أخبار متعلقة
يفجر يوسف المحيميد القاص والروائي المتميز في حواره مع (اليوم) الثقافي اكثر من قضية ومفاجأة اذ ينفي شاعريته رغم ماحظيت به نصوصه التي ضمنها ديوانه (لابد ان احدا حرك الكراسة) من نقد في صحفنا المحلية ويتشبث بكونه قاصا وروائيا مارس التجريب في اعماله التي طرحها كما ابدى تحفظه حول مايطرح من نتاج روائي مصحوبا بتعاضد من بعض نقادنا الذين لم ينجحوا كما يرى المحيميد رغم جهدهم النظري في بعض الحقول فتعالوا الى تفاصيل حوارنا هذا..
@ بدأت مشوارك الادبي قاصا بل عدك البعض كاتب قصة مقاربا لها بشفافية لغوية وحساسية شعرية ملفته الا انك انتقلت سريعا من القص الى الشعر واصدرت (لابد ان احدا حرك الكراسة) ثم اتجهت الى الرواية واصدرت روايتك (لغط موتى) كيف يرى المحيميد هذا التنقل من فن لاخر؟ هل خدمك؟ ثم الا تتفق مع البعض ان بروز كاتب في فن مالا يعني بالضرورة نجاحه في الاخر؟
ـ ربما يقع الكاتب احيانا في تفسيرات الغير وتصنيفاتهم بعيدا عما يريد لذا كان تعريف دار الجديد في بيروت لي كشاعر اجتهادا في غير محله فانا لست شاعرا حتى لو صنفت ضمن شعراء قصيدة النثر صحيح انني متذوق لهذا النوع من الشعر وقارئ متمرس لهذا النوع كما اظن الا انني قاص وروائي بالدرجة الاولى وقد كتبت نصوص (لابد ان احدا حرك الكراسة) بنية القص ولم اكتبها بنية الشعر ولو كنت اضمر نية كتابتها شعريا فتأكد انني سأكتبها بشكل اخر وربما النصوص التي كتبتها في زاويتي الفوتوغرافية (فصاء البصر) اقرب الى كون بعضها شعرا مما كان في نصوص الكراسة.
@ مارست التجريب في ديوانك (لابد ان احدا حرك الكراسة) ورغم تميز الديوان فنيا الا انه كان ملتبسا بجاذبية الحكي ومثقلا بالقص وهو ماعطل حسب رؤية النقاد تدفقه الشعري وضعف تأثيره الجمالي هل تتفق معهم فيما رأوه؟ وكيف تقيم تلك التجربة؟
ـ كما قلت لك نصوص الكراسة كتبتها بنية القص ولعلك تلاحظ النصوص الاخيرة فيها كنص رأس وخرزة وغيرها اعذرني لا اتذكر عناوين النصوص اذ لا املك نسخة منها الان ولكن هي نصوص اقرب الى القص التجريبي المزدان بقناديل الشعر المتوج باطراف الشعر اما مسألة تأثيره الجمالي فلا اتفق مع ذلك ابدا لان التأثير الجمالي يمكن ان يتحقق بعيدا عن نوع الجنس الادبي فيمكن ان تحقق رواية مثل الحمامة لزوسكيند اثرا جماليا وفلسفيا اكبر مما تحققه قصيدة رديئة وكذلك كثير من نصوص بورخيس او كونديرا وغيرهم اما تجربتي في لابد ان احدا حرك الكراسة فهي تمثل جزءا ضئيلا جدا من نصوص كتبتها انذاك اي خلال مطلع التسعينيات الميلادية وحتى منتصفها تقريبا وهي فترة توجتها باللغة الشعرية العالية في الزاوية الفوتوغرافية فضاء البصر التي كنت اكتبها في جريدة الرياض كل خميس.
@ مع بداية التسعينات لوحظ تمدد افقي بالنسبة لمشهدنا الثقافي بصدور روايات عديدة, كيف ترى تلك الظاهرة؟ هل تعدها صحية؟
ـ اظن انها ظاهرة صحية ومفرحة في كل الاحوال فلماذا قبل سنوات كنا نشعر بالسخط حين لانجد رواية محلية لدرجة اننا ظننا انها لا تكتب في مناخات كتلك التي نعيش فيها وحين تكاثرت الروايات خصوصا لدى جيل التسعينات بدأنا نضع علامات الاستفهام والتقليل والتشكيك؟ طبعا لا يخفى على المتابع ان الرواية على كثرة كتابها ستمنح فرصة الفرز لاحقا وستبقى الروايات المتميزة فنيا بينما سيهمل التاريخ والقراء ماعداها لذلك اتمنى ان تنشر الكثير من الروايات التي سيظهر فيها الرديء والجيد ربما حتى بالنسبة للروائى الواحد سيظهر له عمل روائي لافت واخر ردئ.
@ محمد حسن علوان روائي عشريني اثار النقع بروايته الاولى (سقف الكفاية) حيث عدها الناقد معجب الزهراني رواية ذات ملامح عبقرية فيما رآها الدكتور عبدالله الغذامي نصا تجاوزيا فعلا على مستوى الكتابة الروائيةالسعودية خلاف الدراسات الاخرى التي حظيت بها كيف وجدت انت هذه الرواية؟ وبم تفسر هذا الاندفاع من اسماء لها حضورها الفاعل في مشهدنا المحلي؟ في حين ان هناك روايات اخرى لم يلتفت لها؟ بكل اسف لم اقرأ الرواية بعد رغم انني اطلعت على مقاطع منها منتقاة وضعها الشاعر علوان في موقعة بالانترنت ومن قراءتي لهذه المقاطع لم اجد مايلفت انتباهي اطلاقا وهي مقاطع عادية لا تمتلك حتى لغة شعرية متفوقة ورغم ذلك اتمنى ان لا يحسب ذلك رأيا حول الرواية لسبب بسيط وهو انني لم اقرأها بعد اما الاندفاع تجاه عمل واهمال غيره فأرى ذلك امرا طبيعيا جدا وهو الاندفاع تبعا للذائقة العامة وذلك يشبه الى حد ما الاندفاع وراء روايات احلام مستغانيمي رغم ضعفها فنيا وسطحية رؤاها في مقابل اهمال تجربة لافتة ومهمة للغاية كتجربة الروائية هدى بركات في رواياتها الثلاث حجر الضحك واهل الهوى وحارث المياه وحول مسألة اندفاع اسماء نقدية لها حضورها الفاعل في المشهد النقدي المحلي كما اشار السؤال فانني اود ان اشير الى اهمية الفرز في مسألة من يكتب نقدا ادبيا لافتا ومؤثرا ومن يمتلك ذائقة تضاف الى البعد النظري الذي لديه وبين ممن يشتغلون على النظرية والنقد الثقافي مثلا فليس بالضرورة من يكرس عمله في النظرية والنقد الثقافي يكون قادرا على النقد الادبي او ان ذائقته الادبية تسعفه ليكتب نقدا ادبيا تطبيقيا متجاوزا وليس بالضرورة ايضا ان من يكتب نقدا ادبيا متجاوزا ان يكون متمكن تنظيريا اي ان يملك رؤية خاصة في النظرية النقدية.
@ ايضا ماذا عن رواية ابو دهمان التي قوبلت بعاصفة من الترحيب وهي لم تزل في نسختها الفرنسية؟ هذه الشهادات الا ترى انها مضللة الى حد ما؟
ـ بكل امانة ايضا لم اقرأ رواية الحزام بعد في نسختها العربية لذلك لا تنتظر مني رأيا انطباعيا فهيا ولكن كما اثرت انت في سؤالك ثمة استعجال وكسل وربما فرح بروائي سعودي يكتب بالفرنسية وقد يكون نجح الصديق ابو دهمان بتقديم قرية جبلية بفضاءات تعد غرائبية بالنسبة لحضارة اخرى وهو ما تفعله حنان الشيخ والطاهر بنجلون وغيرهما وهو مايسمى بالاكزوتيك ولكن لدينا نحن مايشبه ذائقة القطيع بما ان هؤلاء ذاهبون الى الحفلة فلأذهب انا معهم وهل سأكون انا اعرف منهم بما تحتوي عليه الحفلة؟ هكذا هي الذهنية العامة التي لم تخلف سوى ذائقة عامة ذائقة كسولة ومشوهة.
@ روايتك (لغط موتى) قوبلت باستياء من البعض (نادي القصة في جدة مثلا) ورأيا اخر للروائي والقاص محمود تراوري الذي راك قد وقعت في مازق كتابي يتمثل في الفاصل الحاد بين العمل المسرحي والكتابة الروائية خلاف ظهور شخصيات مبهمة هامشية تقف على اطراف العمل بلا مبرر فني مثل شخصية (الحجازية الشريدة) كيف ترى تلك الدراسات؟ ولماذا لم تتقبل قراءة نادي القصة بجدة لها؟
ـ رواية (لغط موتى) حظيت بالمقابل باهتمام نقدي اخر خارج اسوار نادي قصة جدة بل حتى ضمن مجموعة اعضاء النادي هناك من رأى فيها عملا متميزا المشكلة ياصديقي فيمن يحجب رأيا ويقدم الاخر من الصحفيين اما ماطرحه الصديق القاص محمود تراوري فهو رؤية جميلة للعمل وان اختلفت معه قليلا في بعض المسائل خصوصا نظرته تجاه المونولوج والحوار الداخلي اذ كثير من الروايات الاجنبية لعبت على هذا المسلك الفني اما وجود شخصيات هامشية فاظن ان من الصعب ان تكون كل الشخصيات رئيسية وما طرحته (لغط موتى) ايضا على مستوى اخر هو هذا الشجار واللغط حول امتلاك زمام الحكي والسرد ورغبة الشخصيات في الظهور معا وفي الوقت ذاته وهذا امر مستحيل لتجد ان شخصية ما اغوت السارد او الراوي بينما اهمل ماسواها بان جعلها على اطراف النص ولعل مايحسب للرواية كجنس ادبي قدرته على استيعاب جميع الفنون بمعنى الاستفادة من السرد والشعر والمسرح والحكاية والدراما والتاريخ والتحليل النفسي والفلسفي وغيره فلماذا نحشر الرواية فيما يكتبه مثلا نجيب محفوظ ونسلبها من سواه كادوار الخراط وصنع الله ابراهيم ومحمد البساطي وغيرهم الا نشعر بجمال الرواية التي يكتبها هنري ميللر بواقعيتها واستورياس بفجائعيتها وماركيز بغرائبيتها كما ندهش تماما بما انجزه غوستاين غاردر وامبرتو ايكو وباتريك زوسكيند ولاطرح لك مثالا على مستوى الرواية البرازيلية او الايطالية فتجد ان البرازيل لم تتوقف عند عظمة جورج امادو مثلا اذ تتالت دهشة القارئ مع باولو كويلهو في ايطاليا لم تتوقف الرواية الايطالية عند البرتو مورافيا بل ان ايتالو كافينو وامبرتو ايكو حققا شيئا رائعا للرواية الايطالية وللعالم ولم ينقص ذلك من مورافيا في ايطاليا ولا من امادو في البرازيل ما اردت قوله ان الابداع متعدد فيجب ان نؤمن ونطالب بالتعدد في مناطق الكتابة الروائية كما يطالب العالم بتعددية الرؤى والافكار.
@ في مقالة غاضبة وحادة بعنوان (ليس غريبا ان يأخذ العقوق شكل الفاجعة.. وانما ان يتحول الى هاجس من التشفي) عبر الشاعر عبدالله الزيد عن استيائه من مشاركتك في المحور الذي طرح في الزميلة (الرياض) عن ثنائية الاعلامي والادبي ووصفها بنقطة الضعف الوحيدة بل انه عرض حتى باسلوبك الكتابي ووصفه بالتبذل بعد كتابتك لكلمة (طنطنة) خلاف تجنيك على شعراء السبعينات والثمانينات واخيرا عدم استيعابك للمحور المطروح حسب رأي الزيد هل تراه محقا في انفعاله؟ وهل بالفعل لست مقتنعا بتجربة ذلك الجيل من الشعراء؟
ـ يبدو انك توثق جيدا ما يكتب ضدي ولكن اشعر بالاسف انني لم اطلع على ذلك المقال الغاضب كما تصفه في سؤالك ولا اعرف اين نشر ولكن سأجيب من خلال معرفتي القديمة بالصديق الزيد وتبعا لسؤالك الذكي حول تجربة شعراء السبعينات والثمانينات بكل صدق ادهش عما يريده هؤلاء من مقالات لا تضيف شيئا اطلاقا للكتابة ولا تثريها ابدا ان لم تكن تسلبها الكثير من الوقت المهدر بجدل عقيم وفي كل الاحوال ساجيبك من خلال السؤال فحسب فان كان العقوق الذي ذكره الزيد يعني به عقوقي تجاه جيل سابق لي فما ذكرته في مشاركتي نابع من سخطي على كثير من الاسماء التي توقفت او انشغلت في مهام الحياة اليومية الرتيبة ولم تأخذ هاجس التشفي كما يظن الصديق الزيد ولكن هناك نقطة مهمة وهي ضرورة تخلصنا من مسائل الاجيال والابوة الوهمية فكلنا ندرك ان القاص هنا لم يتعلم من السباعي سرديا ولا الشاعر هنا تتلمذ على محمد حسن عواد فالعالم اصبح منفتحا بشكل مذهل اذ القاص الشاب هنا يقرأ ما يكتبه ماركيز وبوخيس واو هنري وخوان رولفو وياسوناري كواباتا وغيرهم اكثر مما يقرأ ليوسف المحيميد او جارالله الحميد اليس كذلك؟ فكيف افرض ابوتي على الجيل الذي سيظهر من بعدي وهو ينهل اساليب واشكال القصة القصيرة من كل انحاء العالم؟ اما اذا كانت النظرة الى ان الجيل السابق يمنح فرصة النشر لجيل جديد من القاصين والشعراء فارى ان هذا حق مشروع لهم فليس لقي فضل نشر قصة متميزة لقاص شاب في بدايته في مجلة اليمامة اذ جمال وتميز نصه يفرض ذلك علي ولو حجبته فانه سيجد نافذة لصوته في الداخل او الخارج. اما نظرتي تجاه شعر السبعينات والثمانينات فارى ان ثمة تجارب استحقت الاحتفاء واخرى رديئة لم تستحقه وحتى الان اشعر ان الاحتفاء المبالغ فيه مضر تماما كالاهمال والتجاهل الكامل لذلك مجرد ان خفت الوهج عن كثير من شعراء السبعينات انصرف معظمهم الى حياتهم اليومية الرتيبة ولم يبق منهم الا القليل انا اتساءل هنا وليجب الزيد ان كان يملك الاجابة اين شاعر موهوب كالصيخان؟ هل حضوره الباهت الان يعادل ماكان عليه سابقا؟ انا اتساءل لاني احب تجربته وليس الني اتشفى ابدا وماذا عن اصوات مهمة ولافتة كمحمد جبر الحربي ومحمد الثبيتي؟ اليست هذه الاسماء هي اكثر الاسماء الشعرية تميزا وخصوصية انذاك؟ ماذا حققت خلال العشر سنوات الاخيرة؟ انني اتساءل فحسب وهذا ايضا ينسحب على جيل التسعينات الميلادية اين الاسماء التي ضجت بشكل مفرح وبهي خلال عام 95 و96م لم نعد نقرأ كثيرا لاحمد الملال ولابراهيم الحسين ولمحمد الدميني ولعلي العمري ولاحمد كتوعة بل اين اختفى شاعر ذو خصوصية يدعي غسان الخنيزي؟ انا هنا لا اسخر ولا اقلل ولكنني احلم ان يبقى هؤلاء على صلة بملاذهم الاول والأخير الشعر.
عبدالله الزيد
احمد ابو دهمان