرضة لهذا الوباء. وفي أول ردة فعل امريكية على خطاب بوش، صرح السناتور إدوار كينيدي بأنه سيتقدم بتدابير جديدة تقضي بأن لا يشن الرئيس الامريكي حرباً ضد العراق دون الحصول على موافقة جديدة من الكونغرس. وعلل كينيدي ذلك بقوله إن الكثير قد تغير منذ مناقشة الكونغرس لأزمة العراق، هناك تقدم على صعيد عمل المفتشين في العراق، ويجب أن يستمر عملهم.
الرئيس الامريكي اثناء القائه خطاب الاتحاد
جنود امريكيون في قاعدة بكوريا الجنوبية يشاهدون رئيسهم وهو يلقي خطابه