أخبار متعلقة
السياحة.. اصطلاحا تعني الطواف في ارجاء البلاد بغية التنزه والاستمتاع والاستجمام.. وفي العرف نعني بها الماء والخضرة وكل شيء حسن ينتهي الى بيئة جميلة تعشقها العين قبل النفس احيانا.. ولاشك أنها ـ أي السياحة ـ مطلب حضاري تتطلع اليه مجمل الشعوب بمختلف تقاليدها واعرافها.. فضلا عن انها واجهة حضارية لكل دولة.. وما اجمل ان يعيش احدنا هذه الأجواء على أرضه وتحت سماء بيئته حيث يضمن بقاء الأمن والاستقرار وكل شيء يتعلق بالعادات والتقاليد.
ولاشك ان السعي في ايجاد سياحة حقيقية يتطلب الكثير من المقومات والعوامل التي تساعدنا على تجاوز كل الصعاب والخروج بنتائج مرضية.. مع الأخذ بعين الاعتبار ان سياحة المملكة لا تزال في مراحلها الأولى وهذا الأمر يستدعي وجود خطة زمنية لدى الجهات المعنية بالسياحة وتكون ضمن استراتيجية ذات اهداف محددة وواضحة لكي تحقق افضل نتائج ممكنة وتشكل نواة للعمل السياحي المستقبلي.
والحديث عن السياحة بشكل او بآخر يطول مجلسه.. والمقام لا يسعنا في الامساك بكل أطرافه.. لكننا سنتحدث في المساحة المتاحة عن السياحة في محافظة الاحساء بوصفها احدى محافظاتنا الجميلة التي تمتلك كل مقومات الصناعة السياحية وارض خصبة تستحق العرض والتقديم.
والاحساء.. كلنا يعرفها ـ وان لم يحظ البعض منا بزيارتها ـ منطقة زراعية عرفت ببساتينها الجميلة ونخيلها الاشم.. كانت سابقا تعرف باسم البحرين وبعده هجر ثم الاحساء.. وهي في موجز القول قبل اكتشاف البترول ـ أي قبل 1938م ـ اتسمت بالاعتماد على الذات في مختلف المجالات المهنية والمعيشية.. واليوم ومنذ اكتشاف الزيت وبدء انتاجه انتعش الوضع الاقتصادي في المحافظة التي يقدر عدد سكانها بنحو 422ر244 نسمة.. منهم 107ر79 يسكنون المناطق الريفية.
وتعد الاحساء واحة حبلى بشتى المنتجات الزراعية كالتمور والليمون والرمان والتين والعنب والخوخ وغيرها.. فضلا عن معالمها الأثرية وبحرها المنسي وعيونها الطبيعية الشهيرة التي تقصد من كل مكان وفي أي زمان.
وبالرغم من ثرواتها المتعددة التي شملت كل شيء ظلت تعاني قصورا حادا في كافة جوانبها السياحية حيث لم تشهد معالمها وموروثاتها النفيسة التي عرفت بها منذ عهد بعيد اي حراك يذكر من قبل المسئولين في الجهات المعنية كخطوة نحو توظيفها في خدمة هذا الجانب الحيوي (السياحة) الذي تفتقده المحافظة دون مبرر حيث باتت معالمها مهملة ومشوهة حتى ان بعض معالمها اندثرت والأخرى بقيت اطلالا يبكى عليها.
جبل القارة
هو احد معالم المحافظة الشهيرة ويمتد نحو لكيلو مترين بارتفاع 210 امتار فوق مستوى سطح الأرض ويتوسط مساحة مترامية الاطراف من الاراضي الزراعية.. ويقصده السياح من كل مكان لما يتمتع به هذا المعلم من وجود مجموعة من المغارات والكهوف ذات الاجواء الباردة صيفا والدافئة شتاء ولايزال صورة عتيقة خلفتها الطبيعة ولم ينفض من عليها الغبار.
ان اول مفاجأة للزائر لهذا الجبل حجم التشوهات التي تحيط به من كل جانبا بدءا من محيطه الخارجي الذي يمتد بين قرية الدالوة في الجنوب الغربي الى قرية القارة في الشمال الغربي وبين قرية التهيمية في الشمال الشرقي الى الجنوب وانتهاء بمغاراته وسراديبه الطويلة التي لم تسلم هي الأخرى من الاهمال والمخلفات.
ويرى ابراهيم حسين عبدالله ان المحافظة تمتلك كل مقومات السياحة وبذل القليل من الجد والاهتمام بها من قبل المعنيين بالسياحة سيساهم في النهوض بها وايصالها الى مستوى الطموح الذي نأمله لهذه المحافظة مشيرا الى ان المحافظة تفتقر للكثير من الفعاليات والمهرجانات التي من شأنها اجتذاب السائحين وزيادة حركتها.
واضاف ان المحافظة برغم ما تشهده معالمها ومتنزهاتها من تشوهات وتصدعات وانعدام الخدمات الا انها لا تخلو تماما من السائحين ولاسيما في الاجازات الرسمية حيث يشهد جبل القارة على وجه الخصوص بالرغم من وضعه المتهالك والمشوه اقبالا كبيرا من الكثير من السائحين على الصعيد المحلي والخليجي وغيرهم.
وتمنى ان يحظى هذا المعلم وغيره من المعالم والمتنزهات الاخرى بالمحافظة باهتمام المسئولين لتبدو المحافظة في كامل زينتها مواكبة مع طبيعتها الريفية الهادئة.
حجز الرمال
يعرف مشروع (حجز الرمال) بالمتنزه الوطني ويمثل حزاما من اشجار الاثل والنباتات الشوكية التي تمتد نحو 100 كيلو متر لصد كثبان الرمال القادمة من الاتجاه الشرقي والشمالي الشرقي لمدينة الهفوف والتي كانت تهدد المزارع والقرى المجاورة للبر الأصفر الممتد حتى ميناء العقير ويشكل هذا الحزام غابة جميلة كانت محطة استرخاء واستجمام السياح من كل مكان الا انها وبرغم استراتيجيتها ظلت على وضعها مع اضافة القليل من المسطحات الزراعية التي تمثل واحد في المائة من مساحتها المترامية الاطراف.
وفي هذا الجانب يؤكد عبدالله علي ابراهيم ان المنتزه محطة استثمار حقيقية للكثير من المشاريع الحيوية التي تساهم في تنشيط الجانب السياحي بالمحافظة كحدائق الحيوانات والفنادق والمدن الترفيهية وغيرها من المشاريع العملاقة التي تخدم السائح والمستثمر على حد سواء وهي فرصة حقيقية لاستثمار حقيقي. واضاف ان السائح اليوم لم يعد السائح الذي يبحث عن المتاحف والاماكن التاريخية فحسب بل انه اصبح يبحث عن الاستمتاع والترفيه وكل شيء له علاقة بالسياحة وهذا الامر يتطلب وجود اماكن تختلف عن الاماكن التقليدية لتشجيع وتنشيط السياحة كالمتنزهات العامة والاماكن الترفيهية على اختلاف انواعها واشكالها والتي تسهم بشكل واضح في جذب السائح.
منتزه عين النجم
يضم متنزه عين النجم المياه الكبريتية الحارة التي يقصدها الجميع من كل مكان بغية الاستشفاء والتنزه وهي واحدة من عشرات العيون الجوفية والارتوازية التي تملأ المحافظة والتي من ضمنها عين ام سبعة والجوهرية والأخدود والحقل والحارة.. وتحتوي على قباب قديمة وحديقة جميلة حيث تم تجديدها وتجهيزها بكافة احتياجات التنزه من العاب ومسابح ومسطحات زراعية ولكن ما لبث ان تبدل حال هذا المتنزه الى اسوأ الاحوال حيث ضاعت كل الجهود كنتيجة حتمية لعدم الاهتمام به وتركه دون صيانة على مر السنين الماضية حتى بات مشوها وشبه مهجور ورغم ذلك مازال المستثمر المحلي يطمح في استغلال هذا المعلم كمنتجع يخدم الجانب السياحي بالمحافظة اذا ما منح الفرصة في ذلك. وهنا يقول عيسى عبدالله السلطان: ان المحافظة لم تزل على حالها منذ سنوات طويلة مضت حيث لم تشهد أي تحرك يذكر في كافة الجوانب الترويحية والسياحية التي تخدم المواطن او السائح بصفة عامة مشيرا الى ان الكثير من اماكن التنزه باتت مشوهة وغير صالحة للتنزه او السياحة على الاطلاق.
واضاف ان المحافظة تتمتع بالعديد من المزايا والمقومات التي تجعلها قادرة على العطاء والمنافسة بقوة في مجالات السياحة اذا ما وجد عنصر الاهتمام بالكثير من مرافقها العامة مؤكدا ان منتزه عين النجم ـ بصفته يمتلك شهرة واسعة ـ سيكون له دور كبير في خدمة الجانب السياحي اذا ما استغل بشكل صحيح في خدمة هذا الجانب.
مسجد جواثا
هو مسجد تراثي شهير يعود للقرون الوسطى ويزوره الكثير من السياح من كل مكان وتحيط به عدد من شجيرات الاثل والنخيل وحديقة صغيرة وبعض الالعاب الترفيهية، وتم قبل سنوات ازالته بهدف ترميمه ليبدو صالحا للعبادة والسياحة، لكنه حتى الآن لم يشهد اي حراك يذكر تجاه نية التجديد او الترميم. مما صرف السائحين وكذلك سكان المحافظة عن ارتياده. وكنا قد التقينا في المسجد نفسه بعلي سعيد الحمد حيث قال ان القطاع السياحي بالمحافظة لم يأخذ الاهمية التي يستحقها والتي تساعد على ايجاد صناعة سياحية حقيقية في حين ان المحافظة تمتلك جميع المقومات السياحية من طبيعة وتراث وآثار ومعالم تاريخية ودينية الأمر الذي يؤهلها ان تكون في اولويات المناطق المعنية بصناعة سياحية متطورة ترتقي الى ذوق المواطن والسائح معا.
ولا شك ان المعالم والاماكن القديمة ذات الصلة بالتراث الاسلامي الاصيل كمسجد جواثا وغيره من المناطق السياحية الهامة والتي تزخر بها المحافظة سيكون لها واقع الاثر في خدمة الجانب السياحي المتهالك اذا ما تم الاعتناء بها والمحافظة عليها وتطويرها بما يتناسب ومكانتها التاريخية.
بحر العقير
يعد ميناء العقير المتنفس البحري للمحافظة من الجانب الشرقي على شطآن الخليج العربي حتى مركز سلوى على حدود دولة قطر ويضم عددا من المباني القديمة المأهولة بالمؤسسات الادارية آنذاك والمهجورة في وقتنا الراهن وبرغم دفء رمال هذا الشاطئ وحسن منظرها الاخاذ الا ان الشاطئ ظل مهملا في مختلف جوانبه السياحية وغير السياحية ، في حين ان الشاطىء ملئ بالفرص الاستثمارية الذهبية التي من شأنها المساهمة في تنشيط الجانب السياحي الذي تفتقر اليه المحافظة كالرحلات البحرية والجلسات والمطاعم والمقاهي والواجهات البحرية.
وهنا يقول حمد عبدالرحمن العيسى على الرغم من ان السياحة العصرية تتخذ من البحر موقعا استراتيجيا لترويج سوقها الرابحة دائما بتجهيزه بكافة الخدمات العامة وغيرها وهو النمط السائد للسياحة الجماهيرية على المستوى العلمي الا ان المسئولين عن السياحة وكذلك المستثمرون في المحافظة تناسوا البحر وما وراء البحر وكأن الامر لا يعنيهم.
واضاف أننا لانشك في صدق نية المعنيين المخلصين بالبرامج السياحية في حرصهم على استغلال هذه المواقع في تنشيط الجانب السياحي لكي تبدو المحافظة في كامل زينتها ولكن الامر لايقف عند النية او صدقها فحسب بل ان العمل على تفعيلها من الضروريات الملحة التي تفرض علينا جميعا العمل على تصحيح مسار هذه الثروات الطبيعية ووضعها امام المستثمر الحقيقي لتأخذ مكانها الطبيعي ومواكبة استراتيجية المحافظة في كافة المجالات.
جبل القارة معلم سياحي مهمل