شهدت سوق القرطاسية والمكتبات نشاطاً كبيراً خلال فترة الامتحانات للفصل الدراسي الأول من السنة الدراسية الجارية. ولاشك أن حركة المبيعات في هذه السوق ترتفع خلال الفترة نفسها من كل عام وتتزايد، إلا أن الموسم الأخير لوحظ فيه تزايد المبيعات بسبب طول الموسم الدراسي - الجامعي بوجه خاص- وذلك نتيجة للاختبارات الشهرية القصيرة. وعلى الرغم من التخفضيات والأسعار الخاصة التي تقدمها هذه القرطاسيات والمكتبات ومحلات الورقيات، إلا أنها حققت أرباحاً خيالية، حيث تباع العشر ورقات بريال واحد في منافسة حادة مع الأشرطة الممغنطة (ديسك أو c.d)، ومع طريقة أخرى ثم استحداثها بين الطلبة حيث يتم تبادل المذكرات عن طريق البريد الإلكتروني مما أسهم في تخفيف الضغط إلى حد ما على هذه المحلات. وقد لاحظت أن القرطاسيات أو مراكز خدمة الطالب أصبحت تقدم أكثر من مذكرة لأكثر من أستاذ وأكثر من طالب في المادة الدراسية الواحدة. وقد يندهش القارئ عندما أقول لأكثر من طالب، وبالفعل هذه هي الحقيقة فقد أصبح عدد من الطلاب يشاركون في إعداد هذه المذكرات والقيام بعمل ملخصات للكثير من المواد وتقديمها للقرطاسية والمكتبات لبيعها. والذي يحدث أن أي ملخص يصل للمكتبة تحتفظ به وتعرضه على أي طالب يطلب معلومات أو ملخصات في أي مادة، وفي كثير من الأحيان يسأل صاحب المكتبة أو القرطاسية زبائنه عن اسم مدرس المادة ليقدم لهم مذكرات أو ملخصات الطلاب الذين درسوا على يديه! واللافت للنظر أن بعض المدرسين- في الجامعة أو في المدارس- يقوم بالاتفاق مع بعض مراكز خدمة الطالب، على تزويده بالمذكرات في كل فصل دراسي، مقابل نسبة مالية من عائدات بيع المذكرات ولذلك نجد أن بعض المذاكرات لا توجد أو تتوافر إلا في مكتبات معينة، أو في مراكز لخدمة الطالب بعينها دون غيرها من المكتبات أو القرطاسيات أو مراكز خدمة الطالب، بل أن بعض مدرسي الجامعة- أو المدرسة- يفرض على تلاميذه أو طلابه شراء كتابة المطبوع أو المنسوخ ( المصور) من مكتبة أو قرطاسية بعينها، ويطلب من الطالب أو التلميذ أن يثبت له ذلك، حتى يمنحه الدرجة التي يستحقها في الامتحان. ويقوم المدرس في بعض الحالات- بتقديم كشف للمكتبة أو مركز خدمة الطالب أو القرطاسية يتضمن أسماء جميع طلابه، بحيث يقوم الطالب بالتوقيع أمام الخانة التي وضع فيها اسمه ورقمه الجامعي عند شراء الكتاب أو المذكرة، وإذا لم يوجد توقيع الطالب في هذا الكشف، فإنه يكون مهدداًُ بالخصم من درجاته.وقد تطورت هذه المعايير التجارية الجديدة التي باتت تفرض نفسها على الكتب الدراسية في سوق القرطاسية- ودخلها الطلاب أنفسهم، خاصة المتفوقين دراسياً والذين يتمتعون بمهارات معينة منها القدرة على تلخيص الكتب الدراسية، إذ يقوم هؤلاء بتقديم مذكراتهم وملخصاتهم إلى القرطاسية، وقد حققت هذه الملخصات رواجاً كبيراً وحقق بعضها عوائد مالية كبيرة جعت بعض أصحاب القرطاسية ومراكز خدمة الطالب إلى الاتفاق معهم على إعداد مذكرات وملخصات للعديد من المواد بدلاً من المدرسين وفي مقابل عائد مجز للطالب، وفي الوقت نفسه أقل مما يحصل عليه المدرس. والمحصلة النهائية لهذه التطورات في سوق الكتب والملازم والمذكرات الدراسية، هي زيادة تكاليف المذكرات التي أصبحت ترهق جيوب الطلاب وعوائلهم، وتخضعهم أسرى لطمع وجشع أصحاب هذه المحلات، فضلاً عن عناء البحث عن المذكرات الدراسية التي لم تعد متوافرة في جميع المحلات- وفقاً لمنطق بيع أي سلعة- وإنما أصبحت خاضعة لنوع من الاحتكار، حيث تحتكر كل مكتبة أو قرطاسية المذكرة الخاصة بمادة بعينها! بل أن بعض مراكز خدمة الطالب التابعة لبعض الكليات لا توجد بها مذكرات لأساتذة هذه الكلية أو تلك ومدرسيها، حيث يقوم بعضهم بتسويق هذه المذكرات أو الكتب من خلال القرطاسيات نظراً لوجود عائد مالي أكبر من العائد الذي تقدمه له المكتبة التابعة للكلية. هل يمكن أن تتدخل الجهات المسؤولة عن الكتاب في وزارة التعليم العالي ووزارة المعارف لحل هذه المشكلة والتخفيف من معاناة الطلاب والتلاميذ؟ أن بعض الطلاب يقترح " تعميم" المذكرات الدراسية على مواقع جامعية بشبكة الإنترنت، بحيث يتمكن الطلاب من نسخها إلكترونياً وتبادلها عن طريق البريد الإلكتروني. وهذه هي إحدى الوسائل المقترحة لمواجهة الواقع الجديد في سوق القرطاسية. ولكن لاشك أن هناك الكثير من الوسائل التي يمكن أن تعالج بها الجهات المسؤولة متغيرات هذه السوق..
@@ عيد الحارثي - جدة