اجمعت الصحف البريطانية امس على فشل واشنطن ولندن في اقناع المجتمع الدولي بتبريراتهما لشن حرب على العراق وتوقعت ان يشن البلدان حربا منفردة ضد العراق اذا قررتا تجاهل الرأي العام العالمي واعضاء مجلس الامن الذين عارضوا اللجوء للحرب بعد ان اكد مفتشو الامم المتحدة ان بغداد تبدى المزيد من التعاون.
ورأت الصحف البريطانية ان مستقبل توني بلير كرئيس وزراء بريطانيا مهدد كثيرا اذا قرر دعم العملية العسكرية الاميركية بدون موافقة مجلس الامن الدولي ولا حتى الرأي العام في بلاده.
وكتبت صحيفة الغارديان غداة التقرير الذي رفعه كبير المفتشين الدوليين امام مجلس الامن الدولي ان هانز بليكس قلب نقطة الارتكاز التي كانت اصلا متداعية للمبررات الاميركية البريطانية الداعية الى الحرب ضد العراق.
واضافت صحيفة وسط اليسار في افتتاحيتها ان تقرير بليكس زاد كثيرا في احتمال وقوع عملية اميركية منفردة تجر وراءها بريطانيا وخفض كثيرا من فرضية دعم الامم المتحدة لقرار ثان يسمح بتدخل عسكري.
واتفقت دايلي مايل (يمين) مع الغارديان على القول ان بلير بات في وضع شبيه بالكابوس حيث يعارض اغلبية البريطانيين الحرب بدون دعم الامم المتحدة حتى ان الغارديان حذرت من ان بلير اصبح مهددا بانهيار سياسي اذا قرر دعم عملية عسكرية منفردة من طرف الولايات المتحدة.
وقالت دايلي مايل ان مفتشي الاسلحة عارضوا (الرئيس الاميركي جورج) بوش واكتسحوا بلير ووسعوا الهوة القائمة مع اوروبا وشجعوا الحشود المتزايدة من الناس الذين سيتظاهرون اليوم ضد الحرب في لندن.
اما صحيفة تايمز فاعتبرت ان تقرير الدكتور بليكس لم يعيق فحسب التقدم نحو الحرب بل ترك ايضا توني بلير امام اكبر تحد لزعامته.
اما صحيفة"التايمز" اللندنية فقد رأت ان بريطانيا و الولايات المتحدة ستثابران لتنفيذ خططهما لشن الحرب ضد العراق بالرغم من أن البلدين تلقتا ضربة قوية فى مجلس الامن الدولىالليلة قبل الماضية.
واوضحت ان الادارتين البريطانية والامريكية ستقترحان اصدار قرار ثان من مجلس الامن الاسبوع القادم يمكن أن يفجر الحرب والنزاع بالرغم من قول هانز بليكس كبير مفتشى الاسلحة بأن الرئيس العراقى صدام حسين يمكن أن ينزع اسلحته دون استخدام القوة العسكرية ضده0
واكدت الصحيفة ان تقرير بليكس ليس فقط أبطأ السرعة نحو الحرب لكنه أيضا ترك تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى يواجه أكبر تحد لقيادته00وقالت ان على بلير الآن أن يقرر هل يدعم أمريكا بدون تأييد الامم المتحدة و فى هذا الموقف سيخالف كثيرا من الرأى العام البريطانى و يترك نفسه يواجه اكبر ثورة فى زمن رئاسته للحكومة البريطانية. وفى وصف ساخر لاجواء اجتماع مجلس الامن قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية لقد ابتسم الشعب الروسى والصينى واسترخى الشعب الفرنسى وتجمد الشعب البريطانى وحدق بغضب وزير الخارجية الامريكى كولين باول 0 واضافت ان الاجابة على السؤال هل يتجه العالم نحو الحرب أو السلام قد كتبت على وجوه الاعضاء الدائمين فى مجلس الامن بعد تقرير بليكس وفى تقرير آخر لها قالت صحيفة " الجارديان" ان جهود الولايات المتحدة وبريطانيا لكسب المساندة الدولية لشن الحرب على العراق كانت فى ورطة كبيرة الليلة قبل الماضية فى مواجهة تقارير مفتشى الاسلحة التابعين للامم المتحدة 0واضافت ان الدبلوماسيين الامريكيين و البريطانيين كانو يأملون نشر مسودة القرار الثانى الجديد الذى يجيز استخدام القوة العسكرية فى وقت مبكر امس ولكن بعد جلسة حاسمة وغاضبة فى مجلس الامن اظهرت الاغلبية الساحقة معارضتها لشن الحرب مما عرض تلك الاستراتيجية الى الخطر والتأجيل حتى يوم الثلاثاء القادم0وقالت ان باول تعرض للاهانة فى مجلس الامن عندما شكك هانز بليكس والدكتور محمد البرادعى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى المعلومات التى قدمها ضد العراق قبل عشرة أيام0
واكدت ان يوم الجمعة كان مدمرا لتونى بلير الذى قد ارسل أكثر من ثلاثين الف جندى الى الخليج للمشاركة فى الحرب وبعد ان قدمت الحكومة وعدا انها لن تشارك بشن حرب دون قرار من الامم المتحدة0 واوضحت ان بلير سيواجه جمهورا عدائيا عندما يتحدث فى اجتماع حزب العمال الاسكتلندى فى جلاسجو اضافة الى المعارضة العامة للحرب حيث ستشهد لندن اكبر مسيرة احتجاج0 فاذا وافق بلير على شن الحرب بدون قرار جديد فانه سيواجه باستقالات وزارية و انقسامات كبيرة فى حزب العمال الذى يتزعمه0 ومضت الصحيفة فى انتقاد الموقف البريطانى لتقول ان وزير الخارجية جاك سترو حاول كسب التأييد من اعضاء مجلس الامن ولكن كلماته سقطت على أعضاء المجلس الـ13 الآخرين كما تسقط على آذان صماء 00 فلم تحظ الولايات المتحدة وبريطانيا الا بتأييد اسبانيا فقط 0 وقالت انه فى اجتماع مجلس الامن تحدى بليكس صور الاقمار الاصطناعية لمستودع الذخيرة الذى قد ادعى وزير الخارجية الامريكى أن الناقلات العراقية كما تظهر الصور التى قدمها كانت تنظف الموقع من الاسلحة الكيميائية ولكن بليكس قال انها كانت حركة روتينية لنقل الذخيرة من الموقع0 كما نوهت بان الدكتور البرادعى عقب على الوثائق التى وجدت فى منزل العالم العراقى وقالت عنها واشنطن ولندن بانها دليل على ان العراق يحاول اخفاء الوثائق فأكد انها لاتحمل اى شيء جديد.
وخلصت الصحيفة الى ان الولايات المتحدة واجهت يوم الجمعة هزيمة دبلوماسية وان مجلس الامن الدولى يواجه الآن ازمة حقيقية وفى أسوأ الاحوال قد تقرر ادارة بوش شن الحرب بشكل انفرادي.